صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

أرقص مع الشيطان 

في وطني قالوها لي لا يوجد فيه شيـطان 

فلطالما بحثوا عنه في الازقة والحارات وبكل زمان ومكان 

وما بين السراديب ودهاليزها وخبائب الجدران. 

في وطني يوجد القديسون يرفعون صلواتهم باسمهم وباسم الشعب

 ويتلون علينا آيات من الدين وكتب الانجيل والقران. 

يسجدون في منتصف الليل خاشعين. يصومون للمذنبين ويطلبون لهم غفران. 

في وطني مسجد يؤذن فيه مسلم وكنيسة تتلى بها صلوات المؤمنين بأصوات كلها ايمان. في وطني كلهم دون اختلاف دينهم للخالق عابدين. ولكن هل تصدقون لا يوجد أينما ذهبتم في وطني شيطان…

ولكني مع نفسي خضنا صراع طال فيه الجدال  

انا أقول ان فيها شيطان وهي تنكر وتقول هذا محال 

فقررت ان ابحث عنه في ارجاء وطني حتى اكذب ما يقال 

بأن وطني يخلوا نهائياً من وجوده ونحن نعيش الكمـال 

فوقفت مع نفسي اعاتبها… اخوض معها حواراً تلو الاخر واقسوا عليها واضربها

قللت من شأنها وقيمتها…اخضعتها لأستجواب المجرمين حتى جلدتها وعذبتها

سألتها ثم سألتها ثم سألتها…اين شيطانك اين ذاك الذي لنفسك يغويها ويذنبهـا

اصرخي قولي اعرفه او اعرفها…قولي أخاف من ذاك الذي يخيف نفسي ويرعبهـا 

وقفت والسوط بيدي…وانظر الى نفسي وانا لا اعلم كيف على النطق نفسي  اجبـرها

فلا نفسي اقرت لي باعتراف عنه او تبيـانا 

ولا انا عرفت جنسه من الانس كان ام من الجانا 

ورجعت خائباً لا اعرف ما افعل ولكني ما زلت عن الشيطان باحثاً له متوعدا

رسمته كي لا انساه كما عرفته احمر اللون نحيف اذانه طويله لعين بوجه متجعـدا

وساعة ارسمه واقفاً والنار بيديه وساعة ارسمه بدخان يخرج منه وهو عليل مقعدا

شوهت صورته بكل ما استطعت اخضر المعدة وازرق الافخاذ كانه بالشر متجمدا

ومسحتها جميعاً لأني قد تاهت عليه صفات شره وهو غائب مختفياً عني مبتعـدا

ومأ فادتني رسماتي على جميع الجدران 

فلا خيالي جاد رسمه ولا عرفت به امزج الألوان 

رجعت في صفوة اليل واعد وحدي   زمانه ومكانه واخطأت ثم من جديد بها ابدي

وقلت دعني مع نفسي اختلي علي انال منه حينما احسن النوايا ويراني صادقاً وجدي

وضعت خلفي الشر وأحسن خيري ناوياً بتوحيداً وصلاة وصيام واخلصت في وعدي

وهجرت حقيقة الدنيا وسرت لخيال الاخرة وكأني في جنة الفردوس لي اخر الخلدي

ومسحت صدري بأستغفاراً ورفعت رأسي بتكبيراً وركعاً طوعاً واطلت في سـجدي

ومالزت ابحث عن ذاك الذي سموه شيـطان

في صفوة  ليلي ووحدتي وكثرة الايمـان 

فخطرت لي فكرة وقلت دعني انام علي اراه في منـامي 

ويأتي اليه وانا مع روحي ونفسي في اشد وطئة الخصامي 

عله يحاكيني في نومة ويجعلني اراه في عمق احلامي 

فرقدت متأملا رؤيته وهو يجثم على صدر بخنقة الاجثامي

وصحوت ولم اراه ولم يأتي وكأني اعيد مع نفسي كلامي

لا نومتي جائت بحلمي وانا فيه حيـران 

ولا صحوتي دلتني على عدو الحق والانسان 

فوقفت حائراً متسائلاً ايعقل انه في وطني لا وجود للشيـطان 

ايعقل بأننا بشراً في لباسناً ولكنا ملائكة منزلين من السماء بأذن من الرحمان 

ايعقل بأن ما كتب عنا خطأ وظلماً وتجاوز علينا واغلب الضن بهتـان 

ايعقل بأن الأنبياء والرسل هم كلهم من وطني وباقي البلاد يملئها الشيطان 

ايعقل بأني مغالي بهذا البحث واني مغررُ بي وظلمت امتي بكل هذا الخذلان

هكذا وانا اصرخ مع ذاتي مقلباً كتاباتي محاكياً كلماتي 

أين انت ايهأ الشيـطان …… اين انت فأنا اليك اتي….

اخرج فوالله لأجعلنك تندم على ما فعلته بأمتي ووطني وكيف تركت فيه الفقير جوعانا 

اخرج فسوف احاسبك على بكاء اليتامى وحرقة الأرامل وكل اب نام حسرة حيـرانا 

اخرج كي اخسف صدرك كما خسفت في وطني عدالة القانون وحكم الحق بالميزانا 

اخرج فقد هدمت كعبة الرب ظلماً وانهارت بها لسوء بلائك الأربـع الاركان 

اخرج أيها الملعون شكلاً ومضموناً أيها الشيطـانا 

وانا احاكيه واناديه واتوعد فيه…… 

يضع سيداً طويلاً ذو وجهاً ابيض يده على كتفي 

ويقول ما بك هل فيك علة ام داء تنادي اشر خلق الله اليـك 

سمعتك تصرخ وها انا ذا قد حضرت بين يديـك 

فأنا رئيس الدولة فأطلب ما يحلو لك وما يرضيـك 

فرفضت طلبه واصررت على بحثي عن الشيطان…

مشيت قليلا وانا اصرخ غاضباً أيها الشيطان يا ابن ابليس

واذا بشخص ذات كرامة وعزة وقرار يقول لي ها انا ذا قديس

مصلياً صائماً داعياً داعماً لست كاذباً ولست منافقـا او خسيس

 ورفضت ان احاكيه واستمريت ماشياً قلت لا اريد انسان….

ثم وصلت تجمعاً فيه نيفاً من المواطنين 

يهتفون باسم الوطن وحرية الكلام والدين 

وقد سمعوا كلماتي واتاني قائدهم وهو حزين 

وقال يا هذا هل تكن معنا فنحن ضد الفاسدين 

فقلت كلا فأنا ابحثن عن معشر الشياطين….

وخرجت من جمعهم متمرداً مصراً على هدفي 

وفي تعبي ومسيري مجددا احسست برجل ذو لحية  يضع يده على كتفي

ويقول لي انا المفتي بالديار حقاً فكيف لي اعدل ظلم حكماً عليك بكل اسفي

وهل لك ان تبوح ما جرى عليك ظلمـا 

وانا بكل حق اعطيك ما ضاع من حكما

ورفضت عرضه واستمريت ماشياً 

يعلوا صوتي بغصة للشيطان محاكياً….

وقد دخلت مكان غرفه كبيرة وقاعة مستنيرة 

واسمع فيها تشريع وقوانين  وجمع ذات حيرة 

حتى وقفت فوق طاولة يسمونها المستديرة 

وقلت انا ابحث عن الشيطان هل منكم من يعرف مكانه 

هل يعرف شكله لونه صفاته او حتى توقيت زمانه 

فأخذ الصمت يخيم عليهم جميعاً 

فتركتهم وذهبت بعيداً يائسا أقول مع نفسي لا وجود للشيطان في وطني 

حتى شهدت جمعً من الاخيار والايمان المتباري على وجوههم 

احدهم  يقول انا الوالي وصاحب القرار 

والثاني يقول انا الوزير وقلمي ذات اختيار

والثالث يقول انا المتعاقد وانا الموظف وانا السمسار

والرابع يقول انا المواطن من صوت لكم بعاقبة الأقدار

فتركتهم دون ان اسألهم عن غايتي 

متوجهاً نحو المجهول دون دراتي

فوجدت شخصـا بعـيدا عن الضوضاء 

وحيـداً فرحاً يسمع الأغاني بكل سعادة واسترخاء 

فقلت له مالك فرحاً يا هذا وكيف تجلس هادئاً ونحن بهذا البلاء 

واي عزفُ ترقص عليه جوارحك ونحن امة الاشقيـاء والفقراء 

فقال لي اتريد تعرف من انا ومن أكون 

فقلت ويحك نعم قلي فقد سئمت تعباً ومن شدة نعاسي قد اغمضت بيه العيون 

فقال كنت تبحث عني في خفايا السر والمكنون 

فأنا غايتك وهدفك انا الشيطان أيها المجنون 

فخفت منه وابتعد قليلا وقلت ولماذا انت بعيدا وحيدا 

فقال لي انا لا املك وظيفة في وطنك ولا عملاً بديلاً

فقد حل بدل العدل ظلماً 

وبدل الايمان كفـرا 

وبدل المال فقـرا

وبدل الخيـر شـراً 

وبدل الانسـان شيطاناً  

فكل من وجدتهم في طريقك كانوا شياطين 

فقد تحولت امتكم الى اشرار وملاعيـن 

فلماذا لا تجلس معي كي تنسى الوطن والمواطنين 

فلا رحمة نازلة ولا غفران اتي ولا صدق في الدين 

ولا حاكماً يعدل ولا سياسي يفي عهده ولا رئيساً من المخلصين 

تعال ودعنا نرقص فرحاً وننسى ما يسمموه انسان 

فحينها عرفت بان الذين رأيتهم كلهم شيطان 

ومسكت يداه ورفعته من الأرض وقلت له دعني ارقص وجعاً 

واسمع عزفك هماً وارتل الايات حزناً وعمداً تعال كي نرقص وطناً 

وطناً قد مزقته الوحوش علماً واكلته الشعوب عمداً 

فرقصنا سوية دون الم 

صمتاً وكأني أعيش العدم 

مراً وكاني اشرب العلة والسقم 

ومنذ حينها وانا ارقص مع خليلي

 ارقص وجعاً مع الشيطان

(بالتأكيد لا يمكن ان يكون الحكم الجمعي في الطرح واقعي في كل مقال وهناك من شعبي ووطني وحتى جزء قليل من السياسيين يحملون النفس الرحماني والعمل الإنساني ولكن واقع الحال جعلني اطلع صرخاتي عبر كلماتي الناطقة عن وجع امتي بالكامل) عند غياء الضمير يتحول الانسان بعيداَ عن موقعه مكانة منصبة رجل دين سياسي موظف بسيط الى شيطان يعبث بمقدرات الشعب وحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم. تقبلوها مني 

إقرأ أيضا