خرج أمس السبت، عشرات الآلاف من التونسيين للمشاركة في جنازة المعارض العلماني محمد البراهمي، مطالبين باسقاط حكم الإسلاميين الذين يواجهون موجة انتقادات كبيرة.
وخرجت الجنازة من منزل البراهمي في حي الغزالة، وقد وضع جثمانه على سيارة عسكرية مكشوفة ستتوجه نحو مقبرة الجلاز. وتوقف الموكب في ساحة حقوق الإنسان حيث انضم إليه آلاف آخرون.
ألاف المشاركين في جنازة البراهمي رفعوا شعارات ضد الحكومة \”ارحل ارحل.. الشعب يريد إسقاط النظام\”.
وفي المقبرة ردد المشاركين شعارات \”يسقط يسقط حكم الاخوان\” و\”الغنوشي يا سفاح يا قاتل الأرواح\” في إشارة إلى رئيس حركة النهضة الذي كان أدان بشدة اغتيال البراهمي.
وصعدت أرملة البراهمي وابنه الى العربة العسكرية المكشوفة قرب الجثمان وكانا يلوحان بعلامة النصر ويرددان النشيد الرسمي فيما كان ابنه يضع علم فلسطين في عنقه.
وحلقت طائرات عسكرية فوق الحشود التي رافقت الجثمان باتجاه المقبرة. وحمل المتظاهرون صورا للبراهمي وشكري بلعيد وهو معارض اغتيل ايضا قبل 6 أشهر. وسيدفن البراهمي قرب قبر شكري بلعيد.
وتدفق أيضا آلاف من عدة مدن تونسية من بينها سيدي بوزيد مسقط رأس البراهمي للمشاركة في الجنازة رغم ارتفاع درجات الحرارة في تونس أكثر من 40 درجة مئوية.
وكانت ابنة البراهمي تطلق زغاريد بينما أبوها يدفن في القبر قرب قبر شكري بلعيد.
وقالت بلقيس البراهمي ابنة البراهمي في وقت سابق \”هم اغتالوا والدي ولكن لن يغتالوا حريتنا ووطننا.. سنبقى شوكة في فمهم وصوتنا سيبقى عاليا.\” وفجر أمس السبت قال شهود ان تونسيا واحدا قتل في احتجاجات عنيفة ضد الحكومة في مدينة قفصة جنوبي البلاد. وهو أول قتيل في الاحتجاجات على اغتيال البراهمي.
يذكر أن أعمال عنف تفجرت ليل الجمعة في الكاف وقفصة والقيروان أيضا وتسببت في سقوط عدة جرحى في ثاني أيام الاحتجاجات.
وانتشر المئات من رجال الشرطة في العاصمة تحسبا لأعمال عنف. ودعت وزارة الداخلية في بيان التونسيين إلى الهدوء أثناء الاحتجاجات. وقالت انها ستحمي المظاهرات المتوقعة بعد الجنازة. وأعلن 42 معارضا استقالاتهم في ساعة متأخرة من مساء الجمعة من المجلس التأسيسي الذي يضم 217 عضوا احتجاجا على اغتيال البراهمي عضو حزب الحركة الشعبية القومي العربي.
وقال خميس كيسلة عضو حزب نداء تونس في مؤتمر صحفي إن الأعضاء المستقلين سيبدؤون اعتصاما للمطالبة بحل الجمعية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وهي أفكار رفضها رئيس الوزراء علي العريض.
ويتولى المجلس الذي يهيمن عليه الإسلاميون مسؤولية إعداد دستور جديد لتونس.
وفي خطوة مماثلة قد تزيد الضغوط على الإسلاميين أعلن أمس السبت حزب التحالف الديمقراطي، وهو أيضا حزب علماني سحب 10 من أعضائه من المجلس التأسيسي ليرتفع عدد المنسحبين الى 52 نائبا من بين مجموع 217 نائبا في المجلس.
وتعمقت الانقسامات بين الإسلاميين والعلمانيين منذ الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، التي أطلقت العنان لانتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بحكام مصر وليبيا واليمن والصراع المندلع في سوريا.
وقال شاهدان لرويترز إن مفتي محمد، وهو محتج مناهض للحكومة قتل خلال احتجاجات في قفصة الجمعة الماضية. وتضاربت التقارير بشأن كيفية مقتله.
وتظاهر آلاف الإسلاميين في تونس أمس الأول الجمعة، للدفاع عن الحكومة في مواجهة مطالب شعبية باستقالتها بسبب اغتيال البراهمي.
وربط وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو بشكل مباشر بين اغتيال البراهمي واغتيال زعيم الحركة الشعبية شكري بلعيد في السادس من فبراير شباط والذي أدى إلى اندلاع أسوأ أعمال عنف تشهدها تونس منذ الإطاحة ببن علي.
وقال بن جدو في مؤتمر صحفي \”نفس قطعة السلاح – وهي سلاح اتوماتيكي من عيار ٩ ملليمترا – التي قتل بها بلعيد هي التي قتلت أيضا البراهمي.\” وأضاف ان المتهم الرئيسي في قتل المعارضين بلعيد والبراهمي هو سلفي متشدد يدعى بوبكر الحكيم. وأضاف أن السلطات تلاحق الحكيم بالفعل للاشتباه في تهريبه أسلحة من ليبيا.
وذكران السلطات حددت هوية 14 سلفيا يشتبه في ضلوعهم في اغتيال بلعيد ويعتقد أن اغلبهم أعضاء في جماعة أنصار الشريعة المتشددة المحلية.
ونظم إسلاميون ومعارضوهم من العلمانيين احتجاجات بشأن مستقبل حكومة النهضة التونسية.
وهتف الإسلاميون \”الشعب يريد النهضة من جديد\” و\”لا انقلاب على الديمقراطية.\” رافضين مطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة.
وتجمع أيضا آلاف من المحتجين المعارضين للحكومة في العاصمة أمس الأول الجمعة، في الوقت الذي أغلقت فيه المتاجر والبنوك وألغيت فيه كل الرحلات الجوية من تونس واليها.
وهتف المحتجون العلمانيون \”يسقط حكم الإخوان المسلمين\” في إشارة لحزب النهضة الذي يستلهم مبادئ جماعة الإخوان المسلمين.
وتفجرت احتجاجات مساء أمس الأول الجمعة أيضا في مدينتي القيروان والكاف حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وتراجع مؤشر البورصة التونسية بنسبة 1.9 في المائة أمس الأول الجمعة، ويجري تداول الدينار التونسي قرب مستوى قياسي منخفض مقابل اليورو.
واتسمت المرحلة الانتقالية في تونس بعد الإطاحة ببن علي بالسلمية إلى حد بعيد. وتشارك حركة النهضة الإسلامية المعتدلة مع أحزاب علمانية صغيرة في السلطة.
لكن الحكومة تكافح لإنعاش الاقتصاد المتعثر، رغم انها تعرضت لانتقادات من العلمانيين الذين يتهمونها بالتقاعس عن كبح أنشطة السلفيين.
وأعلنت تونس أمس الأول الجمعة يوم حداد وطني وبثت المحطات الإذاعية أغاني وطنية.
وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة إن اغتيال البراهمي يستهدف \”تعطيل المسار الانتقالي الديمقراطي في تونس ووأد النموذج الناجح الوحيد بالمنطقة خاصة بعد العنف في مصر وسوريا وليبيا\”.
وأفاد لرويترز إن تونس لن تتبع السيناريو المصري وإن حكومته ستستمر.
ووقع حادث الاغتيال في يوم عيد الجمهورية في تونس التي تستعد للتصويت على الدستور الجديد في الأسابيع القليلة القادمة قبل الانتخابات الرئاسية التي تجرى في وقت لاحق هذا العام.
ووجهت الاضطرابات ضربة جديدة لجهود إحياء قطاع السياحة. وتم تعليق العروض الثقافية ومن بينها مهرجان قرطاج بعد اغتيال البراهمي.