بين صولة الفرسان وتحرير الموصل.. التاريخ يعيد نفسه

 

 

لا تزال تداعيات صولة الفرسان السلبية التي تعود الى سنة 2008 شاخصة امام اعيننا، وما نتج عنها من معطيات نعيش اثارها المريرة على الوضع العراقي ليومنا هذا، فالاتفاقيات التي عقدت بين الحكومة العراقية والإدارة الامريكية كانت كفيلة بايصال البلد الى هذا الوضع الماساوي.

 

ان دعم الولايات المتحدة الامريكية واعلانها آنذاك ان رئيس الحكومة العراقية السيد المالكي رجل شجاع وحليف استراتيجي مهم في المنطقة لم يكن عن طريق الصدفة او شعورها بالمسؤولية تجاه بلد احتلته ودمرت بناه التحتية وقتلت ابناءه وفتحت حدوده على مصراعيها لقوى الارهاب والشر لتعبث فيه، وانما كان مقابل صفقات سياسية واقتصادية وعسكرية، والتي كان من اهمها:

 

أولا: ضرب فصائل المقاومة وتجريدها من أي دور في مستقبل العراق وملاحقه المنتمين اليها.

 

ثانيا: توقيع اتفاقيات امنيه وعسكريه لربط المؤسسة العسكريه بمشروع التسليح والتجهيز والتدريب الامريكي وهي ما سُميت بالاتفاقية الامنية.

 

ثالثا: توقيع اتفاقيات نفطية لبيع واستثمار النفط العراقي لصالح الشركات الامريكية والبريطانية والاجنبية الاخرى وهي ما سميت بجولات التراخيص المذلة للعراق لاحقا.

 

رابعا: توقيع اتفاقية الاطار الاستراتيجي والتي نصت على اجراء تغييرات جوهرية في العمليه السياسيه من قبيل اشراك قيادات سياسيه كانت خارج العمليه السياسيه واقصاء قيادات سياسيه اخرى والسماح بتشكيل الصحوات وعودة البعثيين لمؤسسات الدولة وبالخصوص في الموسسة العسكرية والامنية.

 

وهذه الاتفاقيات تمت اغلبها وساهمت في تمزيق العراق وضياع حقوقه الاقتصادية والسياسية وفقدان الكثير من ابنائه جراء القتل والتشريد والهجرة وادت الى انهيار البلد بعد احداث الموصل سنه 2014 واليوم ومع قرب تحرير الموصل وانتهاء مرحلة داعش عادت الاداره الامريكية الى نفس الاسلوب والسياسة تجاه العراق وبات المشروع متكاملا وجاهزا للتنفيذ خصوصا بعد زيارة العبادي للولايات المتحدة الامريكية والاتفاق على جملة من الامور السياسية والعسكرية والاقتصادية والتي بدأت ملامحها بالظهور الى العلن منذ زيارة الجبير للعراق ومن ثم مؤتمر اسطنبول وانتهاءً بتصريحات العبادي الاخيرة في واشنطن بضرورة حل الحشد واجراء تغيير جوهري في العملية السياسية وصعود وجوه جديدة في الانتخابات القادمة والبدء بعملية الاعمار وبناء الاقتصاد العراقي وهذه كلها مؤشرات للحراك الذي قامت به الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها بالمنطقة كالسعودية وتركيا وما تصريحات البيت الابيض بدعم العبادي ووصفة بالقائد الشجاع والحليف القوي والشراكه الاستراتيجية القائمة بين العراق والولايات المتحدة الا اعاده لما جرى عام 2008 وكيف سارت الامور بعدها وما تلاها من احداث لازالت مستمرة.

 

اننا اليوم امام مشروع امريكي مدمر للعراق يقوم على اسس ثابتة في سياسة الولايات المتحدة الامريكية نلخص أهمها:

 

أولا: انهاء دور الحشد الشعبي، واذابته في المؤسسة العسكرية.

 

ثانيا: ربط العراق اقتصاديا بالولايات المتحدة الامريكية وشركائها الاقتصاديين وإغراقه بالديون بحجه إعمار المناطق المدمرة.

 

ثالثا: إقامة قواعد عسكرية امريكية كبيرة وبعيدة الامد.

 

رابعا: إنهاء التحالف مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وحلفائها في المنطقة والانضمام للتحالف الامريكي البريطاني السعودي التركي.

 

خامسا: تشكيل حكومة عراقية قادمة تنسجم مع تنفيذ هذا المشروع.

 

لذا صار واضحاً وجلياً امام العراقيين ما تم اعداده من مخطط كارثي سياتي على الاخضر واليابس، ويدخل العراق في نفق الصراعات الطائفية والعرقية ويحول مؤسسات الدولة المتهالكة أصلا الى لعبة بيد الادارة الامريكية التي كانت ولازالت هي السبب الرئيسي في ضياع مستقبل العراق وتدميره وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وان القادم بلا أدنى شك عراق ضعيف مثقل بالديون وممزق وبلا إرادة وطنية.

 

أقرأ أيضا