هكذا يطلق السوريون على الرئيس \”فلاديمير بوتين\”.. أبو علي.. هو الأسم المحبب للرجل الذي تصدى للمحاولات الأمريكية لاغراق سوريا، وبهذا استحق العرفان.. والسؤال لماذا يقف فلاديمير بوتين الى جانب سوريا؟ هل هو التحالف القديم مع سوريا؟ لكن هذا التحالف سبق وأن أنهار في ليبيا، وقبلها في بغداد، وبعدها في بقاع عديده من العالم.. حتى وصلت روسيا الى حافة \”الخروج من المياه الدافئة\” والاتجاه الى المنطقة المنجمدة معزولة كــ دببة القطب.. ربما هذا هو المحرك الأساس للموقف الروسي، الدفاع عن الخط الأخير، وحفظ التوازن في \”قلب العالم/ سوريا\”.. ومحاولة البقاء في دائرة الوسط، لتفعيل دور اللاعب الروسي في المعادلة الدولية، والتي شهدت لسنوات طويلة انكفاء روسيا، ترك العالم عرضة للأحادية القطبية، التي شكل الأمريكان طيلة العقود الثلاثة المنصرمة محورها الرئيس.. ومن نافذة سوريا، عاد \”أبو علي\” ليعلن روسيا \”لاعبا دوليا\” لا يستهان بقدراته التكتيكية.. فقد استطاع الروس، في الأسابيع الأخيرة أن يعلموا الأمريكان درسا تكتيكيا كبيرا… حيث اشترك، بوغدانوف ولافروف ومن ورائهما الثعلب الروسي \”أبو علي\” في ارسال رسائل غامضة صدمت حلفاء سوريا، ومحبيها، حيث أوحى الرجلين الى العالم أن روسيا لن تتورط في لعبة الحرب دفاعا عن الرئيس بشار الأسد تاركين للأمريكان أن يستكملوا لعبة تجهيز البوارج والزهو بقرار ضرب سوريا، بحيث أندفع الأمريكان في اللعبة، مع فكرة واضحة أن الروس لن يتدخلوا تدخلا حاسما، لكن الأمريكان، لم يشاؤوا الذهاب بالظن الى حدود احراج موسكو، فقالوا بالضربة الجراحية، كمحاولة لاخراج بوتين من \”حرجه الذي افترضوه\”، لكن المعلومات الاستخبارية، أعطت الأمريكان خيارا أخر، حيث قالت إن الروس يستعدون للمعركة، أسوة بالسوريين، ولاختبار النوايا أطلقت إسرائيل الصاروخين الذين أصبح أمرهما معروفا، وبتصدي الروس للصاروخين… أيقن أوباما، أن الروس نجحوا في تسويق الوهم لإدارته، وأنهم أغرقوا الغرور الأمريكي، في وحل الورطة، والتي قد تفضي الى حرب عالمية ثانية، لا يمكن استقراء نتائجها.. وهنا، قام الروس بالمناورة المنتظرة، حفاظا على كبرياء خصومهم.. وقدموا الكيمياوي، هدية لينزل أوباما من الشجرة التي نجحت الخدعة الروسية في جعله يعتليها.وحقيقة الأمر أن الكيمياوي، لعبة استخدمها الأمريكان أكثر من مرة، حيث تقول المعلومات \”إن كيري لوح بنزع السلاح الكيمياوي السوري، عقب معركة القصير\” واعلان القيادة السورية عن معركة حلب.. مما أدى الى التراجع السوري، عن فتح جبهة حلب والتأني، لكي لا يخرج الخصوم الأفاعي من \”جعبهم\”.. والروس استلموا تلك البرقية حتما، ليعكسوا اللعبة في الوقت المناسب، فبعد تراجع الأمريكان عن تنحي الأسد ضمن \”اهداف الضربة الجراحية\” جاء الروس بالأمريكان الى الطاولة ليقروا بها كتابة، ويضاف الى الصفقة، اعترافا أمريكيا بالدور الفاعل للحليفين المعارضين هيثم المناع وحسن عبد العظيم، ممثلي جبهة التنسيق الوطنية المعارضة، وهي الخط الدفاعي الروسي الثاني، في ثنائية السلطة والمعارضة السورية، مما يعني، تشديد قبضة موسكو على ضفتي المعارضة السورية، التي ستغرق في \”جماهيرية جبهة التنسيق\” التي تعد أكثر فصائل المعارضة السورية جماهيرية، وبهذا ضمن الروس تمرير المقاعد في مستقبل سوريا، وابقاء التوازن قائما في جبهة المعارضة، التي لم يبد أي من \”معارضيها الخارجيين\” أي رد فعل وطني أزاء الأزمة. وبهذا استطاع الروس حصد الجوائز كلها، ضمانة ببقاء الأسد في سدة السلطة، كشف أوراق المعارضة الخارجية من خلال \”اندماج هذه المعارضة مع المشروع الخارجي وقبولها بالمشروع الأمريكي وأبداء الحماسة له\” الأمر الذي يعد خطا أحمرا في الشارع السوري .. ويعني فيما يعنيه، خلخلة كبيرة في جمهور المعارضة الخارجي، إضافة الى تمتين حظوظ المعارضة المدنية \”عبد العظيم/ المناع\”.. وابقاء الملف النووي الإيراني، في دائرة الأمان، وتوسيع الدور الروسي \”تسليحا\” في سوريا، بضوء أخضر أمريكي، وضمانة بتصنيف القاعدة وجبهة النصرة ودولة العراق والشام الأسلامية، فصائل خارجة عن القانون، وبالتالي اعطاء الضوء الأخضر للأسد في الانقضاض عليها. ابعاد أي خطر أو إشارة الى دور حزب الله في سوريا.. فتح الأبواب أمام حوار \”إسرائيلي سوري\” قد يؤدي الى تهدئة جبهة الجولان السورية، وضمان أمنها.. إضافة الى ذلك، إشارة الى تحييد الجبهة التركية وأرباكها، وكبح جماح السعودية، ودورها في الإشارة السرية الى اعتبار فصائلها جهات إرهابية، دون إعلان رسمي..
والسؤال اليوم.. من يلتحق في \”جند الاتفاق من فصائل المعارضة ليضمن دوره في المستقبل\”؟. ما حدث في \”عزاز\” يقول إن سليم أدريس قد يغرد خارج سرب المعارضة، وربما يكون أقرب الى النظام اليوم منه الى المعارضة.. فهل تصدق الرؤية الإسرائيلية التي قالت \”إنه ليس من مصلحة أمريكا أن تخسر حليفا مستقبليا في الحرب ضد الأرهاب مثل الأسد\”… غير أن النتائج تقول، إن الأسد لن يكون وحيدا في هذه الحرب، وأن التوافق أقرب الى الطاولة منه الى الحرب.. وهنا يبرز السؤال الأهم \”ماذا لو خسرت المعارضة جيشها الحر\” وصنفت فصائلها بــ \”الإرهابية\”؟ أغلب الظن سيكون الانتصار الحقيقي \”لفريق أبو علي بوتين\”.
أبو علي \”بوتين\”
2013-09-22 - منوعات