الاستخدام السياسي للسخط الشعبي

 

لم يكن استجواب وزيرة الصحة وليد صحوة مفاجئة بمتابعة عمل الوزراء والكشف عن حالات الفساد المستشري في أغلب مؤسسات الدولة العراقية، فلم تفلح الاستجوابات السابقة في سوق أي من المتهمين بالفساد من الذين استجوبوا الى القضاء وإعادة الأموال التي استحوذوا عليها الى خزينة الدولة، فضلا عن أن استجواب وزيرة الصحة الحالية كشف عن سوء إدارة للمال أكثر من كون ما كشف يدل على وجود فساد وإن كنت لا أستبعد وجوده في الوزارة شأنها شأن باقي مؤسسات الدولة ودوائرها، فأكبر ما كشف عنه النقاب عقد شراء (النعل) وسعرها الذي قد يكون فعلا كما أعلن عنه (27) دولارا للزوج الواحد، بسبب منشأه الأوربي، والذي كان يمكن أن يكون بربع السعر لو كان منشأه آسيويا، وهذا يدل على سوء الإدارة أكثر مما يدل على الفساد -مع أني لا استبعد وجوده كما أسلفت- لكن سوء الإدارة سيكون أوضح لو كان السؤال الموجه للوزيرة هو: “لماذا يتم شراء (نعل) بهذا المبلغ -مع إمكانية الإستعاضة عنه بأي (نعل) من أي منشأ- ولا يتم شراء أدوية تخدير أدى عدم توفرها إلى وفاة العديد من المرضى وجرحى القوات الأمنية؟”.

 

ويكون السؤال الآخر”لماذا يتم صرف 800 مليون دينار عراقي على نادي كرة قدم غير موجود فعليا، بينما يمكن الاستفادة من هذا المبلغ في إكمال أعمال مركز معالجة الثلاسيميا في مستشفى ابن البلدي في مدينة الثورة (الصدر حاليا)؟ أو ترميم واحدة من المستشفيات التي أصبحت من مواضيع التندر الثابتة في مواقع التواصل الاجتماعي؟

 

الفساد الذي يدعي البعض محاربته، هو استخدام سياسي للسخط الشعبي المتصاعد من أداء الطبقة السياسية ووزرائها كافة، وهو يهدف بالدرجة الأساس إلى إظهار حزب المستجوب (بكسر الواو) بأنه المدافع عن حقوق المواطن المنهوبة من قبل وزراء حزب المستجوب (بفتح الواو)، وكان يمكن أن نقبل تسويق من يسوق نفسه مدافعا عن مال العراقيين لو استهدف أولا وزراء حزبه وكتلته، فهم أولى بالمحاسبة من وزراء الأحزاب الأخرى لسببين أولهما سوف لن يجد الخصوم ذريعة للطعن بهدف الإستجواب والقول بأنه لغرض “التسقيط السياسي”، وثانيهما، سوف يثبت ذلك لمثلي من المشككين بدوافع الاستجوابات ونتائجها إن الحزب الذي قام بالاستجواب لا يريد أن يتلطخ اسمه وتاريخه من ممارسات أحد وزرائه الفاسدين، ما سيفقده ناخبيه في الانتخابات التالية، وستصب نتيجة الإستجواب لصالح الحزب الذي قام بها خاصة إذا أسفرت عن كشف لحالات فساد أو سوء إدارة، وستكون النتائج أكثر إيجابية لو إنتهى استجواب نواب الحزب لوزيرهم الفاسد بإيداعه السجن، وعندها فقط سنصدق إدعاءات من يدعي محاربة الفساد والفاسدين.

 

أقرأ أيضا