أعماقهم لا \”أعماق الأزقة\”

لست متخصصا في الدراما ولا متابعا جيدا لها، لكن ما شاهدته في الحلقات الأولى من مسلسل \”أعماق الأزقة-المدينة\” جعلني اشعر باغتراب هائل، هل يعقل أن يأتي كاتب وممثل عراقي ليتحدث عن مدينة الثورة/ الصدر حاليا في عمل درامي تنفق عليه الملايين، ويفوته أن يقرأ عن تاريخ هذه المدينة؟. صحيح أن الدراما العراقية تعاني من انفصام منذ زمن طويل، وغالبا ما يكون الحوار هجينا فلا هو بغدادي ولا جنوبي ولا هو من المنطقة الغربية، لكن هذا لا يبرر أخطاء تاريخية فادحة، تبدأ من العنوان الذي يتضمن كلمة \”المدينة\” والتي لم تستخدم للدلالة على \”الثورة\” بعد عام 2003، في حين أن زمن المسلسل في السبعينيات، وتستمر الأخطاء فترى شوارع \”الثورة\” مبلطة بالقرميد في حين لم تبلط تلك الأحياء بـ\”الإسفلت\” إلا عام 1981، وكانت قبلها عبارة عن طين وماء، ويوضح لنا تايتل المسلسل أن تصوير المشاهد تم في مدينة \”الحرية\” وبين تلك المدينة و\”الثورة\” بون بعيد واختلاف في التصميم والشكل.

وممّا يؤلم بشكل مفرط صورة المرأة في المسلسل، حيث تشاهد نوعا من الأكشن تلمع فيه الحراب والسكاكين، وإفراط غير منطقي وغير مبرر في القسم بأسماء الأئمة \”ع\” على لسان البطلة \”آلاء حسين\” وهي تهاجم الرجال وكأن نساء \”الثورة\” وحوش أو قاطعات طريق.

قناة العراقية تتحمل الوزر الأكبر من مسلسل يحمل هذه الأخطاء الفادحة في طيّاته، فقد تعاقدت مع مخرج أردني لا يعرف عن \”الثورة\” شيئا، واعتقدت القناة أن كتابة مسلسل عن منطقة \”باب الشيخ\” في الجزء الأول من \”أعماق الأزقة\” يشبه الكتابة عن \”الثورة\”، رغم أن الفارق واضح والكثافة السكانية والعمق السياسي يجعلان الأمر مستحيلا لمخرج لا يقرأ، ومؤلف لا يريد إلا كسب المال، كما تعوّد مع الدراما الخليجية التي كتبها عبر عقد وأكثر، العتب الأكبر على الممثل \”محمد هاشم\” وهو أحد أبناء هذه المدينة، والذي يزيد الطين بلة، أداؤه دور الشقاوة والفتوة وهو يركل الناس بـ\”ركبته!!\” رغم أنه يعلم جيدا أن هذا الشيء ليس له وجود البتة، إنها أعماقهم السيئة وليست أعماق الأزقة.

إقرأ أيضا