سيجيء بعدي آخرون.. نص لعماد جبار

اسق الحديقة يا فتى   ناس قليل يفرحون كلابهم   بعد المجيء من الوظيفة  …

اسق الحديقة يا فتى

 

ناس قليل يفرحون كلابهم

 

بعد المجيء من الوظيفة

 

بين الأزقة والبيوت

 

ونعمة المدن النظيفة

 

 

لا شأن لي بالأمس

 

أكره صيغة الماضي

 

أنا ابن الآن والفرح المضارع

 

وحدي هنا

 

أمشي طويلا في الشوارع

 

حرا أسوق الوقت مثل النهر

 

يجري جارفا يطوي عميقا

 

في ثنايا موجه

 

ما عاش من ألم المنابع

 

سأظل أمشي كي ألمّ

 

الأحمر المرشوش في غيم المزارع

 

طفلان مسروران بالسير الطويل على الدروب

 

طفلان مدهوشان بالحلزون

 

يمشي في طريق الناس

 

بالطير الموزع للهدايا

 

وحدنا في الدرب افراد جديدون اهتدوا

 

في غفلة المنفى لقافلة الغروب

 

 

فلقد مضينا مثل أوراق بريح لا تعود

 

ولقد تعلمنا من الحرب الأخيرة

 

أن حجم الجذع أصغر حين يختصر الوجود

 

سيري بنا يا ريح خضرا في دروب الارض

 

صفرا تحت ضوء البرق

 

والغيم المسافر والرعود

 

ملأى بشيء لا يعود

 

ومحملين بما تساقط

 

من أيادي الغيم من بقيا الوعود

 

 

أحتاج أمطارا بلا ألم لكي تحيا القصيدة

 

أحتاج أمطارا بلا رعد

 

يخيف الصبية الايتام في دور الصفيح

 

أحتاج أغنية جديدة

 

عن أصدقاء يفتحون الباب للذكرى البعيدة

 

عن أصدقاء لم تيبسهم رياح الموت

 

عن ريح تسافر في حياء بين أشجار الحديقة

 

قرب نافذتي الوحيدة

 

 

لا بأس قد تصفرّ أوراق ، يقول لي الشجر

 

كن مثل غصنِ

 

مثل غصن وحده

 

فتح الطريق الى السما من جذع أمه

 

واختر لجذعك أن يكون بحجم همّه

 

متفتح الأوراق فردا بين أغصان كثارِ

 

من صنيعة توقه

 

قد يحرق الفلاح في نزواته

 

فاصعد وحيدا في سمائك

 

حيث مجد اللون أزرق

 

والوريقات الحبيبة

 

تجعل التحديق في الفيروز

 

من أردان ثوب الله أجمل

 

سر في طريقك إن عبء السير بالأثمار أثقل

 

 

اسق الحديقة يا فتى من أجلنا

 

نحن الذين سيولدون

 

من سيرهم ، نحن الذين يحدقون

 

في حرقة الماضي وفي ما يتركون

 

أو يفقدون

 

سيجيء بعدي آخرون

 

معفرون ونازفون

 

لكنهم من كل أوجاع الحياة سينسجون

 

ثوبا لأيتام الحياة

 

فاسق الحديقة يا فتى

 

سيجيء بعدي آخرون

إقرأ أيضا