تفجيرات بروكسل وبغداد وتناقض العالم

مرة أخرى بعد هجمات باريس اظهرت تفجيرات بروكسل تناقض الموقف العربي والعالمي تجاه الارهاب رغم أن المجرمين ينتمون لنفس المجاميع ويرتكبون نفس الاعمال البربرية تجاه المدنيين.

 

لقد هرع زعماء العالم الاوربي والعالمي وتوابعهم من حكام العرب بتقديم التعازي والمواساة واظهار مواقف الادانة والاستنكار لتلك الاعمال الارهابية في بروكسل في ذات الوقت الذي لا تحرك فيه العمليات الارهابية لو حدثت في بغداد وغيرها من مناطق العراق (والذي ظل يعاني منها لأكثر من ثلاثة عشر عاما) أي ذرة من الاحساس في ضمير العالم الذي يبدو أنه يعمل بحسب ما تقتضيه المصلحة والمزاج.

 

هذا الامر يدعو للتساؤل حقا عن هذه الازدواجية في التعامل مع المواقف ازاء نفس الجرائم فهل دماء غير العراقيين من فصيلة أخرى وهل الانسان في العراق يختلف عن الاخرين في القيمة والرتبة. لقد تناسى العالم الغربي والاوربي أن ما جرى في العراق وافغانستان وليبيا وسوريا من تفشي الارهاب لم يك الا نتيجة للسياسات المشبوهة التي دأبت عليها بعض الحكومات الاوربية ومن ورائها الولايات المتحدة في غزو البلدان وتدمير شعوب المنطقة بحجة مكافحة الارهاب وتقديم الدعم للحركات المتطرفة تحت مسميات المعارضة بتعاون خليجي تقف وراءه اجندات طائفية تسعى لإشعال الفتن في المنطقة والعالم.

 

لقد بدأ هذا المشروع منذ ثمانينيات القرن الماضي حينما تم تجنيد وتفعيل الفكر الارهابي المتطرف لصالح الولايات المتحدة في حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق بحجة اخراج الروس من افغانستان واستمر بالنمو ليصل ذروته في احداث الحادي عشر من ايلول ليصبح ذريعة في يد الولايات المتحدة وحلفاؤها لغزو افغانستان العراق وتركيز الهيمنة على مصادر الطاقة في منطقة الشرق الاوسط .

 

ان الولايات المتحدة و بعض بلدان أوربا تجني ثمار كانوا يتحملون جزأ من المسؤولية في بذرها حينما تم فتح الابواب على مصاريعها للمتطرفين الاسلامويين ليعشعشوا في بلاد الغرب الكافر كما يمسونها الارهابيين الآن وتم تقديم الدعم بشكل لامحدود وبمساعدة البترودولار الخليجي لمراكز ومدارس ومؤسسات وجوامع اصبحت بمرور الوقت اماكن وملاذات آمنة لتفريخ الارهاب وفكره الدموي المتطرف حيث يتم استغلاله الان لزرع فوبيا الاسلام لدى المواطن الغربي والامريكي وليستفيد من ذلك احزاب اليمين المتطرف في اوروبا والولايات المتحدة في حملاتهم الانتخابية وما مثال المتطرف الجمهوري دونالد ترامب وما يطرحه على الساحة الانتخابية في الولايات المتحدة ببعيد عن مسامعنا.

 

ان ضربات الارهاب الاعمى في كل بقاع العالم لا تأبه لانعكاس ذلك على نظرة الاخرين تجاه الاسلام كدين ولا انعكاسات ذلك على الجاليات العربية والمسلمة في بلدان المهجر ولا بأوضاع اللاجئين الفارين من جرائمهم وحقدهم على كل ما هو انساني ونبيل في هذا العالم وربما كان هذا هو المقصود من دعمه وايجاده وهو ما يتطلب ان يعي المسلمون هذا الدرس في استغلال الدين من غير اهله الحقيقيين باتجاه التطرف وعكس الصورة السيئة له من قبل اناس لا يمتون له بصلة لذا فان على المسلمين المعتدلين والمثقفين في تلك البلاد تشكيل جبهات ضغط لتوضيح الصورة الحقيقية للإرهاب وتبني دعوات للشعوب الاوربية ان تدعو ساستها للكف عن دعم انظمة راعية وممولة للإرهاب رغم أنهم يعملون بذلك ويتغاضون عنه فقد وصلت النار اليهم جراء تلك السياسات المشبوهة.

 

أقرأ أيضا