تتعرض أصوات 50 ألف سجين في الانتخابات المقبلة للتلاعب بسبب محاولات استغلالها من قبل قوى سياسية، عبر استمالتهم أو الضغط عليهم، في ظل توقف مفوضية حقوق الانسان عن الإشراف على الانتخابات نتيجة انتهاء فترتها الرسمية، على الرغم من كونه الأهم في ضمان نزاهة تصويت السجناء.
وتقول عضو مفوضية حقوق الانسان فاتن الحلفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عدد السجناء في العراق هو 50 ألف سجين، لكن لن تكون لنا أية مهمة في الانتخابات المقبلة، عكس الانتخابات السابقة التي أشرفنا فيها على اقتراع النزلاء في السجون، بسبب انتهاء دورتنا في المفوضية”.
وتضيف الحلفي “اذا كانت هناك رقابة حقيقية او دولية، فلن تحدث عمليات استغلال، وبخلافها سنشهد خروقا كثيرة، ولكن يبقى الدور الأساسي للرقابة”، مبينة أن “عدم تشكيل مفوضية جديدة لحقوق الانسان مشكلة كبيرة، وكان من المفترض ان تتشكل لتشرف بشكل رسمي على موضوع الانتخابات المبكرة”.
وكان مجلس القضاء الاعلى حذر يوم أمس، المرشحين للانتخابات من استغلال حاجة الموقوفين أو المحكومين وذويهم واستخدامهم لأغراض انتخابية، والإيحاء بتدخلهم في عمل القضاء والتأثير عليه، وكأن القضاء لا يعمل إلاّ بالاتصالات، أو أنّ بعض المرشحين أحرص على العدالة والمواطنين من القضاء، مؤكدا ان هذه الادعاءات غير صحيحة، وهي مسيئة لفكرة العدالة، وللموقوفين والمحكومين والمرشحين أنفسهم، وبعض الملفات، ومن ضمنها القضاء، لا تصلح أن تكون ملفات دعاية انتخابية.
وقد دعا مجلس القضاء في بيانه ايضا، الى التزام المرشحين بهذا الامر، كي لا يضطر القضاء إلى اتخاذ إجراءات تحافظ على رمزيته المستقلة، بإجراءات ضد المرشحين أنفسهم أولئك الذين يدّعون التأثير على القضاء.
ويعد استخدام موارد الدولة او الضغط الذي يمارس من قبل مسؤولين مرشحين للانتخابات، من الامور التي تشهدها كل انتخابات في العراق، وآخرها كان تشديد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، في 15 حزيران يونيو الحالي، على رفضه التام استغلال الوزارات لأغراض انتخابية، متوعدا كل من يلجأ الى ذلك بإحالته إلى التحقيق، بعد ان كشف عن شكاوى تخص اجراءات بعض مفاصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وشبهات باستغلالها لأغراض انتخابية على حساب قوت الفقراء، وذلك من خلال دعم بعض المرشحين بما يخص رواتب الرعاية الاجتماعية، متوعدا بالتحقق من هذه الشكاوى.
وفي حزيران يونيو الماضي، كشفت “العالم الجديد”، أن قائدا أمنيا برتبة لواء في وزارة الداخلية، وهو في ذات الوقت رئيس لناد رياضي مرتبط إداريا بوزارة الشباب والرياضة، عرض على كتلة سياسية تقديم الدعم وتحشيد أصوات الناخبين في منطقة ناديه الرياضي، مقابل منحه منصب مدير عام.
وفي التقرير السابق ايضا، قام مرشح بزيارة أحد الاندية الرياضية المرتبطة بوزارة الدفاع، واستمع لمطالبهم والتي تلخصت بفك ارتباطهم من إحدى تشكيلات الوزارة واعادة ارتباطهم بأمانة سر الوزارة مباشرة، فأخذ المرشح على عاتقه تقديم مطالعة الى وزير الدفاع جمعة عناد، والأخير وافق عليها مباشرة، ما دفع أعضاء النادي البالغ عددهم أكثر من 500 شخص، الى الالتفاف حول المرشح ودعمه.
من جانبه، يبين النائب السابق جاسم البياتي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المخاوف موجودة ليس فقط بشأن تصويت السجناء، بل حتى عامة الناس، خصوصا وان الكتل السياسية بعضها يجمع البطاقات الانتخابية لاستخدامها بيوم الاقتراع، وعليه فإن هذا الامر اقرب للواقع وستحدث مثل هذه الامور سواء داخل السجن او خارجها”.
ويردف أن “الكتل السياسية وخاصة من تمتلك السلاح والمال، هي أقوى من الدولة، والحكومة غير قادرة للوقوف امامهم بصراحة، وعليه يجب إقامة الانتخابات بكل العلل الموجودة لان تأجيلها أسوأ بكثير من القلق والمخاوف التي قد تحدث خلال اجرائها”، مضيفا “حتى في حال وجود مفوضية حقوق الانسان المكونة من نفس الكتل السياسية، فهي لم تأت من كوكب آخر، فانها لن تستطيع ايقاف عمليات التلاعب بالانتخابات”.
ويشهد البلد سباقا محموما قبل كل انتخابات، ولا يقتصر الأمر على الدعاية والترويج في وسائل الإعلام، بل يصل الى مرحلة “شراء الذمم” عبر امور بسيطة هي من حق المواطن أن يحصل عليها، لكنها مفقودة بشكل شبه تام، وتظهر قبل أشهر من الانتخابات فقط، الأمر الذي بات المواطن يرفضه بشكل كامل، وهذا ما تناولته “العالم الجديد”، عبر تقرير في 13 نيسان أبريل الماضي، حول الخدمات العاجلة التي تقدم للمواطن وأبرزها تعبيد الطرق.
ومن المفترض أن تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول اكتوبر المقبل، بحسب قرار مجلس الوزراء، الذي صدر بناء على مقترح من مفوضية الانتخابات، التي أكدت انها غير قادرة على إجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده المجلس وهو حزيران يونيو المقبل.
وكان النائب محمد الخالدي، أكد في تصريح صحفي حزيران يونيو الحالي، ان استغلال أموال الدولة، يتم من خلال المسؤولين التابعين لتلك الأحزاب، عبر تنشيط مشروعات في بعض المناطق، وتقديم خدمات عاجلة للسكان، وفق الاختصاص، فضلا عن قضايا الرشاوى، والدفع المباشر، والوعود الانتخابية، وهو ما تصاعد بشكل واضح خلال الأيام الماضية، داعيا الى ضرورة تدخل الجهات المعنية، مثل هيئة النزاهة ولجنة النزاهة في البرلمان، فضلا عن مفوضية الانتخابات، التي ينبغي أن تكون واضحة في مسائل الاستغلال الانتخابي، وفرض عقوبات صارمة.