صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تركيا تدخل على خط تشكيل حكومة الإقليم.. هل يتم إقصاء الاتحاد الوطني؟

بعد مرور شهرين على انتخابات برلمان إقليم كردستان، ودخول الأحزاب الكردية في اجتماعات مكثفة لتشكيل الحكومة، ظهرت للواجهة أجندة تركية، تسعى لفرض نفوذها وسطوتها على شكل حكومة الإقليم الجديدة، وذلك بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة الجيل الجديد، وفيما عزا مراقب سياسي ذلك، إلى غياب طهران عن المشهد، ما فسح المجال لأنقرة بهدف التوغل السياسي، استبعد الاتحاد الوطني الكردستاني أن يتم إقصاؤه من المشهد السياسي، بموازاة ذلك نفى “الديمقراطي” أيا من تلك التحركات.  

ويقول مصدر سياسي مطلع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، إلى تركيا، شهدت نقاشات ودفع باتجاه تشكيل حكومة الإقليم الجديدة”.

ويضيف المصدر، أن “بارزاني، التقى خلال زيارته إلى تركيا، بزعيم حراك الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد سرا، وتم التباحث حول مشاركة الجيل الجديد في حكومة الإقليم، ومنحهم عدة مناصب، بينها رئاسة برلمان الإقليم، ومنصب وزير المالية ونائب رئيس الإقليم”.

وكان رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني، زار تركيا قبل يومين، والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبحثا ملفات المنطقة وقضايا الأمن، حسب البيانات الرسمية الصادرة عن الطرفين.

كما التقى بارزاني في أنقرة، مع وزير خارجية تركيا هاكان فيدان، وناقش معه سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان وتركيا، إلى جانب بحث آخر مستجدات الأوضاع العامة في العراق والمنطقة.

من جانبه، يبين الباحث في الشأن السياسي لطيف الشيخ، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تركيا تريد استغلال الواقع الحالي، الذي يشهد تراجعا للدور الإيراني، وإنشغال طهران بلملمة جراحها، نتيجة الضربات التي تلقتها في لبنان وسوريا، والتهديدات حول حل الفصائل المسلحة في العراق”.

ويلفت الشيخ، إلى أن “تركيا تريد وضع الاتحاد الوطني الكردستاني في حلقة ضيقة، وأن لا يكون صاحب الشروط في مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم، لأنه إذا اتفق الديمقراطي والجيل الجديد، فإن الاتحاد سيكون أمام الأمر الواقع وسيكون مضطرا بالقبول بكل السيناريوهات، ولا يفرض شروطه، بعكس ما كان يخطط له، من المساومة على منصب رئاسة الإقليم، وأخذ مناصب مهمة، واستغلال حاجة الديمقراطي له”.  

ويؤكد أن “تركيا توجه رسالة جديدة بأنها اللاعب الأقوى في المنطقة، وأن دور إيران في تشكيل حكومة الإقليم انتهى، والرسالة الأخرى للاتحاد الوطني بأن عليه تنفيذ مطالب تركيا، وعدم التعاون مع حزب العمال الكردستاني”.

يشار إلى أنه، خلال وجود بارزاني في أنقرة، أصدرت الأخيرة قرارا بتمديد الحظر المفروض على مطار السليمانية لمدة 6 أشهر جديدة، على خلفية اتهامها الاتحاد الوطني الذي يدير المدينة، بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني.

يذكر أنه وفقا للقانون، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يمتلك 39 مقعدا، مع مقاعد الجيل الجديد الـ 15، ستشكل الأغلبية داخل برلمان الإقليم الذي يحتاج إلى 51 مقعدا فقط، من مجموع عدد المقاعد البالغة 100 مقعد.

وبهذا يستطيع تشكيل حكومة الإقليم، وتسمية المناصب، دون الحاجة للاتحاد الوطني الكردستاني، صاحب المرتبة الثانية، والذي يمتلك 23 مقعدا.

إلى ذلك، يبين عضو الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد هركي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “استبعاد الاتحاد الوطني من معادلة تشكيل حكومة الإقليم أمر يعد مستحيلا”.  

ويوضح هركي، أنه “لا الثقل السياسي ولا الجغرافي الذي يتمتع به الاتحاد الوطني، تجعل منه صيدا سهلا، وحتى الأطراف الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة لن تقبل إلا بتشكيل حكومة متوازنة في الإقليم، والتوازن لن يتحقق إلا بمشاركة طرف رئيسي فيها، وهو الاتحاد الوطني”. 

ويلفت إلى أنه “نظام الإدارتين مازال فعالا، والاتحاد الوطني صاحب النفوذ الأكبر في محافظتي السليمانية وحلبجة، وجغرافيا لا يمكن استبعاده، رغم وجود رغبة تركية بذلك”. 

ويتابع أن “هناك اعتراضات أمريكية وأيضا من دول عربية وعلى رأسها الإمارات ومصر والأردن، على النفوذ التركي المتزايد في سوريا، لذلك تبحث أنقرة عن بدائل أخرى احتياطية، وهي تريد اختيار الإقليم لتنفيذ أجندتها عبر بعض المتحالفين معها، ولكن ما نؤكده بأن المراهقة التركية والانصياع خلفها لن ينجح، والمشروع التركي فشل في عدة مناطق ومنها كركوك، والإرادة الوطنية هي التي تنتصر في الأخير”.

يشار إلى أن تقريرا لصحيفة العرب اللندنية، كشف أن الاتصالات التي تجريها القيادة السياسية التركية مع قيادات سياسية وحزبية كردية تشكل ضغطا شديدا على الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي تجمعه علاقات متوترة مع أنقرة بسبب اعتباره متحالفا مع حزب العمال الكردستاني الذي تخوض القوات التركية حرباً ضده متواصلة منذ أربعة عقود.

وأضاف التقرير أن، زيارة مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، لأنقرة ولقاءه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يعكسان محاولات لتكثيف الضغط على الاتحاد الوطني، خاصة في ظل استقبال أنقرة لرئيس حزب حراك الجيل الجديد، شاسوار عبدالواحد، في لقاء جمعه مع نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز.

من جانبه، ينفي عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، وجود “أي لقاء سري جمع رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، مع رئيس حراك الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد”.

ويوضح سلام، أن “وجود بارزاني وعبد الواحد في أنقرة بنفس اليوم هو مصادفة فقط، ولا يوجد أي ترتيب لها بشكل مسبق، ولم يجمعهم أي لقاء”.

ويردف أن “الملفات التي بحثها بارزاني مع المسؤولين الأتراك، ركزت على وضع الكرد بسوريا، وملف استئناف تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان، وملفات اقتصادية وأمنية، ولم تتطرق لتشكيل الحكومة والأطراف التي ستشترك فيها، لآن هذا الأمر هو شأن داخلي خاص بالإقليم”.

ويوضح أن “الحزب الديمقراطي لا يريد استثناء أي طرف من عملية تشكيل الحكومة، ولكن يجب أن تكون المشاركة وفقا للاستحقاقات الانتخابية، ونرفض عملية المساوامة ولوي الأذرع”.   

يشار إلى أن القنصل الأمريكي في أربيل، ستيف بيتنر، التقى رئيس الدائرة التنظيمية للحزب الديمقراطي الكوردستاني هيمن هورامي، يوم أمس الثلاثاء، وأكد أهمية تشكيل حكومة شاملة في إقليم كردستان في أسرع وقت ممكن، وتنفيذ برنامج برلماني يخدم مصالح الشعب كافة.

يذكر أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني، عقدا يوم أمس الأول الثلاثاء، اجتماعا في مدينة أربيل دون التوصل إلى أي اتفاق بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، وجرى الاتفاق بين الطرفين على عقد اجتماع جديد يوم الخميس (اليوم).

وهذا هو الاجتماع الثالث من نوعه حيث انعقد في مدينة السليمانية بنهاية شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، أول اجتماع رسمي بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كوردستان العراق بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي، وذلك بهدف التباحث من أجل تشكيل الحكومة الجديدة للإقليم، وبعدها بفترة انعقد الاجتماع الثاني.

إقرأ أيضا