صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

أيها المدنيون: ادخلوا العملية السياسية

يعرف المتتبعون لتاريخ القوى التي تشكلت أيام المعارضة لحكم صدام وتحكم البلاد اليوم أنها كانت تحارب بعضها بعضا وتحاول كل واحدة منها أن تنال من الأخرى لتبقى لها زعامة المشهد، بل كانت تعاني تناحرا داخل كل واحدة منها على المناصب والمواقع والقيادة، لا على خدمة الجماهير.

وفي عراق ما بعد 2003 لم يتغير حال تلك القوى، بل زاد شقاقا، ما يجعلني أطمئن أكثر لما كنت أردده: القوى التي لم تنفع الناس وقت المعارضة لن تنفعهم زمن الحكم!

من هنا فان من يعرف تاريخ تلك القوى عليه ألا ينتظر منها إصلاح أوضاعه، وإن تظاهر مئات المرات، إذ لا يمكن مواجهة قوى، تضع الديموقراطية قناعا على دكتاتوريتها، بأساليب ديموقراطية، وما شهده الجمعة الماضي من منع لتظاهرة \”العراق ينتفض\” واعتقال منظميها وتتبعهم دليل واضح.

لا تستعجلوا الحكم فما زلت أكتب؛ الديموقراطية لدى تلك القوى ستار أرادت أن تدخل من خلفه مقر الشرعية عبر بوابة الانتخابات، ليس أكثر، وإلا فان جميع ممارساتها، غير الانتخابات، تصنف دكتاتورية ومستبدة، لذا فإنها أوهمت وتوهم الناس كثيرا بأن تصدر الديموقراطية لهم على أنها انتخابات فقط، في وقت تبدأ الديموقراطية الحقيقية بعد فرز نتائج الانتخابات!

من يعرف تلك القوى جيدا، من يعرفها وهي تورث الحكم ولا تنقله بالتداول السلمي داخل تنظيماتها لا يمكنه أن يراهن على سماعها صوته أو قراءتها لافتته أو تقبلها وردته وعلمه بوطنية خالصة!

عليه، لا أظن أن القوى المدنية العراقية، في الواقع هي مجموعات لكني أريدها أن تكون قوى، ستكون قادرة في الأيام المتبقية من عمر الحكومة على إصلاح الأوضاع، لأن الخراب الذي يضرب البلاد يتحمل مسؤوليته جميع المشاركين في إدارتها، كما أنه يستوطن جميع القطاعات بشكل لا تقدر معه أي مبادرة من خارج القطاعات على إزالته، بخلاف ما إذا تمكنت من الدخول إلى تلك القطاعات وتسلمها إدارتها.. ولكن كيف؟

أدعو، كما أتوقع أن يحمل هذه الدعوة غيري، جميع المدنيين المناهضين للخراب الحالي أن يكرسوا جهودهم من الآن لتشكيل جبهة أو قوى مدنية تستعد الاستعداد كله لدخول الانتخابات النيابية المقبلة والمنافسة على الفوز بمقاعد مجلس النواب، وأتوقع أن تلك القوى، لو أحكمت التخطيط والتنفيذ، ستحقق نتائج مبهرة لاسيما وأن لديها شخصيات وجهات إعلامية يمكن أن تدعمها كثيرا في مجال الترويج والدعاية الانتخابية عبر الصحف والإذاعات والفضائيات ومواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي.

يا سادة، لا خيار أمام المدنيين غير الدخول إلى العملية السياسية، والتغيير من داخلها، وإلا فإن أي حراك لهم، على أهميته وضرورته، لن يكون مؤثرا وفاعلا ما دامت السلطة بيد القامعين.. بل إن للقامعين هذه الأيام \”مدّعي مدنية\” يحاولون جرجرة أقدام المدنيين النزيهين إلى قامع معين على حساب قامع آخر! ما يشي بشق الصف المدني ليبدو ضعيفا، فيما نحتاجه متماسكا.

ادخلوها وأنا أول الداعمين.

أقرأ أيضا