الساحل الأيمن والنازحون

من ينظر الى الرجل الموصلي بملابسه الداخلية وهو يحاول النزوح من الساحل الأيمن في الموصل…

من ينظر الى الرجل الموصلي بملابسه الداخلية وهو يحاول النزوح من الساحل الأيمن في الموصل وعلامات الخوف والحزن الشديدين تظهر على ملامح وجهه، يرسم العديد من الصور في مخيلته، فهناك من يراه داعشيا لجأ لحيلة عمرو بن العاص الذي نجح من خلالها في النجاة من سيف علي بن ابي طالب (ع) وهناك من يراه مدنيا يبحث عن الحياة وسط صيحات الموت، وقد يكون داعشيا بايع التنظيم مرغما واليوم ندم على فعلته.

 

جميع تلك الصور والمشاهد التي رسمتها مخيلتنا عن الموصلي الذي يبحث عن الأمان يجب أن تكون حافزا لإشاعة الروح الانسانية وليست روح الانتقام روح المحبة والمساعدة والتسامح وليست العدائية التي رسختها دعايات داعش عن المواطن الموصلي والتي أظهرته كإرهابي يعشق القتل والانتقام، ويبحث عن قتل من لا يشبهه بالدِّين والمذهب، نعم نحن امام اختبار حقيقي لإثبات مبدأ الانسانية في التعامل حتى في اصعب الحالات وأشدها فتلك الصور تختصر تاريخنا المتخم بالموت والعنف والنزوح، والهروب من أقدارنا اللعينة، فشكل الحديد لا يتغير إلا بالحرارة العالية والطرق المستمر، كذلك شخصية الإنسان لا تغيرها سوى التجارب القاسية والمؤلمة، واليوم أهالي الموصل عاشوا تلك التجربة القاسية بكل جوانبها واحزانها وقبلهم أهالي الأنبار وصلاح الدين وديالى ولسان حالهم يقول (لن نسمح بتكرار تلك المرحلة)، التي كان ثمنها أغلى مايملكون وهي كرامة الانسان التي أهدرها داعش فليس هناك اقسى على الانسان الحر من ضياع كرامته، فخرجوا يبحثون عنها بعد حصول ادنى فرصة توفرت لهم بدخول القوات الأمنية المحررة، باحثين عن الأمان الذي فقدوه والحريّة التي صورها لهم داعش بأنها كفر والحاد، عبر إعلامه الذي جعل من المواطن الموصلي في نظر الآخرين قنبلة موقوتة لا امان لها، وقد نجح عند البعض لكننا يجب ان نسعى لابعاد تلك الصورة عن الاذهان ووضع الصورة الحقيقية التي تتميز بالمحبة والتسامح وعدم أخذ الأبرياء بذنوب غيرهم.

 

نحن الْيَوْمَ بحاجة لمقومات المجتمع الناجح لتكون داعما للقوات الأمنية وهي تقاتل في اخر معاقل التنظيم الإرهابي لتطرده من الموصل الحدباء، ولترسخ مبدأ جديدا في التسامح الذين تميز به العراقيون منذ الآلاف السنين، فمنظر الأطفال والنساء والشيوخ الذي تَرَكُوا منازلهم خوفا من ارهاب داعش وخرجوا بأنفسهم قد يكون درسا نتعلم منه معنى التعايش مع الجميع بعيدا عن دينه ومعتقده وعدم تكرار اخطاء الماضي، التي دفع ثمنها الجميع وليس أهالي المناطق التي سيطر عليها داعش، فعظمة الانسان تكمن في التعلم من أخطائه وليس الانتقام.

 

إقرأ أيضا