صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

أسعار الأدوية السورية ترتفع 5 أضعاف ومصانعها تغادر الى كردستان والصين وتركيا

يخرج الحاج محمود (59 عاما) من باب صيدلية في إحدى ضواحي العاصمة بغداد، وهو يتمتم بكلمات يشم منها رائحة الغضب، وقبل أن يذهب بعيدا استوقفته لأسأله عن سر امتعاضه، فأجاب بشهية متدفقة للحديث \”الدواء غالي يا عمي..\”. 

وأضاف \”يعني شريط الحبوب هذا الذي كنت أشتريه بـ500 دينار أصبح اليوم بـ 2500 دينار، شيء غير معقول\”، متسائلا بشيء من السخرية \”اللي ما عنده منين يجيب\”.

وعن سر هذا الارتفاع في أسعار بعض الأدوية، يوضح الصيدلاني صالح عبد الله، إن \”ارتفاع الأسعار أصاب الأدوية التي تأتي عن طريق سورية فقط، والتي اعتاد عليها المواطن العراقي لا لجودتها بل لرخص ثمنها، على الرغم من أن فاعليتها لم تكن بالمستوى المطلوب\”.

ويبين في حديثه مع \”العالم الجديد\”، أن \”الأدوية السورية كانت قد نجحت في أن تحل كبديل عن الأدوية الأجنبية (أوروبية المنشأ)، والتي نطلق عليها الأصلية، والتي تأتي غالية أصلا من المصدر، لأنها تحمل نفس الماركة وبسعر أقل بكثير منها، الأمر الذي جعل المواطن العراقي يعتاد عليها\”.  

ويتابع \”وبعد انقطاع الأدوية السورية وشحتها في السوق، لم تتبق الا تلك الأدوية الأصلية غالية الثمن، لذلك بدأت الأسعار بالارتفاع\”.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت أن الاشتباكات المسلحة في حلب تسببت بأضرار بالغة في قطاع صناعة الأدوية، مما أدى إلى نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

وأوضحت المنظمة أن التصعيد العسكري تسبب في أضرار جسيمة أصابت مصانع الأدوية في حلب وحمص وريف دمشق، والتي تشكل نحو 90 بالمائة من مصانع الأدوية في البلاد، مما أدى إلى نقص حاد في الأدوية.

وكانت مصادر قد أفادت بأن المنشآت الصحية في سورية توقفت عن العمل في المناطق الأكثر تضررا، مؤكدة أن التحدي الأكبر يتمثل في إيصال المساعدات للسوريين المتضررين في هذا الصراع.

ويؤكد الصيدلاني أحمد فارس، أمر ارتفاع الأسعار، بالقول إن \”الأدوية السورية أضحت شبه معدومة، بعدما كانت تفيض على حاجة صيدلياتنا، ما ضاعف أثمانها الى 4 أو 5 أضعاف قيمتها الحقيقية\”، منوها الى أن \”الأدوية السورية شحت الان بنسبة كبيرة، قد تصل الى 70 بالمائة\”.

وعن الأدوية السورية المتوفرة حاليا في السوق العراقية، تشير من جانبها، ليلى عبد الكريم صاحبة صيدلية في منطقة البياع ببغداد، الى أن \”الأدوية السورية المتوافرة في الأسواق ليست من صنع سوري، بسبب الأحداث المؤسفة هناك\”، موضحة أن \”الأدوية المكتوب عليها صنع سوري، باتت تصنع في إحدى ثلاث أماكن إما في شمال العراق (إقليم كردستان)، أو في الصين أو تركيا\”.

وتبين أن \”مدينة حلب تحتضن جميع مصانع الأدوية السورية، وهي الآن معطلة بشكل كامل، بسبب المعارك الدائرة هناك بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة، كما يعلم الجميع\”، مردفة \”ولأن الطلب على تلك الأدوية مستمر ومتواصل، بسبب الاعتياد عليها، كونها رخيصة، فقد سارع البعض الى سد الحاجة لمثل تلك الأدوية عن طريق افتتاح مصانع تنتج ذات الأدوية إما في كردستان العراق، أو في بلدان أخرى كالصين وتركيا\”.

وتتابع الصيدلانية ليلى عبد الكريم أننا \”لم نعرف لحد الآن من يقوم بصنع مثل هذه الأدوية، ليوردها الى السوق العراقية، فالبعض يقول بأنهم مجموعة من المستثمرين الذين يبحثون عن الربح والفائدة، والبعض يقول بأن أصحاب مصانع الأدوية أنفسهم هاجروا من حلب وسورية عموما، وافتتحوا مصانع جديدة في هذه الأماكن\”، لكنها تستدرك قائلة \”غير أن \”الشيء الذي تأكدنا منه هو أن تلك الأدوية ليست بكفاءتها السابقة\”.

وتضررت صناعة الأدوية العراقية منذ تسعينيات القرن الماضي بفعل ظروف الحصار الدولي المفروض على البلاد، بسبب اجتياح الكويت من قبل نظام صدام في العام 1990، وبفعل أعمال السلب والنهب التي تعرضت لها مصانع الأدوية العراقية، عقب اجتياح القوات الأميركية العراق وإسقاط النظام السابق.

وبعد الانفتاح الذي شهدته البلاد مؤخرا عاودت المصانع العراقية نشاطها، غير أنهالم تنجح في سد حاجة العراق، ولا في منافسة الدواء الأجنبي.

إقرأ أيضا