احذروا الحليم إذا غضب

  على الرغم من عدم وجود كافة الخدمات من الماء الصالح للشرب إلى الشوارع والمجاري…

 

على الرغم من عدم وجود كافة الخدمات من الماء الصالح للشرب إلى الشوارع والمجاري والحزام الأخضر والشوارع الحولية والبنى التحتية ومتطلبات الحياة الكريمة في البصرة، وجد أهالي البصرة أنفسهم في صدام مع شركة تريد أن تفرض عليهم جباية الكهرباء بطريقة انتقامية تقصم ظهور أرباب الأسر.

 

ما لجأت إلى تطبيقه الحكومة هو تسعيرة جديدة للكهرباء تنتقم فيها من المواطن بارتفاعها والتي تصل خمسمائة ألف دينار لمن يستخدم (ثلاثة أجهزة تبريد غازية) مؤشر على أن الحكومة غير مهتمة لما يعانيه أهل البصرة من ارتفاع في درجات الحرارة التي لا تقل عن خمسين درجة مئوية طوال فصل الصيف فضلاً عن عدم انخفاض درجة الحرارة في فصلي الربيع والخريف، ووقوفها بمستوى يتراوح ما بين 37-45 وهي درجات تتطلب تشغيل أجهزة تبريد غازية.

 

ولماذا تلجأ الحكومة لإحالة المشروع إلى شركة؟ فإن هذا الأمر يثير الريبة والشك في النفوس من جوانب عديدة أهمها:

 

أولاً: أن هذه الشركة عُرفت بأنها شركة مقاولات بناء وليست شركة جباية. ثم أين المنافسون الآخرون من أجل إجراء مناقصة في الموضوع؟ ولماذا شركة (سنافي) هي الشركة الوحيدة التي تقدّم على المشروع وتفوز به؟

 

وثانياً: ليس لهذه الشركة أية مؤهلات للقيام بهذا العمل وإنما ستكون البصرة حقل تجارب لها. كذلك فإن إحالة هذا المشروع إلى هذه الشركة سوف يزيد من البطالة المقنّعة في وزارة الكهرباء التي لها الخبرات الطويلة في الجباية حتى أن خبرة الجباة في دوائر الكهرباء جعلتهم يحفظون عن ظهر قلب أسماء أصحاب البيوت وساكنيها وأرقام عداداتهم وعناوين منازلهم. فهل من الصحيح أن تهمل الدولة كل هذه الخبرة التي تمتد على طول عقود من الزمن لتتجه لإعطاء هذا العمل لشركة مقاولات؟

 

وثالثاً: فإن هذه الشركة معروفة خيوط انتمائها الحزبي فأي نوع من الخَبَل تقوم به الحكومة تجاه مدينة قدّمت للعراق الكثير الكثير ابتداءً من موانئ ونفط ومنافذ حدودية ووصولاً بالآلاف من المجاهدين في الحشد والمئات من الشهداء حتى لقد صارت مدينة الشهداء لكثر من سقطوا من أبناء البصرة في ساحات القتال دفاعاً عن “خضراء” الحكومة التي كاد داعش أن يكون قاب قوسين أو أدنى عنها.

 

ولو ألقينا نظرة على هذا الموضوع فإننا نجد فيه من السلبيات الكثير الكثير منها:

 

ألف: إن التسعيرة لا تحافظ على مستوى معين وإنما ترتفع بدرجات مضاعفة حتى تقارب المليون دينار شهرياً بالنسبة لمستخدمي التيار بشكلٍ عالٍ يزيد على 30 أمبير. وهذه النقطة بالذات لا يمكن السيطرة عليها لأن أغلب الأسر تعيش على شكل مجموعات (ثلاثة أو أربعة أسر أو أكثر في المنزل الواحد) ويكون المنزل مربوط بخط كهرباء واحد ذا عدّاد واحد وهو ما يرفع نسبة الاستخدام ويكلّف الأسر المبالغ الباهظة رغم ترشيدهم في الاستخدام.

 

باء: تعليمات الشركة الجابية تشير إلى ربط جهاز قارئ بعد كل محولة كهرباء وهذا الجهاز ترتبط به كافة العدادات التي في المنازل وعند تجاوز أي شخص على الخط الرئيسي فإن العداد الرئيسي سيقطع التيار الكهربائي عن كافة المنازل ولا يعاد التيار حتى يتم إزالة هذا التجاوز. وهذا معناه أن أي سلك يقع على الأسلاك الرئيسية ويسرّب الكهرباء إلى أي مكان سيتسبب بقطع التيار عن ما لا يقل عن أربعين منزلاً. نهايك عن خطوط التجهيز غير الكفوءة.

 

جيم: معظم الأحياء الشعبية تحظى بسكن الأسر ذات الدخل المحدود أو معدومة الدخل من الأرامل والأيتام والعجزة وغيرهم ممن لم يستطيعوا أخذ كفايتهم من قوت يومهم.. هؤلاء سوف يكونوا تحت رحمة شركة الجباية ولا يستطيع أحد حمايتهم منها.. بل ستزداد الكثير من حالات السرقات والعنف والسطو المسلح في المناطق البصرية بسبب عدم وجود دخول كافية للمواطنين تسد حاجاتهم. إن الدولة تساهم في هذا المشروع بزيادة العنف بين الناس.

 

دال: كان حرياً بالدولة فرض سطوة القانون وإزالة التجاوزات وفرض قرارات صارمة لمعاقبة المتجاوزين على الشبكة وزيادة التسعيرة بشكل معقول بدلاً من هذه الحالة الانتقامية التي تقصم ظهر المواطن الأعزل ذا الدخل الواطئ.

 

إن هذه الخطوة غير المدروسة من قبل الحكومة ستسبب في زيادة العنف بين الناس وقد يلجأ بعدها الناس في ردة فعل عكسية من عدم احترام القانون ورجاله وبالتالي مزيد من العنف المسلّح. لأن حالة الإحساس بالمظلومية التي ستسيطر على قليلي الدخل أو الأشخاص الذين لا يجدون فرص عمل ستزيد من نقمة الناس على الحكومة ورجالها.

 

كان حريّ بالحكومة تلبية حاجات الناس من الخدمات والعيش الكريم وفرص العمل للعاطلين والخريجين وكذلك توفير السكن الملائم بدلاً من الإقدام على هذه الخطوة التي لن تزيد الناس إلى نقمة على المسؤولين والحكومة.

 

إقرأ أيضا