يبتسم ضياء سامي وهو يمسح إشعارا على هاتفه مكتوبا فيه “بعد ساعة ستبدأ الحرب بين إيران وأمريكا”، إذ أرسلت شركة إيرثلنك لمشتركيها في الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء إشعارا تشويقيا لمشاهدة مباراة إيران ضد أمريكا في نهائيات كأس العالم “فيفا قطر 2022” عبر خدمة “شبكتي” التي تبث مباريات كأس العالم، ثم ألحقته بإشعار آخر: “استعدوا للمعركة بين أمريكا وإيران”.
يرى سامي، الذي يملك محلا لاكسسوارات الموبايل، أن “الموضوع لا يستحق، لأنها مباراة كرة قدم لا أكثر” كما يقول خلال حديثه لـ”العالم الجديد”.
والتقى المنتخب الإيراني نظيره الأمريكي مساء أمس، ضمن منافسات المجموعة الثانية التي تصدرها المنتخب الإنكليزي بعد فوزه على منتخب ويلز بثلاثية نظيفة.
وبعيدا عن محل سامي، كانت الأجواء في مقاهي بغداد صاخبة، والأحاديث منقسمة بشأن التشجيع، لكن حلقة شباب سألتهم “العالم الجديد” عن ميولهم، أكدوا أنهم يميلون لفوز إيران، كونها تمثل قارة آسيا، وليس لاعتبارات إيديولوجية.
قال أحدهم ساخرا “يجب أن يكون الحكم عراقيا”، وأجابه صديقه “ستجعلونه (ذيل) أو (جوكري) في النهاية”. في إشارة إلى الاتهامات التي شاعت على وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبرت تحريضية وحاملة لاتهامات بسبب الانقسام الداخلي حيال العلاقة بأحد البلدين.
وانتعشت مقاهي بغداد على مدى الأسبوع الماضي بتوفيرها شاشات ضخمة لمشاهدة مباريات كأس العالم التي تبدأ من الواحدة ظهرا حتى منتصف الليل.
ويقول أمير محمود (27 عاما) خلال حديث لـ”العالم الجديد” أنه “يرتاد مقهى في منطقة زيونة ببغداد يوميا لمشاهدة مباريات كأس العالم”، مؤكدا رغبته في “مشاهدة مباريات كأس العالم مع الأصدقاء، بأجواء ملؤها الحماس والإثارة”.
ويتابع محمود أن “حماس التشجيع في كأس العالم مختلف تماما عن الدوريات، وكل شخص لديه منتخب لتشجيعه، فالعراق لم يشارك في كأس العالم”.
ويبين أنه حاول شراء تذاكر كأس العالم، لكنه فشل في الحصول على بطاقة “هيا” التي تدخله الى دولة قطر، وهي المشكلة ذاتها التي واجهت عدداً من رفقائه، لينتهي بهم المطاف متابعين لكأس العالم من شاشات داخل المقاهي.
وكان منظمو كأس العالم في قطر، اشترطوا حمل بطاقة هيا الرقمية، للدخول إلى قطر أثناء فترة المونديال التي تستضيفه الدوحة للفترة بين 21 تشرين الثاني نوفمبر و18 كانون الاول ديسمبر من العام الحالي، لكن كثيرا من العراقيين عانوا في كيفية حيازتها، وكذلك في دخول الدوحة حتى حلّت المشكلة لاحقا.
ومن خلف غيمة دخان نفثها عبر أركيلته، يؤكد زكريا حيدر، أنه مشجع مجنون لمنتخب الأرجنتين، ويتابع بشغف كل المباريات، ويبدو غير مبال بمباريات المجموعة الثانية، مشيراً إلى أهمية المباراة الأخيرة للأرجنتين أمام “بولندا” اليوم.
يقول حيدر لـ”العالم الجديد”، انه يرتاد مقاهي محددة في منطقة الكرادة لمشاهدة مباريات كأس العالم، ومتابعة فريقه المفضل الأرجنتين، مع جمع من الأصدقاء، الذين يشاركونه مائدة العشاء، وأركيلة يتقاسمونها فيما بينهم.
وتلعب الأرجنتين مباراتها المصيرية اليوم أمام بولندا في الجولة الثالثة بعدما خسرت في سابقة تاريخية أمام المنتخب السعودي، ثم أنعشت آمالها مجددا بعد الفوز على المكسيك في الجولة الثانية.
من جانبه، يؤكد مالك أحد المقاهي في منطقة المشتل ببغداد وهو زيد محمد أن “المقاهي ما قبل كأس العالم تختلف عما هي الآن”، ملوحاً إلى “كثافة مطردة في إقبال الزبائن، إنها أيام شبيهة بأيام استئناف الدوريات العالمية، أيام السبت والأحد”.
وعن استعداداته لكأس العالم كصاحب مقهى مشهور في بغداد يبين زيد أنه قام ببعض التحديثات داخل المقهى، لتتناسب مع حجم الحدث، كرفع أعلام المنتخبات المشاركة في كأس العالم، فضلاً عن وضع صور اللاعبين البارزين، ورفع مكبرات الصوت، تنبيهاً للناس بأن المقهى تتوفر فيه خدمة عرض مباريات كأس العالم، ملوحاً إلى أن “مباريات كرة القدم بشكل عام، وكأس العالم بشكل خاص، تمثل بالنسبة له فرصة اقتصادية جيدة”.
وقريبا من الشاشة، صدح صوت معلق المباراة اليمني حسن العيدروس “أمريكا تتأهل إلى الدور القادم بعد الفوز على إيران”.
وخطف منتخب أمريكا بطاقة التأهل إلى الدور الـ 16 من بطولة كأس العالم بعد فوزه على نظيره منتخب إيران بهدف نظيف في الجولة الثالثة من دور المجموعات.
وأحرز نجم نادي تشيلسي الإنجليزي بوليسيتش هدف المنتخب الأمريكي في المباراة عند الدقيقة 38 من عمر الشوط الأول.
وتأهل منتخب أمريكا إلى الدور الـ 16 بعد احتلاله المركز الثاني برصيد 5 نقاط خلف منتخب إنجلترا صاحب المركز الأول برصيد 7 نقاط.
وكانت هذه المباراة قد اخذت في الايام الماضية طابعا سياسيا وظهرت خلافات فعلية قبل المباراة، بدأت بحذف اتحاد كرة القدم الأمريكي شعار الجمهورية الإسلامية من علم إيران دعما للمتظاهرين هناك.
واحتجت طهران، وأفادت وكالة تسنيم للأنباء أن الاتحاد الإيراني لكرة القدم سيرفع شكوى ضد الاتحاد الأمريكي أمام لجنة الأخلاقيات في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) “لعدم احترام العلم الوطني للجمهورية الإسلامية”.