تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحد من النفوذ الصيني في العراق، والذي أخذ بالتوسع خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع سيطرة شركات صينية على عقود نفطية كبيرة.
وتحاول واشنطن منع بكين من الاستحواذ على الفرص الاستثمارية والسيطرة على الاقتصاد العراقي، خاصة وأن العراق أحد أبرز المستوردين من الصين، وأعلن في السنوات الأخيرة عن فرص استثمارية عديدة.
ويقول المخطط الاستراتيجي في الحزب الجمهوري، جون عكوري، في تصريح متلفز، تابعته “العالم الجديد”، إن “رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، لم يعش أبدا خارج بلده، وبالتالي ليس لديه ولاء خارج الحدود العراقية، وآمل أن يكون أساسيا في تحريك العراق إلى الأمام”.
ويضيف أثناء مقابلة مع قناة “الحرة” الأمريكية، أن “التنمية والاستقرار في العراق تجعلانه مرشحا للعب دور أساسي، ليس فقط في المنطقة، وإنما في أجزاء أخرى من العالم، فالإدارة الأمريكية السابقة جعلت السياسة نحو العراق في قاع القائمة، وهذا سمح للصين وإيران باستغلال الفجوة والفراغ.. آمل أن نرى دورا مختلفا مع الإدارة القادمة”.
وتمتلك كيانات صينية نسبة تتجاوز 46 في المئة في حقل الرميلة النفطي في العراق، أكبر الحقول العراقية إنتاجا للنفط، والثاني عالميا، كما تدير شركات صينية أخرى نحو 34 في المئة من احتياطيات العراق المؤكدة، إضافة لثلثي الإنتاج الحالي، وهي أرقام تشير إلى نفوذ صيني متنام على إنتاج النفط العراقي.
وطبقا لأرقام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ومنذ توقيع اتفاقية 2019 بين العراق والصين، ارتفعت صادرات النفط العراقي للصين نحو 20 في المئة، ووصلت في 2023 إلى أكثر من مليون برميل نفط يوميا، وتصدرت بكين قائمة مستوردي ذهب العراق الأسود.
وتواجه العلاقات الاقتصادية بين العراق والولايات المتحدة العديد من التحديات، بدءا من القيود المالية على حركة الدولار، إلى تهريبه لدول الجوار وخصوصا إيران، فضلا عن الاستثناءات التي تمنحها واشنطن لبغداد بخصوص تسديد ديون طهران من توريد الغاز لتشغيل المحطات الكهربائية، ناهيك عن عدم حصول الشركات الأمريكية على فرص استثمارية في سوق النفط العراقي.
وكانت 4 مصارف أهلية عراقية، تعرضت لعقوبات خلال العام الحالي، من أبرزها مصرف الشرق الأوسط المملوك لرجل الأعمال علي غلام، الذي وصل إلى العراق في يوم 19 تشرين الثاني نوفمبر 2022 وتم اعتقاله في مطار بغداد الدولي، بناء على مذكرة إلقاء قبض صادرة بحقه وفق المادة 456، ومن ثم أطلق سراحه بكفالة.
وكانت مصادر مطلعة، قد أكدت لـ”العالم الجديد” أن “البنك الفيدرالي الأمريكي طلب مؤخرا من نظيره العراقي، خطة لإصلاح المصارف المقيدة من استخدام الدولار، تتضمن إغلاق عدد منها وتأسيس مصارف جديدة من خلال ائتلاف عدد من المصارف فيما بينها”.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الفيدرالي الأمريكي، قد قيدت في وقت سابق، وصول الدولار إلى 32 مصرفا أهليا عراقيا، عبر أربع مراحل بدأت منذ العام 2022، كما وصلت الشركات المقيدة من استخدام الدولار في العراق إلى أكثر من 250 شركة، أبرزها “فلاي بغداد” للطيران.
وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية على منع الحكومة الإيرانية وشركات القطاع الخاص من استخدام الدولار، لذلك بدأت بتقييد وصوله عن بعض المصارف العراقية المتهمة بتسريب الدولار.
وكان ممثل الخزانة الأمريكية قد اجتمع في تشرين الثاني نوفمبر 2022، مع ممثلي 35 مصرفا أهليا عراقيا، لتحذيرهم من قضايا تهريب الدولار من العراق والالتزام بالتعليمات في ما يخص حوالات العملة الصعبة لغرض الاستيراد، متوعدا إياهم بصدور عقوبات في حال عدم الالتزام.
جدير بالذكر، أن الاجتماع عقد بغياب البنك المركزي العراقي، واستمر لساعتين، حسب ما تم تسريبه من معلومات.
يشار إلى أن القطاع المصرفي العراقي، مهمل أيضا من قبل المواطنين الذين فقدوا الثقة به، وبحسب أرقام البنك الدولي الصادرة العام الماضي، فأن 23 بالمئة فقط من الأسر العراقية لديها حساب في مؤسسة مالية، وهي نسبة من بين الأدنى في العالم العربي، ولاسيما أن أصحاب تلك الحسابات هم من موظفي الدولة الذين توزع رواتبهم على المصارف العامة نهاية كل شهر، لكن هذه الرواتب أيضا لا تبقى طويلا في الحسابات، إذ سرعان ما تتشكل طوابير أمام المصارف من الموظفين الذين يسحبون رواتبهم نقدا ويفضلون إبقاءها في بيوتهم.