(جيروزاليم بوست) الاسرائيلية: لماذا تريد إيران ضم الشمال العراقي؟

  تترجم “العالم الجديد” نصا

  تترجم “العالم الجديد” نصا.. تقريرا لصحفي اسرائيلي منشور في صحيفة “جيروزاليم بوست” حول الوضع العراقي والحرب الدائرة ضد تنظيم داعش في الموصل وحولها من مناطق شمال وغرب العراق، ولكي تضع القارئ الكريم في صورة الخطاب السياسي الاسرائيلي حول العراق، فانها تبقي على المعلومات والمفردات والمصطلحات التي استخدمتها الصحيفة كما هي على الرغم من التحفظ على كثير مما جاء فيها.                                                                                                                 أسرة التحرير  

حين تدخل الى مخيمات اللاجئين في حمام العليل شمال العراق، ستشاهد ما لا تتوقعه، فبدلاً من الترحيب بالمدنيين الهاربين من القتال، يتعرض هؤلاء في نقاط التفتيش التي تسيطر عليها الفصائل الشيعية الى استجوابات خوفاً من تدفق مسلحي داعش بين صفوفهم.  

يفحص المقاتلون الشيعة بدقة وحذر شديدين سيارات الهاربين من جحيم داعش، وهم يرتدون أقنعة رياضية مزخرفة مرسوما عليها جماجم بيضاء. في تلك الأحياء التي تسيطر عليها الفصائل الشيعية، تكثر الأعلام وصور الإمام الحسين، وهو شخصية مؤثرة في العالم الاسلامي، نظراً لنضاله في الدفاع عن فكرة الاسلام ضد الطغاة.   المدنيون السنة في شمال العراق وبعدما حلّ بهم، يبدون محطمين ومكسورين، فهم يعتقدون أن جماعات مسلحة شيعية تسيطر على اراضيهم. وفي بعض الأحيان يذّكر هذا المشهد بالحرب العالمية الثانية حينما اجتاح الجيش الأحمر المانيا.   وكان المجتمع السني في عام 2014، رحب بتنظيم داعش الارهابي، هذا التنظيم الذي ارتكب بحق المرحبين جرائم لا توصف، بيع الايزيديات، وحرق الناس، وذبح الابرياء وجلد ممن لم يتلزم بتعاليم وأحكام هذا التنظيم.  

في المقابل، يقول مسؤولو تلك الفصائل الشيعية، انهم السلطة الجديدة، وهذا واضح في نقاط التفتيش، فهم ليسوا الوجه الناعم الذي مثله الحسين في قضيته. بل تعدى الوضع لرفع ملصقات وصور للمرشد الاعلى لايران علي خامنئي.   ايران في العراق؟. سؤال يؤرق المجتمع السني العراقي، وهذا السؤال متداول بين السكان المحليين، حيث هل ستبقى ايران طويلاً في مناطقنا؟. هكذا يتساءل السنة العراقيون في الموصل من الذين تمكنوا من الهرب.   في محادثات مع مسؤولين وخبراء وأكاديميين في شمال العراق وتحديداً بمنطقة الحكم الذاتي، أعرب كثيرون عن قلقهم مما اسموه، انتهاء مرحلة تنظيم داعش، لتأتي ايران لتثبت فكرتها التي تُعرف باسم “الهلال الشيعي” الممتد من طهران الى البحر المتوسط عبر سوريا.   على مدى السنوات الماضية، كانت هذه الفكرة الايرانية مطروحة لكنها بعيدة المنال. اذن، لماذا تحتاج ايران الى ممر ارضي في حين أنها قادرة على تسيير طائراتها مباشرة من طهران الى دمشق؟   ما هو على المحك بالنسبة لإيران في شمال العراق، انها قد لا تحتاج الى ممرٍ ارضيٍ، لكن الحاجة الإستراتيجية والنفوذ، يزيدان من رغبتها في التواجد الدائم للجماعات الداعمة لها في تلك المناطق الشمالية العراقية.  

ايران لاعب قوي وذكي جداً بالمنطقة، ولفهم هذا أكثر، فهي تريد التواجد بالقلب السني العراقي الممتد من الشمال وشمال الغرب حتى بغداد، فهذا المكان الذي لطالما جنّد منه صدام حسين جنود وضباط الحرس الجمهوري، الجهاز الأمني الذي خاض حرباً ضد ايران في ثمانينات القرن الماضي.   كما لهذا المكان الجغرافي خضع لتجربة صدام حسين وهي التطهير العرقي والتعريب وإغراق الاكراد بمتاهات وتدمير الآف القرى الكردية والايزيدية ومصادرة اراضيهم، فضلاً عن المسيحيين الذين نُهبت ممتلكاتهم واعطيت لعرب سنة موالين لصدام.  

بعد عام 2003، انعكس الوضع فجأة، فكان العرب السنة من طائفة حاكمة للعراق، الى اقلية فيه، ليكتسب مقابل هذا، الاكراد هامشاً من الحرية، وظهور الاحزاب الشيعية الذين كان قياديوها منفيين في ايران.   في عام 2014، ظهر تنظيم داعش وأسقطت مدينة الموصل، في الفترة التي اقتربت ايران من ذروة سيطرتها على العراق.  

نظر الايرانيون الى الاكراد في السنوات السابقة، كمهددين لسياستهم تجاه بغداد. وتشير مخاوف الاكراد الى ان اهداف ايران في العراق كانت السيطرة على جبل سنجار، هذه البقعة القريبة من الحدود مع سوريا التي هرب الايزيديون اليها بعد ملاحقة تنظيم داعش لهم.   انضم الايزيديون الى وحدات مقاومة مسلحة متحالفة مع حزب العمال الكردستاني ووحدات سورية ايضاً، لم تكن هناك فصائل شيعية موالية لايران، إلا ان تلك الفصائل اشتبكت مع وحدات البيشمركة الكردية بتأييد ايراني.   تعتبر منطقة سنجار إستراتيجية، ففي ثمانينات القرن الماضي، اعتبرها صدام حسين البقعة الارضية التي سيطلق من خلالها صواريخه نحو اسرائيل، فضلاً عن تخزينه صواريخ سكود فيها.   قبل عام 2014، كانت تلك المنطقة نقطة عبور رئيسية للمتمردين والانتحاريين الارهابيين المسافرين من سوريا الى العراق لدعم عمليات التمرد المسلح ضد الجيش الامريكي والحكومة المركزية، حيث شكل هؤلاء المتمردون المعروفون باسم الجهاديين، نواة تنظيم داعش الذي نفذ ابادة جماعية في سنجار بحق الايزيديين.  

الفصائل الشيعية المسلحة المتحالفة مع ايران، تتواجد في المناطق المحيطة بالموصل، بما في ذلك تلعفر. فحين يُهزم تنظيم داعش، ستسعى ايران الى توسيع نفوذها على طول الطريق الواصل الى الحدود السورية.   مارتن تشولوڤ، صحفي من جريدة الغارديان البريطانية كتب تحقيقاً في العام الماضي قال فيه إن “ايران أصبحت الآن الاقرب من اي وقت مضى، لتأمين الممر الارضي الذي من شأنه أن يرسخ وجودها في المنطقة”.   التهديد الحقيقي هو القوة القادمة ببطء من ايران الى العراق الى تلك المناطق السنية، وسط معارضة سنية فوضوية وغير فعالة ومتطرفة والتي ساعد تطرّفها على ظهور تنظيمات متشددة، لذلك تجد ايران فرص الوجود الشيعي في تلك المناطق مبرراً لها.   المصدر: جيروزاليم بوست

أحمد علاء
أحمد علاء
   

إقرأ أيضا