جامعاتنا التي تفرط في منجزها العلمي!

أكثر من أربعة آلاف كيلو متر قطعتها مسافرا الى العراق قبل ايام، باحثا وراء مصدر علمي أطارده منذ فترة طويلة ولم اعثر عليه.

المصدر هو رسالة ماجستير غير منشورة حول إحدى قرى محافظة ميسان المزالة عمدا من الخارطة، أنجزت تلك الرسالة مطلع الثمانينات من القرن الماضي. اعرف موضوع الرسالة، عنوانها، صاحب الرسالة، والمشرفين عليه، ولكن لم استطع التأكد بشكل دقيق حينها الى اي الجامعات العراقية قدمت، وبعد المرور على بعض الجامعات في وسط وجنوب العراق ومن خلال مجموعة من القرائن عرفت ان الرسالة مقدمة إلى جامعة بغداد، لكن لم اتأكد بشكل قطعي بعد.

قصدت جامعة بغداد في \”الجادرية\”، وفي مكتبتها المركزية قيل لي: إن عليّ الذهاب الى منطقة \”باب المعظّم\” فهناك المكتبة المركزية للجامعة المعنية بالعلوم الانسانية، ذهبت الى هناك، اعطيت التفاصيل عنها للموظف المعني فلم يتم العثور عليها في الكومبيوتر.

اعرف أن الدقة غير متوفرة في معظم دوائر الدولة بما في ذلك المراكز التعليمية الأكاديمية، فطلبت البحث عنها بين ركام الأطروحات الورقية، رد طلبي باعتبار ان هناك صيانة في المكان، وكما هي العادة \”السيئة\” قصدت مدير المكتبة المركزية في امل ان يشفع لي بالبحث عن ذلك المصدر، الرجل لم يلبّ الطلب، ولكنه نصحني بالذهاب الى موظف آخر من اجل البحث في أرشيف بطاقات الأطروحات، وبعد البحث لم يتم العثور على شيء وكأن جميع المعطيات تؤكد بان تلك الأطروحة ليست مقدمة الى جامعة بغداد على الاطلاق!.

بقيت محاولة اخيرة تفصلني عن اليأس، هي \”دار الكتب والوثائق الوطنية\” ربما توجد هناك، نعم فيها ارشيف كبير لكني اعرف ان جزءا كبيرا منها تعرّض للتلف والضياع، ذهبت الى هناك ومن حسن الحظ فقد وجدت تلك الاطروحة، انها من القليل الذي سلم من التلف والضياع، قبل كل شيء تولد لدي فضول كبير ان اعرف على وجه الدقة الى اي من الجامعات قد قدمت تلك الاطروحة؟! فتبين انها مقدمة لجامعة بغداد قسم الاجتماع! ذلك القسم الذي بحثت فيه كثيرا ولم اعثر عليها! رغم انها وغيرها من الاطروحات بمثابة رصيد ثمين يرفع من شأن الجامعة ويعزز رصيدها العلمي!

هل هي معادلة صعبة ان يتحقق المعنيون بالمكتبات المركزية في جامعة بغداد وغيرها من الجامعات العراقية مما فقدوه من اطروحات ويستعيدوا ما يتم العثور عليه منها؟!

هل خيار المكتبة الوطنية والبحث عن كل ما يتعلق بجامعة بغداد واستعادته مستحيل وغير قابل للتحقق؟!

لقد خرجت من المكتبة المركزية لجامعة بغداد وقد افهمت بشكل او بآخر بأن معلومتي مغلوطة وانه علي البحث في جامعة اخرى! لكني ما ان خرجت من دار الكتب والوثائق الوطنية انتابني شعور بمعاناة الكثير من الباحثين الذين طرقوا ابواب جامعاتنا ومكتباتها الخاوية وباءت محاولاتهم بالفشل!

هل يعقل ان تبقى اكثر المراكز الاكاديمية اهمية مترهلة الى هذا الحد؟! أليس حريّا بجامعة بغداد ان يكون لها ارشيف يتجاوز بكثير ما فيها من اطروحات؟!

هل تعلم جامعاتنا ان بقية الجامعات تقوم بأرشفة كل ما يطبع ويذاع في وسائل الاعلام فضلا عن ارشفتها لجميع نشاطاتها العلمية والفنية!!

gamalksn@hotmail.com  

إقرأ أيضا