السلطة والمثقف.. حوار سابق مع رئيس الوزراء ينشر لأول مرة

تنشر “العالم الجديد” لأول مرة

تنشر “العالم الجديد” لأول مرة.. حوارا إلكترونيا جريئا أجراه الفنان والمسرحي العراقي فاروق صبري على مراحل متباعدة مع رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي بدءا من 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 يوم كان مجرد نائب في البرلمان العراقي عن كتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وحتى تسنمه منصب رئيس الوزراء.

 

الحوار مس جوهر السلوكيات التي تحكم حملة الاسلام السياسي الذي يمسك بالسلطة لا في العراق فحسب، بل في عدد من البلدان العربية الأخرى، وحرصا من الصحيفة على الحفاظ على روح الحوار والطريقة التي نشأ فيها، فانها تنشره كما هو دون تحرير أو حذف أو ترتيب لبعض المفردات والمصطلحات التي لا تتبناها:

 

 

فاروق صبري: إذا كان صدام حسين قد خرّب العراق بحروبه البليدة فأنتم الدعويون والبدريون والمجلسيون وكل خريجي قم والذين هم الوجه الاخر للضاري والقاعديين والوهابيين الظلاميين، أنتم تنتصرون في غلق النوادي وتخريب البقية الباقية من أماكن الثقافة والابداع في وقت ترسخون الخراب الصدامي بالفساد والسرقات وتعويم الشباب العراقي بالتخلف والترياق الايراني.. هذا رأي حشد كبير من العراقيين وخاصة المتواجدين في الداخل فكيف تردون عليه؟ ومتى تنتبهون بأن العراق سائر نحو فجائع وخرائب وويلات وظلمات لا يمكن العودة منها؟

 

العبادي: أهلا ومرحبا أخ فاروق.. نعم لابد من الوعي والحذر والتخطيط لاخراج البلاد مما هي فيه لوضع أفضل، ومع ان الاوضاع تحسنت كثيرا عما كانت عليه وعبرنا مخاوف الحرب الاهلية التي ارادها الاعداء لنا، إلا انه لا زالت هناك مخاطر وتحديات علينا مواجهتها.

 

فاروق صبري: فرح في زمن لا فرح فيه وفي غربة قاحلة مازالت تأكل روحي.. نعم فرح بردّك السريع يا عزيزي حيدر العبادي، وهذا يدل على إحساسك بالمسؤولية، والحقيقة عندي العديد من التساؤلات وهي ليست لي انها تموج في الوسط الثقافي داخل الوطن وخارجه، تساؤلات أتمنى طرحها ولا أعرف مدى وسع صدرك وحماسك للاجابة عليها من دون رتوش او تبرير للاوضاع، تلك التساؤلات موجودة في العديد من كتابات المثقفين المبدعين وأقوله مبدعين حتى نميّز بين كتّب العرضحالجية وبين من تنكوي روحه بجحيم العراق، فهل أنت مستعد لاستقبال تلك التساؤلات والاجابة عليه.. فاروق صبري مسرحي

 

العبادي: نعم بالتأكيد انا مستعد لاستقبال تلك التساؤلات واعد باجابة ما اتمكن عليه وما اعرفه واعذرني من اجابة ما لا اعرفه.

 

فاروق صبري: سأبدأ من علاقة (حكومة دولة القانون) بالمشهد الثقافي: لماذا كل هذا التهميش لدور المثقف والثقافة المبدعة، لماذا كل هذه المحاولات في إنتاج (ثقافة) صوت واحد تنتمي أو تنبع أو مرجعيتها طائفة ما وهي بذلك لا تختلف عن (ثقافة) أنتجتها ماكنة المعدوم بذلة صدام حسين خلال أكثر من نصف قرن؟

 

العبادي: لا الحكومة ليست حكومة دولة القانون، وانما يرأسها مرشح دولة القانون، ودولة القانون لا تملك الأكثرية فيها، وليست من متبنيات دولة القانون، ولا حزب الدعوة فرض لون واحد، بل منهجنا كان دائما قبول تعدد الالوان والتعايش معه كواقع حتى لو اختلفنا معه في المتبنيات.

 

فاروق صبري: إذن كيف تفسر تخريب مهرجان بابل، بل اغتياله، لا تقل لي انه جاء وفق إرادة البابليين وتقاليدهم الاجتماعية ومعتقداتهم الاسلامية (الطائفية)، فهذا أمر لا تقتنع به أنت نفسك ولا تبرر هذا الأمر بأنه قرار محافظة هذا اولا، أما ثانيا كيف تبرر اقتحام قوات عمليات بغداد لمبنى اتحاد الادباء وسبقه تحجيم دور الاتحاد وإلغاء ناديه ونشاطاته وفرض نشاطات دينية شيعية فيه ومحاصرة ادارته المنتخبة من قبل الأدباء وثالثا وليس اخير هل تحويل الفضائية العراقية إلى منبر من منابر اللطم والترويج لطائفة ما حتى الصلاة فيها ان تعرفها بالاضافة الى برامجها ومنتسبيها الذين لايخرجون عن اطار الطائفة وهناك مواقف كثيرة ربما تعرفها تدلل على أقول وأقول بصدق انني فرح مرة اخرى لاستجابتك الرائعة.

 

العبادي: أعتذر عن موضوع بابل لان ليس لي اطلاع على الحيثيات الداخلية وانما اطلاعي عام وهو لا يفي بالغرض وفي قرارة نفسي عندما سمعت بالخبر لم اكن مرتاحا لهذا التدخل وفيما يتعلق باتحاد الادباء فحسب فهمي ان هناك قضية قانونية وليست ثقافية اما الفضائية العراقية وهذا ينطبق على كثير من المؤسسات الاعلامية وغيرها ان الاشخاص يعكسون انتمائهم فيها في حين انهم يجب ان يعكسوا الجاني المهني مع احترامي للانتماءات الدينية لهذا وذاك.

 

فاروق صبري: عيوني اجاباتك الودودة وضعتني في موقع وكأنني صحفي أمام أحد الدبلوماسيين وطبعا اوروبي وليس عراقيا، فآمل منك مثلما احلم أن يكون حوارنا صافيا وجسورا ومتفردا وأنا متيقن من أنك هكذا لذلك اقول كيف تقنعني بما قلت ولم يصدر من رئاسة الوزراء او الدعوة اي رد فعل او موقف تجاه بابل أو الاتحاد او كيفية تسيير الفضائية العراقية بطريقة لا تبدو غير كونها شيعية وبصورة فيها الكثير من المغالاة والتخلف ، فقط رجاء ارجع لبرامج ويوميات هذه الفضائية.

العبادي: هناك اخطاء كثيرة في الدولة بعضها بسبب القصور والاخر بسبب التقصير فليس من المعقول ان ننتقد كل ما يحصل وما لا ينسجم مع طموحنا بل علينا ايجاد الطرق والحلول الكفيلة بتقليص هذه الاخطاء ولا ادعي باننا لا اخطاء بينا ففينا القاصر والمقصر كذلك وللاسف ان بعض الناس رغم مبدأيتها الا انها تنزلق في احيان نحو مكنونها الطائفي او العرقي تأثرا بالجو المحيط بها ولكن مع ذلك يجب ان نحرص ان يكون خطها العام باتجاه التعالي على الجانب الغريزي في الانتماء.

 

فاروق صبري: أولا آسف لعدم تواصلي البارحة معك مع أن الحديث كان بيننا ممتعا ومفيدا ثانيا عزيزي لم تجب بشكل واضح على تساؤلاتي: لماذا لم يصدر من رئاسة الوزراء او الدعوة اية رد فعل او موقف تجاه بابل أو الاتحاد او كيفية تسيير الفضائية العراقية بطريقة لا تبدو غيركونها شيعية وبصورة فيها الكثير من المغالاة والتخلف!!؟؟ أمل أن يكون جوابك بعيدا عن العموميات كي أبدا بطرح تساؤلات أكثر سخونة ولك محبتي وتقديري.

 

العبادي: لقد اجبتك اخي العزيز وقلت (هناك اخطاء كثيرة في الدولة بعضها بسبب القصور والاخر بسبب التقصير فليس من المعقول ان ننتقد كل ما يحصل وكل ما لا ينسجم مع طموحنا، بل علينا ايجاد الطرق والحلول الكفيلة بتقليص هذه الاخطاء)

 

فاروق صبري: زين يا عزيزنا (الاخطاء) التي ارتكبت بحق الادباء من قبل المحافظ شخصياً لماذا لا تصلح؟ الا يستطيع العزيز ابو اسراء (المالكي)، كونه رئيسا للوزراء إصدار أوامر حول هذا الأمر، تعرف لو حدث مثل هذا ستضربون مثلا أعلى في علاقتكم مع الوسط الثقافي وفي ترسيخ مسيرة ديمقراطية على الأرض لا في الشعارات، أليس كذلك؟

 

العبادي: نعم لو استطاع رئيس الوزراء ذلك ولكن هل له الصلاحية فكما تعرف ان المحافظ له السلطة في المحافظة ومن ورائه مجلس المحافظة وقانونيا لا يستطيع رئيس الوزراء التدخل. انت تتحدث عن مشكلة تعرف تفاصيلها وانا لا اطلاع لي على هذه التفاصيل وحيثياتها

 

فاروق صبري: أعلن مرة اخرى سعادتي لهذا التحاور وهنا أقترح اذا لم يكن من صلاحية رئيس الوزراء ما يصحح التصريحات القبيحة للمحافظ وقراراته المتخلفة والظلامية التي لا تختلف عن ظلامية واحقاد الوهابيين والقاعديين، فهل يمكن ايصال مقترحي هذا اليكم ومن خلالكم لرئيس الوزراء المالكي؟ والمقترح هو: عقد شبه مؤتمر يضم مثقفي الداخل والخارج ويشكل له هيئة تحضيرية وايضا من مثقفي الخارج والداخل ويفتتحه وبل يشارك فيه رئيس الوزراء ويضم المؤتمر خيرة مبدعي العراق وأنا مستعد للمساهمة في هذا المؤتمر ترويجا ودعوة للحضور وتحضيرا كي يكون جسراً بين السلطة السياسية والمثقفين الذين بدونهم لايمكن دعم المسيرة الديمقراطية الحقيقية فماذا تقول؟

 

العبادي: ……………………………

 

فاروق صبري: اقتراح عاجل إلى رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي تحية سبق ومازال المثقفون العراقيون وعشاق العراق يوجهون إليك رسائل ومقترحات من أجل إنقاذ العراق من جحيم السنوات الثمان وما قبلها وما بعدها لكنك للاسف لم تخصص لهم ولصرخات الوجع والحلم في أرواحهم واحدا بالمئة من زمنك المخصص لمناقشة الأطراف السياسية وجلها فاشل وفاسد وطائفي، والوقائع هذه الأيام تؤكد لك ان هؤلاء لصوص الكراسي الوزارية وليسوا من الحالمين لتخليص العراقيين من مآسيهم والمجازر القادمة.. السيد العبادي.. لا أعرف إن كان من حولك من مستشارين وو يوصلون أصواتنا لك، ومع ذلك أقترح عسى اقتراحي يصلك في الربع الأخير من جحيم (تنبأ) به وسوف يأتي به المالكي.. اقتراحي ارفض اي اسم مكلف غير متخصص، بل توجّه إلى خارج هذه الكتل الإسمنتية السياسية البليدة واختر الوزراء ففي داخل الوطن وخارجه مئات من الخبراء والمتخصصين والمخلصين لإدارة الدولة العراقية.. ننتظر منك شجاعة سوف يسجلها الحاضر والتاريخ.

 

العبادي: نعم استلمتها واستلم رسائل كثيرة واقرأها واطلع عليها وربما لا اجد وقتا لاجابتها جميعا ولكني اطلع على ما يريده المواطنون واطمح الى تحقيق طموحاتهم بكل ما استطيع واعلم ان الناس تنتظر تشكيل الحكومة بفارغ الصبر وما اخرني هو اصرار بعض الكتل على مرشخين رفضتهم وطلبت منهم ترشيح غيرهم وعلي ان اوازن في الاختيارات خصوصا وان من يصوت على الحكومة في مجلس النواب هم هذه الكتل.

 

إقرأ أيضا