في أول رد فعل سياسي على قرار المحكمة الاتحادية الولائي والقاضي بإيقاف تنفيذ قوانين العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة العقارات، أعرب رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، اليوم الثلاثاء، عن رفضه الشديد لقرار المحكمة الاتحادية القاضي بإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، مهددا بتظاهرات عارمة في البلاد.
الجدير بالذكر أن كتلة تقدم البرلمانية، قد أعلنت في 13 كانون الثاني يناير الماضي، مقاطعة نواب الكتلة لجلسات المجلس لحين إدراج مشروع تعديل قانون العفو العام.
وقال الحلبوسي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، “قلناها سابقاً ونؤكدها مراراً وتكراراً، أن قانون العفو الذي تم إقراره يهدف لإنصاف الأبرياء المظلومين حصراً، ولا نقبل بخروج الإرهاب الذي اكتوينا بناره قبل غيرنا وأكثر.”
واتهم الحلبوسي المحكمة الاتحادية بتسييس قراراتها، قائلاً: “لا نقبل أن تُسَيّس المحكمة الاتحادية غير الدستورية وتضرب القوانين والتشريعات عرض الحائط، وتصدر أمرها الولائي المجحف بحق الأبرياء والمظلومين.”
وأكد الحلبوسي عزمه مواجهة قرار المحكمة بكل السبل، قائلاً: “سنواجه ونتصدى لقرار إيقاف تنفيذ قانون العفو بكل الوسائل القانونية والشعبية، وندعو إلى مظاهرات عارمة تهز أركان الظلم وتعلن رفضها لولاية محكمة جاسم عبود العميري (رئيس المحكمة) على السلطات.”
وفي ختام تصريحه، دعا الحلبوسي إلى خطوات تصعيدية، مشيراً إلى “العمل على مقاطعة شاملة وكاملة لكل المؤسسات والفعاليات التي لا تحترم إرادة الشعب والاتفاقات بين مكوناته.”
وأصدرت المحكمة الاتحادية في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، امراً ولائياً بإيقاف تنفيذ القوانين الثلاث، الأحوال الشخصية، العفو العام، العقارات، جاء ذلك بعد أشهر من الصراعات حول تلك القوانين.
وصوت مجلس النواب بجلسته الثالثة من فصله التشريعي الأول، السنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة، المصادف 21 كانون الثاني يناير الماضي، برئاسة محمود المشهداني رئيس المجلس على ثلاثة قوانين.
وبحسب بيان للدائرة الإعلامية للبرلمان، صوت المجلس بالمجمل على مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المقدم من اللجنتين القانونية والمرأة والأسرة والطفولة والذي جاء انسجاماً مع ما أقرَّته المادة (2) من الدستور بأنه لا يجوز سَن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام وما أقرته المادة (41) من ضمان حرية الأفراد في الالتزام بأحوالهم الشخصية وحسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم، أو اختيارهم، ولوضع تلك المادة موضع التنفيذ وتنظيم تلك الحرية في إطار القانون بالشكل الذي يحافظ معه على المحاكم كجهة قضائية موحدة بتطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية وفقاً للقانون، وبالنظر إلى طلب مواطني المكون الشيعي في مجلس النواب تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 بما يتيح للعراقيين المسلمين من أتباع المذهب الشيعي تطبيق أحكام المذهب الجعفري الشيعي عليهم، وعدم موافقة المكون السني في مجلس النواب بعدم سريان هذا التعديل على العراقيين المسلمين من أتباع المذهب السُني.
وصوت المجلس بالمجمل على مشروع قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) المقدم من اللجنة القانونية، لصدور العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) باستملاك الأراضي العائدة للمواطنين ولأجل إعادة الحقوق الى أصحابها وإزالة الآثار الناجمة عنها.
كما صوت المجلس بالمجمل على مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016 المقدم من اللجان القانونية، والأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، والذي يهدف إلى عدم إتاحة الفرصة لمرتكبي الجرائم الإرهابية والجرائم المنظمة لخطف الأشخاص لما تمثله من سلوك إجرامي خطير وما خلَّفته من آثار سلبية على المجني عليهم أو ذويهم وخطورتها على المجتمع وإعادة دمج ممن يشمل بقانون العفو بالمجتمع بعد إعادة تأهيله بدوائر الإصلاح ومنحهم الفرصة للعيش الكريم.
وشهدت الجلسة فوضى ومشادات بين عدداً من أعضاء مجلس النواب احتجوا على آلية التصويت على القوانين الثلاثة الجدلية، فيما لجأ البعض إلى الصعود فوق منصة المجلس، ما دفع النائب الثاني لرئيس المجلس شاخوان عبد الله إلى رفع الجلسة، وذلك بعد مغادرة المشهداني القاعة عقب إعلانه تمرير القوانين.
وعقب الجلسة، جمع العديد من النواب، تواقيع لإقالة المشهداني، بسبب اعتراضهم على آلية التصويت على القوانين.
وكان النائب هادي السلامي، أعلن في 22 كانون الثاني يناير الماضي، تقديم طعن لدى المحكمة الاتحادية، في دستورية جلسة مجلس النواب، رفقة عدد من النواب.
يشار إلى أن موضوع تمرير القوانين الجدلية والخلافية بنظام ما يعرف بـ “السلة الواحدة” ليس جديدا على البرلمان العراقي، وهو إجراء يتم اللجوء إليه في حال وصول الخلافات بشأن قانون معين الى طريق مسدود، وبشكل يعزز مصلحة الكتل السياسية واستقطاباتها الطائفية والفئوية والجهوية.
وجاء التصويت على هذه القوانين بعد أشهر من الخلافات بين الكتل السياسية، والاعتراضات من قبل المتخصصين والمنظمات المدنية، دفعت لإلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات حولها.
وجاء تعديل قانون العفو فيما يخص اعادة التحقيق والمحاكمة، بأنه جعل اعادة التحقيق لمن يدعي ان الاعترافات انتزعت منه بالقوة والتعذيب، امرًا اجباريًا تلتزم به اللجنة القضائية المختصة التي تستلم طلبات الشمول بالعفو واعادة التحقيق، فيما كانت اعادة التحقيق والمحاكمة متروكة لتقديرات اللجنة القضائية، ولا يلزمها القانون باعادة التحقيق وتلبية كل طلب يأتيها.
وكان زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أكد، في 1 شباط فبراير الجاري، أن العفو عن الإرهابيين ليعودوا مرة أخرى ليقتلوا ويذبحوا لن يحدث مطلقا”، مشيرا إلى أن قانون العفو كان تشريعه ناقصا وأحيل الى المحكمة الاتحادية ولن يقر”، لافتا الى انه “لا يمكن القبول بإخراج القتلة والمجرمين من السجون”.