مع بدء إجراء الانتخابات التشريعية، يبرز سؤال حول مصدر الأموال الطائلة التي أنفقتها التحالفات السياسية للترويج، في ظل أنباء عن قيام حزب واحد برصد مليوني دولار (2.5 مليار دينار)، فيما منح تحالف سياسي مبلغ 34 ألف دولار (50 مليون دينار) لكل مرشح من مرشحيه الذيت تجاوزوا الـ100، وفيما أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن القوانين لا تفرض سقفا ماليا محددا، أشار خبير قانوني الى حاجة المعترض الى دليل لعدم مشروعيتها.
وتقول المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جمانة الغلاي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المفوضية لم تحدد أي سقف مالي فيما يخص الأموال التي تصرف من قبل المرشحين على دعاياتهم الخاصة“.
وتضيف الغلاي، أن “قانون الانتخابات لم يتضمن أي فقرة لتحديد سقف الانفاق على الحملة الانتخابية، وبالتالي فان المفوضية لا تستطيع أن تفرض على المرشحين سقفا ماليا بالنسبة لدعاياتهم كونها تطبق ما جاء في نصوص القانون“.
وتبين “كما لم تشكل المفوضية أي لجان لمتابعة الأموال التي تصرف على الحملات الدعائية للمرشحين، لأن هذه الفقرة لم ترد في القانون ولا تعتبر مخالفة ولم يُجَز متابعتها“.
وقد استخدمت في هذه الانتخابات كافة وسائل الدعاية الانتخابية، منها عمليات تعبيد الطرق ووضع محولات الطاقة الكهربائية، وغالبا ما تكون ضمن استخدام موارد الدولة، بحسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، كشفت فيه عن وعود منحت لبعض المسؤولين في البلديات مقابل تسخير الآليات والمواد الرسمية للمرشحين، بالاضافة الى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رصدت مبالغ طائلة لتمويل اعلانات المرشحين، رغم الضوابط التي وضعتها شركات وسائل التواصل لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات العراقية.
وحول الأموال التي رصدتها الكتل السياسية المشاركة بالانتخابات، يكشف مصدر سياسي مطلع في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حزبا سياسيا رصد مليوني دولار لحملته الانتخابية، وسلم الأموال الى شركة إعلام محلية صنعت تطبيقا على الهواتف النقالة وطبعت لافتات ويافطات وكارتات، ووزعت بعض الأموال على مرشحيها“.
ويفيد مصدر آخر بأن “تحالفين انتخابيين رصدا أموالا طائلة لمرشحيهم، فالأول رصد 50 مليون دينار (34 ألف دولار) لكل مرشح، وهو لديه عشرات المرشحين وكتل متحالفة معه، وقد سلمت هذه الأموال للمرشحين، ومنحوا صلاحية إعداد دعايتهم الخاصة، سواء اللافتات أو الترويج عبر الفيسبوك أو غيرها من الطرق الدعائية“.
ويلفت مصدر سياسي آخر، الى أن “تحالفا سياسيا (ثالثا) شهد قضية غريبة، حيث خصص رئيس التحالف 15 مليون دينار (نحو 10 آلاف دولار) لكل مرشح، وقد كلف قياديا في التحالف المذكور لتوزيع هذه المبالغ على المرشحين، لكن الذي جرى أن هذا القيادي سلم المرشحين 5 ملايين دينار فقط (نحو 3300 دولار)، واستحوذ على المبلغ المتبقي، ما أثار خلافا حادا أدى الى خروج هذا القيادي من التحالف“.
ويعتبر التمويل الخارجي للقوى السياسية او المرشحين، من أبرز الإشكالات التي ظهرت بعد عام 2003، خاصة في ظل رصد بعض المرشحين أو الأحزاب لمبالغ كبيرة تصل الى عشرات الملايين من الدولارات للحملات الانتخابية، وذلك على الرغم من إقرار مجلس النواب لقانون الأحزاب في عام 2015، وهو أول قانون في العراق بعد 2003، وتضمن بنودا تقنن تمويل الأحزاب وموارده وطريقة إنفاقها.
يشار الى أن “العالم الجديد” سلطت الضوء في 7 نيسان أبريل 2020، على هذا الملف، وورد فيه أن العديد من الأحزاب الحالية لم تستوف شروط التمويل حسب القانون، فكل أموالها يجب أن تكون في سجل رسمي، لكن النص القانوني شيء وما تقوم به الأحزاب الآن شيء آخر، وذلك وفقا لخبير قانوني.
وكان الخبير في شؤون الانتخابات عادل اللامي كشفت سابقا لـ”العالم الجديد”، أن التمويل الخارجي غير مستبعد، وهو واضح من خلال عملية الحج التي يقوم بها السياسيون إلى دول مجاورة، خاصة الصف الاول منهم، اضافة إلى غسيل الاموال بالخارج، وهذه جميعها تدخل ضمن تمويل الاحزاب ودعايتها الانتخابية.
الى ذلك، يبين الخبير القانوني طارق حرب في حديث لـ “العالم الجديد”، أن “الأصل بموضوع أموال المرشحين التي صرفت على الدعاية الانتخابية، هو براءة الذمة، وطالما أن المرشح مالك لهذه النقود فهو مالكها بقرار شرعي، ومن يقول خلاف ذلك عليه أن يثبت عبر الأدلة والوثائق والشهادات“.
ويرى حرب أن “العديد من الأشخاص بعد 2003 أصبحوا أثرياء خلال فترة قصيرة، وبالتالي فان هذه المالية واضح أنها غير مشروعة، لكن الأمر يتطلب الإثبات، ومن دونه ستكون مشروعة”، مبينا أن “التساؤل حول حجم الأموال التي تصرف على الانتخابات واقعي ومشروع، لكنه يصطدم بواقعة قانونية تتمثل بأن الأصل فيها البراءة، وعلى من يدعي العكس أن يثبت ذلك“.
وتضمن قانون الاحزاب مواد خاصة بالتمويل، أبرزها: أن مصادر تمويل كل حزب تشتمل على اشتراكات أعضائه، التبرعات والمنح الداخلية، عوائد استثمار أمواله وفقا لهذا القانون، الإعانات المالية من الموازنة العامة للدولة بموجب المعايير الواردة في هذا القانون، للحزب الحق في امتلاك العقارات لاتخاذ مقر له أو مراكز لفروعه، يتم تثبيت مبالغ اشتراكات أعضاء الحزب السياسي وتوزيعها واستخدامها بما يتفق مع النظام الداخلي وأحكام هذا القانون، لا يتحدد الدخل الكلي المستحصل من اشتراكات أعضاء الحزب السياسي بسقف معين، عند استلام التبرع، يتم التحقق من هوية المتبرع وتسجل في سجل التبرعات الخاص بالحزب، يتم نشر قائمة أسماء المتبرعين في جريدة الحزب، يمنع التبرع للحزب بالسلع المادية أو المبالغ النقدية المعدة أصلا لكسب منفعة غير مشروعة للحزب أو للمتبرع، لا يجوز للحزب السياسي أن يتسلم التبرعات من المؤسسات والشركات العامة الممولة ذاتياً، من الشركات التجارية والمصرفية التي يكون جزء من رأسمالها من الدولة، وتمنع كل التبرعات المرسلة من أشخاص أو دول أو تنظيمات أجنبية.