صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

أردوغان المرتبك جدا

حزب العدالة والتنمية وزعيمه السياسي اردوغان، حرصا كثيرا منذ وصول الحزب الى الحكم في تركيا عام 2002 على تسويق تجربته السياسية بغلاف مدني ديمقراطي للداخل والخارج، من اجل اسقاط المعادلة التي كانت تراهن عليها المعارضة حينما تحرص على تسويق نفسها بانها المحتكرة للوجه المدني في تركيا ولو بمسحة عسكرية، بالإضافة الى ذلك محاولات الحزب دفع عجلة التنمية الاقتصادية في تركيا طيلة العقد الاخير، وقد نجح الحزب الى حد كبير في تحقيق هذين الهدفين على الاقل على المستوى الاعلامي، لكن اردوغان لم يضع في حساباته تضارب المصالح في الساحة التركية وكذلك صراع الارادات على المستوى الدولي.

ما نجح فيه اردوغان في البداية فشل في المحافظة عليه في السنوات الاخيرة، مضاعفات الملف السوري وتطوراته الدراماتيكية التي صبّت في نهاية المطاف لصالح النظام السوري بضوء اخضر من المجتمع الدولي، خصوصا بعد فشل مؤتمر جنيف الثاني بالإضافة الى شراسة خصوم اردوغان في الساحة التركية، وما تركه هذا الاخير من فضائح سائبة، تلك المعطيات جعلت من اردوغان يبدو في مظهر مرتبك جدا!

على الصعيد الداخلي تكشّفت ملفات الفساد الاداري وفضائح اردوغان امام الرأي العام التركي والدولي، ذلك جعله يفقد صوابه ويعود بتركيا الى ما قبل عصر الانترنت، فيأمر بإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي الواحد تلو الاخر! لتكون تلك الخطوة القشة التي قصمت ظهر ما سوّقه اردوغان من صورة مرنة جدا لحزب سياسي تربّى بأحضان الاخوان المسلمين.

اردوغان صرح امام مناصريه قبل ايام حينما امر بغلق موقع \”تويتر\”: \”لا يهمني ماذا سيقول المجتمع الدولي\”. هكذا حانت لحظة المواجهة والمصارحة مع المجتمع الدولي بشكل علني ومرتبك! هذا الارتباك ربما ينعكس سلبا حتى على الاصلاحات السياسية التي طرأت على صعيد الازمة الكردية في تركيا، كانت محاولة اردوغان تخفيف وطأة تلك الازمة، مجرد رسالة سياسية موجهة للخارج بالدرجة الاولى ومع انهيار ذلك التسويق ربما تنهار الهدنة القلقة اصلا مع حزب العمال الكردستاني.

طموحات السلطان العثماني والتي اراد تسويقها من خلال حكم الاخوان المسلمين ارتدت عليه بشكل سلبي، واصبحت تركيا خصما سياسيا لدولة عربية كبيرة مثل مصر، الحليف الاستراتيجي للأخت الخليجية الكبرى السعودية، وخسر ايضا بذلك العمق السني الذي كان يراهن عليه، وهذا ما يفسر عودة تدريجية للعلاقات التركية الاسرائيلية، فالاستثمار بالقضية الفلسطينية من اجل كسب ود العرب لم يعد مجديا بعد سقوط الاقنعة، اضافة الى محاولة اخرى لترطيب الاجواء مع الجبهة الغربية ليس من خلال الديمقراطية هذه المرة بل من خلال الابن المدلل اسرائيل. 

ربما تتوج ارتباكات اردوغان بتغذية البعد العرقي للنفوذ في اسيا المركزية وهذا ما يعني صراعا مفتوحا مع ايران التي تنظر بقلق شديد لمحاولات الاتراك السابقة اللعب على ذلك الوتر في اقليم اذربيجان في ايران.

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا