هي فصل الدين عن السياسة، وهي أن تكون الأديان معتنق شخصي بين الإنسان وربه، هكذا فهمتُ العلمانية.
ولنكن واقعيين؛ إن سبب اصطدامنا بالإسلاميين المعتدلين (ولا اقصد المتأسلمين والمتشددين) هو ما يريده بعضهم من أن تكون دولتنا علمانية تفصل الدين عن الحياة العامة. وبعدما تم زج المزورين للأديان والمعسرين بتطبيقها بيننا ساد بين الناس فكر أن الإسلام وغيره من الأديان والمذاهب هو سبب مشاكلنا اليومية. وهنا تذكرت بيتا من قصيدة الشاعر الشعبي العراقي نوفل الصافي ينتقد فيه قائلا:
(الدين حل للمشكلة – عيب يكون مشكلة ندورلها حل)
إن الدعوة للعلمانية لا تعني أن نفصل المجتمع عن أفكاره وقيمه وآدابه ودياناته أو أن يكون المجتمع كافرا بمعتقداته. هي لا تعني إقصاء الدين عن المجتمع وممارسة كل ما يخالف أعرافنا تحت اسم الشرعية التحررية.
واليوم نجد الكثير من مروجي العلمانية والساعين في دعمها يبحثون عن قتل الحياء بين الناس بظنهم أن تعاطي المسكرات وتبادل القبلات بين الرجال والنساء في الشوارع والسخرية من المحجبات والافتخار بالمتبرجات منهن هي مسارات طريق الحداثة والتطور! ينظم إليهم الملحدون ومن يسوغ لنفسه فعل كل مشين غير ملتزم بأي وازع ديني أو قيمي أو أخلاقي.. هو يمارس الإرهاب الفكري بفرضه لرأيه، وهو بهذا أسوأ من المتشددين الإسلاميين ودعاة العسر لا اليسر.
لذا سنفشل بتطبيق العلمانية التي نريدها لاختلاف فهمنا والمثقِفين لها والذين يدعون لأن تكون الأمور الحياتية ككل متحررة من القيم المجتمعية السامية، حتى أنهم يناقضون أولى المواد في الدستور العراقي والتي تلزم بصراحة أن يكون أساس التشريع للدولة هو التشريع الإسلامي.
أنا علماني، لكني لن أسمح وأصدقائي أن يُفتح (بار) في منطقتنا أو ملهى، ولن أسمح لأي أستاذة تعلم ابني أن فض غشاء البكارة لن يكون مقياسا لشرف البنات. لن أرضى كعاقل أن يهدم مجتمعنا بأفكار الغرب وما يصدرونه إلينا بقصد دمارنا، ليصدق سذج العقول أنها حضارة مُنعنا منها وهي الآن حق.
* كاتب عراقي