صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

«أحداث سوريا» تدفع العراق إلى الانخراط بـ«تحالف رباعي» غدا في عمان

تثير تداعيات المواجهات المسلحة الدائرة في الساحل السوري، بين قوات الأمن التابعة للإدارة الجديدة بقيادة الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، وعناصر مسلحة تنضوي في أطر معارضة للحكم الجديد، المخاوف في العراق الذي يتشارك حدوداً طويلة مع سوريا من تدفق موجات جديدة من اللاجئين، فضلاً عن انتعاش خلايا الإرهاب باستغلال الفوضى الحاصلة داخل البلد الجار.

وفي هذا الإطار، يشارك العراق، يوم غد الأحد، اجتماعاً ثلاثيا سيعقد في العاصمة الأردنية عمان يضم كل من سوريا والأردن وتركيا لمناقشة التعاون الأمني والتطورات الإقليمية الأخيرة.

وقال مصدر دبلوماسي تركي، بحسب وكالة “رويترز”، وتابعته “العالم الجديد”، إن “وزراء خارجية الدول الأربع ( العراق، سوريا، الأردن، سوريا) سيحضرون الاجتماع بالإضافة إلى وزراء الدفاع أو الزعماء العسكريين، ورؤساء منظمات الاستخبارات في البلدان الأربع”.

‎وأضاف المصدر، أن “المسؤولين سيناقشون التعاون في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، فضلا عن التطورات الإقليمية”.


ودائماً ما تلقي التطورات في سوريا بثقلها بشكل مباشر على العراق، الذي يتشارك حدوداً طويلة معها، إذ يؤثر الوضع المرتبك فيها على الداخل العراقي الذي يحاول الحفاظ على توازن في علاقاته الإقليمية.

وشهدت المناطق الساحلية في سوريا، خلال الأيام الماضية، تصاعدًا خطيرًا في أعمال العنف والانتهاكات التي طالت المدنيين من الطائفة العلوية.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس السبت، بأن قوات الأمن السورية نفذت عمليات إعدام ميدانية بحق العشرات من المدنيين العلويين في عدة بلدات ومناطق، حيث وثق المرصد خمس مجازر مروعة في المنطقة الساحلية، أودت بحياة 162 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، الغالبية العظمى من الضحايا تم إعدامهم بإجراءات موجزة على يد عناصر تابعين لوزارتي الدفاع والداخلية. ​

وأعاد مشهد إبادة العوائل في سوريا، إلى أذهان لعراقيين ما حصل معهم خلال الحرب مع داعش، وكذلك مع القاعدة، والتي كان الشرع منخرطاً مع صفوفهما.

وكتب فادي الشمري، مستشار رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، تغريدة تابعتها “العالم الجديد”، أن “غياب الحلول العادلة واستمرار الصراع يغذي الاصطفافات الطائفية ويشجع على العنف والتحريض”، مشددًا على أن “الصمت الدولي يفاقم المأساة”.

وأضاف أن “حالات التوحش والتمثيل بالجثث باتت أكثر إيلامًا، خاصةً أنها تأتي في شهر رمضان، شهر الرحمة والخير”، داعيا إلى “وقف دوامة العنف والعمل على حلول سلمية تُنهي معاناة المدنيين”.

وأعربت وزارة الخارجية العراقية، في وقت سابق من اليوم السبت، عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأمنية الجارية في غرب سوريا، وأكدت موقف العراق الثابت والداعي إلى ضرورة حماية المدنيين.

وذكرت الوزارة في بيان تلقته “العالم الجديد”، إنها تتابع “بقلق بالغ التطورات الأمنية الجارية في سوريا وما تنطوي عليه من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة.”

وأكدت الوزارة، بحسب البيان، “موقف العراق الثابت والداعي إلى ضرورة حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات النزاع”، مشددة على “أهمية ضبط النفس من جميع الأطراف، وتغليب لغة الحوار واعتماد الحلول السلمية بدلا من التصعيد العسكري”.

وأعربت الوزارة، عن “رفضها المطلق لاستهداف المدنيين الأبرياء”، محذرة من أن “استمرار العنف سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وتعميق حالة عدم الاستقرار في المنطقة مما يعيق جهود استعادة الأمن والسلام”.

وفي بداية كانون الثاني يناير الماضي وقع الأردن مع سوريا اتفاقية تنص على تأسيس لجنة مشتركة لضمان أمن الحدود، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لعمان، التي بحث فيها مع نظيره الأردني أيمن الصفدي قضايا تهريب السلاح والمخدرات واللاجئين السوريين والتعاون الاقتصادي.

وأكد عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية عباس الجبوري، في 6 شباط فبراير الماضي، أن مجلس النواب “متريث” حتى الآن بشأن الانفتاح على الوضع السوري الجديد برئاسة أحمد الشرع، فيما حدد توفير نظام ديمقراطي وتعددي وانساني بعيداً عن التهميش والإضرار بمصالح مفردات الشعب السوري شرطا مقابل الانفتاح العراقي للنظام السوري الجديد.

ولم يتفاعل العراق رسمياً حتى اللحظة مع إعلان الإدارة السورية الجديدة، في 29 كانون الثاني يناير الماضي، تعيين الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية.

وتجنب العراق بشكل عام التعامل بشكل مباشر مع الإدارة السورية الجديدة بإدارة الشرع، كما أن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أكد من جهته موقف العراق الرسمي بالحرص على وحدة الأراضي السورية والاستعداد لدعم عملية سياسية شاملة في سوريا دون التدخل بشؤونها.

واكتفت بغداد إلى الآن بإيفاد وفد رسمي برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات العراقي حميد الشطري في 26 ديسمبر كانون الأول 2024، إلى سوريا، حيث التقى الشرع في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، وبحث معه جملة ملفات مشتركة.

ومع استمرار الغموض في المشهد السوري، يبقى العراق أمام عدة خيارات في كيفية التعامل مع القيادة الجديدة في دمشق، فمن جهة، قد يقرر إعادة فتح سفارته في سوريا لتعزيز الحوار الدبلوماسي وتأمين مصالحه، لكنه قد يتجنب اتخاذ موقف رسمي من الشرع في انتظار وضوح التوجهات السياسية لدمشق، كما أن بغداد قد تسعى إلى تكثيف التنسيق الأمني مع سوريا لمواجهة أي تهديدات مشتركة، خاصة في ملفي الحدود والتنظيمات الإرهابية، بحسب مختصين.

إقرأ أيضا