دولة الفساد وسلطة السلاح

  لم يكن الأسبوع الماضي بجميع احداثه أفضل من بقية الأيام التي يعيشها العراقيون وخاصة…

 

لم يكن الأسبوع الماضي بجميع احداثه أفضل من بقية الأيام التي يعيشها العراقيون وخاصة حينما تصل مرحلة الفساد الى درجة تجعل الجميع ينظر الى الفاسد وكأنه الضحية سواء كان مواطنا او مؤسسة حكومية او جهة مسلحة تتصرف وكأنها سلطة، فحادثة سرقة كلية احد الجنود كما اشيع عنها في بداية الامر كسبت تعاطف الجميع وجعلت وزارة الصحة في وضع لا تحسد عليه، كونها متهمة منذ البداية بالتقصير في خدمة المواطنين وعدم توفير العلاج لهم، وهو ما جعل ادعاء الجندي بسرقة كليته يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام التي تبحث عن دليل يكشف فساد وزارة الصحة ومسؤوليها الذين أصبحوا اكثر قوة بعد تجديد مجلس النواب الثقة بالوزيرة عديلة حمود رغم ملفات الفساد التي يعرفها الجميع، لكن سياسة المصالح والتغطية على فساد جميع الكتل السياسية والمشاركة بالصفقات جعل عديلة حمود تحتفظ بمنصبها، وهو ما دفع الطرف الاخر الى إيجاد طريقة اخرى للحديث عن الفساد في وزارة الصحة، لكنه لم يختار الطريقة المناسبة ولَم يحسبها بشكل صحيح، فجعل من قضية الكلية المسروقة وسيلة للدفاع عن مؤسسات وزارة الصحة وليس دليلا على فسادهم.

 

وما اثار انتباهي فعلا هو اختيار التوقيت لاثارة قضية الكلية المسروقة والترويج لها، بالتزامن مع التصريحات التي اثارها رئيس ديوان الوقف الشيعي علاء الموسوي عن أهل الكتاب والمسيحيين بالذات واعتبارهم كفار ويجب قتالهم، وكأنها محاولة لتخفيف الهجوم الذي تعرض له التيار المتشدد والمتطرفين الإسلاميين، فمن غير المعقول ان يُستقبل وزير الدفاع جندي يدعي سرقة كليته بإحدى المستشفيات من دون التأكد من الحادثة والاهم هو كيف وصل هذا الجندي الى وزير الدفاع ليعرض قضيته بهذا الطريقة التي جعلت وسائل الاعلام تتسارع في الحصول على سبق صحفي لتجعل من هذا الجندي بطلا وقع ضحية الفساد الذي تعاني منه المؤسسات الحكومية، تلك الحادثة وقبلها تصريحات الموسوي اثبتت اننا جميعا نتعامل مع القضايا بعواطفنا وليس بالمنطق والتفكير السليم فنحن دائما مانتعاطف مع المجرم حينما نرى الشرطة تطارده ونجعل منه ضحية وليس مذنبا، التعامل بهذه الطريقة هو الذي شجع الجندي على كذبته وهو أيضا جعلنا نصدق ما اثاره من دون البحث عن الأدلة والحقيقة، في وقت اصبح الفساد صفة للدولة بحيمع مكوناتها وليس للمؤسسات الحكومية فقط.

 

لكن الأسبوع الماضي لم ينتهي عند تلك الحادثتين إنما سجل حادثة اخرى اضافة نقطة اخرى لضياع هيبة الدولة ورسخت مفهوم فقدان السيادة والسلطة التي أصبحت بيد من يملك السلاح والنفوذ فخروج مسلحين بزي عسكري والسيطرة على شارع فلسطين في العاصمة بغداد لعدة ساعات وقتلهم لمنتسبين في الشرطة لا يوجد له تفسير اخر، والكارثة صمت الحكومة والأجهزة الأمنية تجاه تلك الحوادث التي تتكرر بين فترة واخرى وفِي كل مرة يتم التستر على الفاعل وتغلق القضية وكان تلك الجهات لم تكتفي بحالات الخطف وإسكات الأصوات المطالبة بحقوقها لتجعل من نفسها هذه المرة سلطة تحكم بقوة السلاح وسط ضياع القانون وهيبة الدولة التي ضاعت بين الفساد والتطرف، وهنا يبقى السؤال،، هل ستضع الحكومة حلا للفساد واستهتار الخارجين عن القانون ام ستكون الأيام المقبلة مليئة بحواث فساد الكلية وسلطة السلاح؟

أقرأ أيضا