يعود الجدل بين هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، وشركة كورك تيليكوم، حول عدم سداد الأخيرة الديون المتراكمة في ذمتها، والتي بلغت حتى الآن مليار وربع المليون دولار، وسط علامات استفهام، تثيرها لجنة نيابية، بشأن الفساد المتعلق بعمل تلك الشركات، وغياب دور الجهات الرقابية الحكومية.
وفي هذا الإطار، أكد عضو لجنة النقل والاتصالات النيابية، غسان العيداني، اليوم الخميس، أن شركة كورك للاتصالات تتهرب من تسوية واستيفاء الديون والغرامات المترتبة عليها، داعيا الجهات الرقابية إلى حماية حقوق الدولة، واسترجاع الأموال العامة.
وقال العيداني في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إنه “بناء على توصيات وزارة المالية، كلّف مجلس الوزراء لجنة النقل والاتصالات النيابية، بمتابعة ملف الديون والغرامات المترتبة بذمة شركة كورك للاتصالات، والعمل على وضع آلية قانونية لتحصيل هذه المبالغ”.
وأضاف، أن “شركة كورك ملزمة بتسديد الديون المتراكمة، والتي بلغت مليارا وربع المليون دولار، ويجب عليها الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه خزينة الدولة، دون أي تلكؤ أو محاولة تهرب”.
وشدد العيداني على “ضرورة تحرّك الجهات الرقابية والحكومية المعنية لضمان استرجاع الأموال العامة، وحماية حقوق الدولة العراقية”.
وتتصاعد هذه الأزمة في وقت حساس يعاني فيه العراق من ضغوط اقتصادية خانقة، في ظل العجز الحكومي عن إيجاد حلول تمويلية بديلة عن النفط، الذي طالما كان الركيزة الأساسية للموازنة، مما وضع اقتصاد البلاد على بساط من القلق، بسبب تقلب أسعار النفط في السوق العالمية.
كما تأتي هذه التصريحات، وسط علاقات مشحونة بالتوتر بين بغداد وأربيل، أثر توقيع حكومة إقليم كردستان، اتفاقيات تخص استثمار الغاز مع شركات أمريكية في واشنطن، من قبل رئيس الحكومة، مسرور بارزاني، فضلا عن أزمة الرواتب والجدل المستمر حولها.
وكانت شركة كورك تيليكوم، أصدرت في 20 شباط فبراير الماضي، بيانا غاضبا من هيئة الإتصالات إثر قيامها بقطع خدمة الانترنيت عنها، داعية فيه مجلس القضاء الاعلى، وهيئة النزاهة إلى التدخل العاجل، مبينة أن الهيئة قررت بشكل مفاجئ قطع الخدمة، ثم قامت وزارة الاتصالات بقطع أوصال شبكتنا بالكامل، دون أي اعتبار لحقوق المواطنين”.
وجاء البيان، في ظل اتهام النائب يوسف الكلابي لوزيرة الاتصالات، هيام الياسري، بالتقاعس عن تنفيذ القوانين المالية المقررة في قانون الموازنة، حيث أكد أن “الوزيرة لم تلتزم بتنفيذ أحكام قانون الموازنة العراقية، وتحديدا المادة 17 التي تنص على ضرورة إجبار شركات الهاتف المحمول على دفع مستحقاتها المالية قبل نهاية عام 2023”.
وضجت وسائل التواصل الإجتماعي، في حينها بالخلاف الحاد بين شركة كورك تيليكوم، وهيئة الاتصالات والإعلام، حيث انقسم الناشطون بين متعاطف مع الشركة، لا سيما أن جميع شركات الاتصالات في العراق مديونة للحكومة، وبين مرجح لتدخل ضغوط سياسة لتسوية الخلاف على غرار ما حدث في 2023.
ويشكو كثير من العراقيين من سوء خدمة الإنترنت، وارتفاع أسعارها في عموم المحافظات، على الرغم من إعلان وزارة الاتصالات حزمة من القرارات الهادفة إلى تحسين الخدمات، والحد من ارتفاع أسعارها.
وبالرغم من محاولات وزارة الاتصالات بين الحين والآخر للسيطرة على قطاع الإنترنت في العراق خلال الحكومات المتعاقبة، ضمن سياسات محاربة تهريب السعات، إلا أن القطاع يواصل حاجته لإجراءات أكثر، وفقا لما يشخصه مختصون.
يذكر أن هيئة الإعلام والاتصالات، كسبت قرارا قضائيا، في نيسان أبريل عام 2023، ملزم لشركة كورك تيليكوم، المملوكة لسيروان البارزاني، بدفع 800 مليون دولار بدل تراخيص وترددات المستخدمة من قبل الشركة دون العودة للهيئة.
وفي آذار مارس 2023، أقرت محكمة التحكيم التجاري الدولية بتغريم كورك 1.65 مليار دولار لصالح شركتي إنترناشونال هولدينگ الكويتية (1.329 مليار دولار) وتيليكوم العراقية (318.7 مليون دولار) بسبب دفع رشاوى لمسؤولين في هيئة الاتصالات العراقية، لإصدار قرار بمصادرة حصة الشركتين لصالح “كورك تليكوم”.
ورغم أن الخطوة قد تؤدي إلى تأثر آلاف المواطنين الذين يعتمدون على خدمات كورك تيليكوم، إلا أنها تسلط الضوء على ضرورة أن تلتزم الشركات الكبيرة بالمسؤوليات المالية التي عليها تجاه الدولة، وقد تشكل هذه الحادثة منعطفا في كيفية تعامل الحكومة العراقية مع الشركات الكبرى في المستقبل، وخاصة في ظل الظروف المالية الراهنة التي تمر بها البلاد، بحسب مختصين.