في ظل الضغوطات الإقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، تواجه شركة كورك تيليكوم أزمة حادة مع الحكومة العراقية بعد قرار هيئة الإعلام والاتصالات بقطع خدمة الإنترنت عنها بسبب عدم سداد ديونها المستحقة، التي تجاوزت مليار دولار وثلاثمائة مليون دولار، الأمر الذي دفع الشركة إلى إصدار بيان غاضب دعت فيه مجلس القضاء الاعلى، وهيئة النزاهة إلى التدخل العاجل.
وذكرت الشركة في بيان تلقته “العالم الجديد”، أنه “تعرض ملايين العراقيين من مستخدمي شبكتنا لقطع خدمة الإنترنت بشكل تعسفي من قبل هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات وبتوجيه من مكتب رئيس الوزراء في سابقة خطيرة لم يشهدها العراق ولا أي دولة في العالم، في تجاوز واضح للقانون وعقد الترخيص الذي ما يزال سارياً وفقاً للفترة التعويضية التي أقرها مجلس أمناء الهيئة عام 2020 وصادق عليه مجلس الوزراء، وذلك بسبب الأضرار التي لحقت بنا جراء حرب إرهاب داعش”.
وأضافت “ورغم أن شركتنا كانت الأكثر تضرراً من العمليات الإرهابية التي نفذتها عصابات داعش الإجرامية، إلا أن الهيئة قررت بشكل مفاجئ قطع الخدمة، ثم قامت وزارة الاتصالات بقطع أوصال شبكتنا بالكامل، دون أي اعتبار لحقوق المواطنين”.
وتابعت “وعلى مدار الفترة الماضية، تعرضت شركتنا لحملة تضليل إعلامي لتشويه سمعتها واتهامها زوراً بعدم السداد، رغم أننا التزمنا بالقانون ووافقنا على تسوية مالية لا أساس لها قانونيا، بناءً على اتفاق مع اللجنة النيابية المختصة”.
وبينت الشركة “وقد أكدت كل من وزارة المالية ومجلس القضاء الأعلى عدم وجود أي مانع قانوني لهذه التسوية، إلا أن الهيئة تراجعت عن موقفها ووضعت عراقيل لإفشالها، في خطوة تعكس ضغوطا سياسية تهدف إلى إقصاء شركتنا لصالح جهات أخرى مستفيدة على حساب المواطن”.
وأوضحت، أنه “لأول مرة، يحدث هذا الظلم على خدمة المواطنين في العراق وفي جميع أنحاء العالم، ومع الأسف، فإن هذه الحالة ستؤثر بشكل سلبي جداً على كل مستثمر في العراق، حيث تُظهر أن من يريد الاستثمار في العراق يجب أن يدرك أن استثماره سيكون في بلد تُدار فيه الأمور بالقوة والمصالح بدلًا من القانون والعدالة”.
وبينت “فالإنترنت والاتصالات حق أساسي من حقوق الإنسان وحرمان العراقيين منه بهذه الطريقة انتهاك صارخ لا يمكن السكوت عنه، لذلك نناشد رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهيئة النزاهة، ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، للتدخل العاجل ووقف هذه الإجراءات الظالمة التي تهدد مستقبل الاتصالات في العراق وتمس بحقوق ملايين العراقيين”.
وجاء البيان في ظل اتهام النائب يوسف الكلابي لوزيرة الاتصالات، هيام الياسري، بالتقاعس عن تنفيذ القوانين المالية المقررة في قانون الموازنة، حيث أكد أن “الوزيرة لم تلتزم بتنفيذ أحكام قانون الموازنة العراقية، وتحديدًا المادة 17 التي تنص على ضرورة إجبار شركات الهاتف المحمول على دفع مستحقاتها المالية قبل نهاية عام 2023”.
إلى ذلك، ضجت وسائل التواصل الإجتماعي، بالخلاف الحاد بين شركة كورك تيليكوم وهيئة الإتصالات والإعلام، حيث انقسم الناشطون بين متعاطف مع الشركة لاسيما وان جميع شركات الإتصالات في العراق مديونة للحكومة، وبين مرجح لتدخل ضغوط سياسة لتسوية الخلاف على غرار ما حدث في 2023.
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات، أعلنت أمس الأول الثلاثاء، عن اتخاذ إجراء عقابي بحق شركة “كورك تيليكوم”، يقضي بقطع خدمة الإنترنت عنها بشكل فوري، مشددة على ضرورة قيام شركة “كورك” بتعويض المشتركين وفقاً لبنود عقد الترخيص المنتهي، لضمان حماية حقوق المستهلكين.
يذكر أن هيئة الإعلام والاتصالات كسبت قرار قضائي، في نيسان أبريل عام 2023، ملزم لشركة كورك تيليكوم المملوكة لسيروان البارزاني، بدفع 800 مليون دولار بدل تراخيص وترددات المستخدمة من قبل الشركة دون العودة للهيئة.
وفي آذار مارس 2023 أقرت محكمة التحكيم التجاري الدولية بتغريم كورك 1.65 ملياردولار لصالح شركتي إنترناشونال هولدينگ الكويتية (1.329 ملياردولار) وتيليكوم العراقية (318.7 مليون دولار) بسبب دفع رشاوي وغش لمسؤولين في هيئة الاتصالات العراقية لإصدار قرار بمصادرة حصة الشركتين لصالح “كورك تليكوم”.
ويتماشى القرار الصادر عن هيئة الإعلام والاتصالات مع مساعي الحكومة العراقية لتعزيز استدامة الإيرادات الوطنية وتحقيق العدالة في تحصيل مستحقات الدولة.
ورغم أن الخطوة قد تؤدي إلى تأثر آلاف المواطنين الذين يعتمدون على خدمات كورك تيليكوم، إلا أنها تسلط الضوء على ضرورة أن تلتزم الشركات الكبيرة بالمسؤوليات المالية التي عليها تجاه الدولة، وقد تشكل هذه الحادثة منعطفًا في كيفية تعامل الحكومة العراقية مع الشركات الكبرى في المستقبل، وخاصة في ظل الظروف المالية الراهنة التي تمر بها البلاد، بحسب مختصين.