صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

أزمة الكهرباء.. الطقس والتخريب يحرجان الحكومة في تموز

عاشت معظم المحافظات العراقية، أمس السبت، يوماً تموزياً خانقاً، بسبب غياب التيار الكهربائي الوطني لتعطّل محطة في البصرة، وانهيار أبراج ناقلة في صلاح الدين جراء عمليات تخريبية، وفيما اتهم خبير أمني أطرافاً حزبية باستهداف الأبراج لـ”إحراج الحكومة”، أشار متخصص في الطاقة إلى أن درجة الحرارة وتشغيل المحطة بطاقة قصوى أدى إلى إحراق محطة البصرة.

عاشت معظم المحافظات العراقية، أمس السبت، يوماً تموزياً خانقاً، بسبب غياب التيار الكهربائي الوطني لتعطّل محطة في البصرة، وانهيار أبراج ناقلة في صلاح الدين جراء عمليات تخريبية، وفيما اتهم خبير أمني أطرافاً حزبية باستهداف الأبراج لـ”إحراج الحكومة”، أشار متخصص في الطاقة إلى أن درجة الحرارة وتشغيل المحطة بطاقة قصوى أدى إلى احتراق محطة البصرة.

ويقول الباحث في الشأن السياسي والأمني بسام القزويني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العمليات التخريبية التي استهدفت أبراج الطاقة تندرج ضمن العمليات الإرهابية لأنها تستهدف الأمن الوطني والقومي، وربما تختلف الأيادي بين فترة وأخرى لكن النوايا واحدة، والهدف إحراج الحكومة”.

ويضيف القزويني، أن “أي حكومة تذهب باتجاه تنويع مصادر الطاقة والحصول على الغاز المصاحب وغيرها من المشاريع الاستراتيجية تقابل بعمليات تقويضية أخرى، فأي من المشاريع يحتاج إلى قرار منظومة سياسية بالكامل، لأن أي حكومة تمضي باتجاه تحسين الطاقة ستكون أمام إزعاج مصالح كتل وأحزاب سياسية”.

ويلفت إلى أن “هناك جماعات ضغط وفعاليات مرتبطة بتلك الكتل أو قد تكون غير مرتبطة لكنها منتفعة من الفساد، تمضي باتجاه استهداف أبراج الطاقة، أو قد يكون هناك دور لعناصر داعش الإرهابي الذي استهدف أبراج الطاقة في الأعوام الماضية مثلما كان يتبنى هذه العمليات بعد ساعات من تنفيذها”.

وبشأن طريقة الحد من هذه الهجمات، يعتقد الباحث في الشأن السياسي والأمني أن “الأمر يحتاج إلى إشراك جميع الثكنات المتواجدة بالقرب من الأبراج بالمسؤولية، بغض النظر عن تبعيتها”، لافتا إلى أن “أي جهة تحمل السلاح في تلك الرقعة الجغرافية مسؤوليتها حماية الأبراج، وعندما يكون هناك عمل إرهابي يجب أن تساءل عن تقصيرها في التغطية الأمنية، فالعراق أمام نوع جديد من الإرهاب وهو إرهاب الطاقة الذي بدأ منذ العام 2015 ويحتاج إلى جهد أمني وتوزيع المهام والأدوار وقبول المنظومة السياسية بإحداث تغيير في مفاصل مهمة في منظومة الطاقة، وملاحقة الخارجين عن القانون أيا كانت عناوينهم”.

وكانت وزارة الكهرباء ذكرت، أمس السبت، أن عملا تخريبيا استهدف الخط الناقل صلاح الدين الحرارية- حديثة وأخرجه عن الخدمة، عبر تفجير عدد من الأبراج بعبوات ناسفة مما أدى إلى سقوط ثلاثة أبراج وتضرر وتقطع في الأسلاك على الخط في منطقة القناطر ضمن حدود محافظة صلاح الدين.

جاء ذلك، بعد بيان آخر للوزارة عن تعرض المنظومة الكهربائية لانطفاء تام، بسبب حصول حادث حريق بمحطة البكر التحويلية الثانوية بمحافظة البصرة أدى إلى انفصال الخطوط الناقلة كارتباطات المنطقة الجنوبية بالمنطقة الوسطى، وبالتالي صعود ترددات المنظومة وانفصال الوحدات التوليدية بمحطات الإنتاج.

وفجر يوم أمس، تعرضت محطة كهربائية في منطقة جميلة في مدينة الصدر إلى حريق كبير، ما تسبب بإنطفاء الكهرباء.

وشهدت محافظات الوسط والجنوب، مطلع الشهر الحالي ومع ارتفاع درجات الحرارة، تراجعا كبيرا بالكهرباء، مع عدم التزام أصحاب المولدات الأهلية بالتسعيرة وساعات التشغيل المتفق عليها، ما وضع المواطن بأزمة كبيرة، لاسيما وأن درجات الحرارة بدأت بتجاوز الـ50 درجة مئوية وتصدر البصرة لأعلى درجة حرارة في العالم على يومين متتاليين.

ووفقا لوزير الكهرباء زياد علي فاضل، فأنه أكد آنذاك، أن انخفاض تجهيز الطاقة جاء بعد تحقيق أعلى إنتاج بمعدل 26 ألف ميغاواط، لكنه انخفض لـ20 ألفا و600 ميغاواط بسبب نقص الغاز، وبمجرد عودة الغاز سيرتفع معدل الإنتاج وتعود ساعات التجهيز كما كانت.. وهناك مباحثات معمقة مع الجانب الإيراني بشأن إمدادات الغاز، خاصة وأن الوزارة سددت الديون بالكامل إلا أن القضايا المتعلقة بمصرف الـTBI بسبب العقوبات الأمريكية تمنع تحويل المبالغ لإيران.

إلى ذلك، يفسّر خبير الطاقة حمزة الجواهري، تأثير هذه المحطة على المناطق الوسطى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “توقف محطة البصرة بشكل مفاجئ يؤدي إلى تعويضها من باقي المحطات التي حاولت من جدوى لأنها من الأساس تعمل على الطاقة القصوى، بالتالي تخرج عن السيطرة وتتوقف المحطة تلو الأخرى”.

ويضيف الجواهري، أن “هذا الخلل تتولاه أنظمة السيطرة في كل محطة من المحطات فيما إذا حدث نقص في المناطق، لكن هذه الأنظمة لم تستطع اللحاق”، مشيرا إلى أن “إصلاحها يعتمد على عدد المحطات التي توقفت بـ(البلاك أوت) إذ تحتاج إلى يوم لاستقرار الكهرباء”.

وعن أسباب الحريق، يشير خبير الطاقة إلى أن “سخونة الجو في البصرة، إذ تتعدّى درجة الحرارة حاجز الخمسين، وحجم الأحمال، سيؤدي إلى الحريق أو ما يسمى بـ(الأوفر هيتينغ)، لاسيما أن أنظمة التبريد لم تعد تكفي لتبريد المحطة، فارتفعت درجة الحرارة خارج أنظمة السيطرة والسلامة، والحل فقط بتوقف الأنظمة”.

ويرى أن “درجة الحرارة عندما تصل إلى هذه المستويات سيكون هذا الحادث أمرا طبيعيا جدا، لأن المحطة تعمل بطاقة تصل إلى أكثر من 100 بالمئة في وقت من المفترض أن لا تتجاوز 90 بالمئة، مع وجود الأحمال الكبيرة بسبب الكثافة السكانية وانشطار البيوت إلى اثنين وثلاثة”، لافتا إلى أن “هناك دورا تستهلك 60 أمبير خاصة أن ثقافة الترشيد منعدمة، فبمجرد تشغيل الكهرباء الوطنية ستشتغل ملايين مكيفات الهواء في الدور والمؤسسات حتى لو كان المكان غير مستخدم”.

يذكر أن وزير الكهرباء زياد علي فاضل، أوعز بتشكيل لجنة تحقيقية عاجلة تتولى التحقيق، في أسباب الحريق الذي حصل بمحطة البكر التحويلية الثانوية، وتشكيل لجنة تحقيقية أخرى تتولى التحقيق بالاستهدافات التخريبية التي طالت أبراج وخطوط نقل الطاقة (صلاح الدين الحرارية _ حديثة) جهد 400 ك. ف بمنطقة القناطر بصلاح الدين”.

وغالبا ما تشهد محافظة صلاح الدين، تفجيرات أبراج الطاقة الكهربائية، وهو ما حصل في العام 2021، وتسبب بإطفاء المنظومة الكهربائية بالكامل وانقطاع الطاقة عن البلد، في حادثة أشبه بما جرى في عام 2003 وعام 1991، خلال الحروب التي مرت على العراق آنذاك.

يذكر أن تطوير قطاع الكهرباء في العراق، دائما ما تضمنه الموازنات، وكان آخرها موازنة 2022، حيث تضمنت بنودا عديدة حول صيانة محطات الطاقة الكهربائية، وذلك بعد أن تضمنت موازنة 2021 قروضا بضمانات مؤسسة الصادرات الدولية بقيمة 145 مليون دينار، و100 مليون دولار، فضلا عن تمويل صيانة محطة الدورة في بغداد بمبلغ 301 مليون دولار.

إقرأ أيضا