في الوقت الذي تنشغل فيه الأوساط الشعبية والسياسية بأزمة رواتب إقليم كردستان وتصاعد حدة التصريحات والاتهامات بين أربيل وبغداد حول تمويل الرواتب بالكامل، كشف النائب الكردي السابق كاوه محمد ،اليوم الأربعاء، بالأرقام كميات النفط المصدّر من الإقليم رغم إيقاف التصدير، محملا حكومة أربيل الجزء الأكبر من الأزمة.
وقال محمد في حديث لموقع “بغداد اليوم ” وتابعته “العالم الجديد”، إنه “بالرغم من قرار وقف تصدير النفط عبر ميناء جيهان، لكن الإقليم يبيع يوميا 300 ألف برميل من النفط، عبر الشاحنات، ولا أحد يعلم أين تذهب عائدات البيع، ولا تدخل ميزانية الإقليم”.
وأضاف أنه “أيضا لا توجد شفافية في قضية إيرادات المنافذ الحدودية والإيرادات الداخلية، ولا يوجد إعلان لها، بالتالي فإن حكومة إقليم كردستان تتحمل الجزء الأكبر من مشكلة الرواتب التي يعاني منها الإقليم، كونها لا تعلن عن عائدات النفط، وعائدات المنافذ، ولا تمتلك شفافية في هذا الأمر”.
يشار إلى أن أكثر من (300 ألف) برميل من النفط يوميا في الإقليم، منها (200 ألف) برميل يتم نقلها إلى إيران وتركيا عبر الصهاريج والباقي يتم بيعه داخل الإقليم، وتقدر العائدات النفطية بنحو (340 مليون دولار) شهريا وأكثر من(4 مليارات دولار) في عام 2024، فيما تقدر الإيرادات اليومية وفق هذه الأسعار بنحو (11 مليون دولار) أمريكي، أي نحو ( 399 مليون دولار) شهريا، ويقدر إجمالي الإيرادات المتأتية من بيع النفط خلال عام 2024 بنحو (4 مليارات دولار) أمريكي بحلول نهاية عام 2024، بحسب تقارير صحفية.
وكان العراق قد كسب دعوى للتحكيم رفعها أمام هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في العاصمة الفرنسية باريس، ضد تركيا بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي بدون الرجوع إلى شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، وعلى إثر القرار، توقف تصدير نفط كردستان البالغ 480 ألف برميل يوميا في 25 آذار مارس 2023.
ووفقاً لقرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة، فقد ألزمت المحكمة الجنائية الدولية، تركيا بدفع تعويضات لبغداد تصل إلى 1.5 مليار دولار بسبب الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان بين عامي 2014 و2018.
وتعمل بغداد حاليا على التوصل إلى اتفاق وسط من شأنه أن يعدّل ميزانيتها الفيدرالية للسماح لها بالدفع لشركات النفط العالمية العاملة في كردستان، مقابل التوصل إلى تسوية مع حكومة إقليم كردستان وشركات النفط العالمية بشأن تكلفة استخراج النفط المنتج في المنطقة الكردية.
ومنذ نحو 10 سنوات، لم تنجح الأطراف السياسية في بغداد وأربيل في حل الخلافات بين الجانبين والتي تسمى “الملفات العالقة” والتي تخص الموازنة وحصة الإقليم منها وملف رواتب الموظفين في إقليم كردستان ومصير المناطق المتنازع عليها وتسليح البيشمركة وغيرها من الملفات.
وتشهد العلاقات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد، مؤخرا، صراعا حول أزمة الرواتب والمستحقات المالية لإقليم كردستان والذي ظهر واضحا من خلال حرب البيانات والاتهامات المتبادلة بين بغداد وأربيل، والتي وصلت إلى تلويح الأكراد بالانسحاب من العملية السياسية على خلفية عدم صرف حكومة المركز لرواتب الإقليم ومستحقاته المالية.
وأثيرت أزمة الرواتب بالتزامن مع زيارة لرئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني إلى بغداد، حيث التقى الأخير برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقيادات تحالف إدارة الدولة الذي يضم الإطار التنسيقي، والذي توجه له التهم بعرقلة تنفيذ القوانين والدستور لحل الخلافات مع الإقليم.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا، ألزمت، في شباط فبراير 2024، حكومة بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان مباشرة، دون إرسالها إلى سلطات الإقليم، في ظلّ تأخير في تسليم جزء من الرواتب على مدى أشهر.
وبالرغم من الزيارات المتبادلة للوفود السياسية والفنية، والتي كان آخرها زيارة وزيرة المالية طيف سامي، إلى أربيل، إلا أن مسألة رواتب الموظفين، ما تزال تنطوي على الكثير من التعقيدات والإشكاليات الإدارية والقانونية.