في الحياة لا يقارن السيئ بالسيئ، بل يقارن السيئ بالأسوأ. وأنا اجزم بان 90 % من الشعب الآن يتمنى تغيير المالكي وأجهزته برجل يسرق أموالهم لكنه لا يتغاضى عن قتلهم.
حتى اليوم ما زال العراقيون يتحدثون عن المقابر الجماعية، وأكثرهم نواحا عليها هم من غير ذوي المعدومين إبان النظام السابق! لكن غالبيتهم انساقوا وراء كره الأعداء كمن يسأل عن إثبات وجود الله فيتحدث عن أدلة لم يجدها بنفسه فيبقى بإيمان مهزوز. ومن ينكر ظلم النظام السابق إلا أن يكون أحمقَ أو ظالما. لكن الكثير من الأكاذيب انطلت على الناس قبل الاحتلال فأنكروا نعمتهم سعياً وراء رغد سرابي حتى أن بعضهم رضي بأن يبيع أرضه وهي بمثابة شرفه كي يزاح الدكتاتور. هذا وأمثاله وددت لو مرغت وجوههم بقيح قتلى المفخخات جزاء لتأييدهم تغيير نظام الحكم السابق ومسح كيان الدولة إلى بقعة تقودها العصابات وتنهشها كلاب العجم والروم. تمنيت لو أنهم يحملون أجهزة ADE-651 الفاشلة التي اشتري أحدها بـ70 ألف دولار وهي تباع بـ30 دولار في الخارج، ثم آتي إليهم بسيارة قبيحة ونظرات إجرامية كي أراهم وهم يرتعدون خوفاً من شكهم كوني مفخخا، وأقترب فأقول لهم لست بقاتل لكني أردت أن أريكم حماقتكم حين ساويتم وضعكم هذا بوضعكم قبل الاحتلال، ذوقوا عذاب الهون والخوف من الموت اليومي المحدق بكم.
الملايين تتحدث عن مقابر جماعية عرضت من على قناة العربية، قناة العربية التي صورت لنا قصور صدام وحاشيته فاكتشفنا لاحقا بأنها لا تضاهي بيوت رجال الأعمال في الخليج، هذه القناة التي صورت جماجم وعظام مدفونة وقالت إنها المقابر الجماعية التي تسبب بها نظام صدام الدكتاتور. لكنها وكغيرها من قنوات الإعلام المظلم لم ولن تقول بأن صدام كان يعدم المنتسبين لأحزاب تحكمنا الآن بالقتل والتنكيل، أليس كذلك؟ كأي رئيس يرفض بأن يتواجد أعداء له في ارض يحكمها.
إنني وكغيري من أبناء العراق كنا نكره أن نساق إلى الخدمة العسكرية براتب قدره 4000 دينار في معسكرات صحراوية لا تقاوم العيش فيها حتى الكلاب السائبة أو أن نجبر على الانتساب لحزب البعث، لكني مثلما الشرفاء نرفض أن يغزونا محتل يستعمر أرضنا ويبيح سرقة أموالنا مقابل إعدام عراقي يحكمنا كإمعات فشلنا بتغييره.
ثمة تناقض أجده اليوم بين المثقفين العراقيين، فحين يتحدث بعضهم مفترضا ولو بمزحة عن تغيير النظام الحالي بانقلاب عسكري يطيح به تثور ثائرة بعض المثقفين دفاعا عن مبادئ الدولة المدنية وإيمانهم المطلق بأن السبيل الوحيد لتغيير الوضع القائم هو عبر صندوق الاقتراع. وأنا أتساءل لماذا رضيتم تغيير نظام صدام حسين بغزو خارجي للبلاد؟ ربما كنتم حينها غير مثقفين وبعد الاحتلال تثقفتم! من يدري؟ لعله ذلك.
* كاتب عراقي