صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

إستبعاد سياسي لتعديل «سلم الرواتب».. 3 تريليون دينار سنويا لتمريره

يتجدد الحديث حول تعديل “سلم الرواتب”، في ظل إستمرار إضراب الكوادر التربوية في العراق لليوم الثالث على التوالي ومساعي التحاق بعض الوزارات أسوة بالمعلمين، رغم الانعكاس السلبي له على الموازنة العامة، لاسيما وأنه سيسبب “طفرة” بالنفقات في ظل ارتفاع عدد الموظفين.

ومع التحديات الإقتصادية التي تمر بهذا والرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العراق، استبعد سياسيون ومختصون في الشأن الاقتصادي، اليوم الثلاثاء، تطبيق تعديل سلم الرواتب على أرض الواقع، مؤكدين أن الدولة بحاجة إلى 3 ترليون دينار لتطبيقه.

يذكر أن مجلس الوزراء أصدر قراره (302 ) في شهر تشرين الثاني 2022 من قبل الحكومة الحالية بسحب أكثر من 25 مقترح قانون من ضمنها قانون الخدمة المدني الاتحادي.

يشار إلى أن المقترحات التي يتضمنها القانون، ووفقا للتسريبات الخاصة بالراتب الاسمي، والتي انتشرت سريعا عبر مصادر دون إعلان رسمي فهي: لحملة شهادة الماجستير 712 ألف دينار، وللبكالوريوس 643 ألف دينار، وللدبلوم 615 ألف دينار، وللإعدادية 562 ألف دينار، وللمتوسطة 546 ألف دينار، وللابتدائية 483 ألف دينار، ولمن يقرأ ويكتب فقط 425 ألف دينار.

وقال رئيس مركز العراق للطاقة فرات الموسوي في حوار مع الزميلة بتول الحسن، تابعته “العالم الجديد”، إن “سلم الرواتب يحتاج إلى موازنة خاصة وجداول جديدة له”، مؤكدا انه “ليس بالسهولة تمريره”.

وأضاف أن “الجميع يستعبد تطبيقه في ظل الوضع الراهن”، مؤكدا أن “هناك حقوق وواجبات وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها”.

إلى ذلك، قال النائب السابق عبد الهادي السعداوي، إن “تعديل رواتب موظفي الدولة حسبناها حسابه أولية فإن الدولة تحتاج إلى 3 تريليون دينار لمعالجة هذا الأمر سنويا”.

وأضاف أن “هذا المبلغ سيضاف على الموازنة وبالتالي سيرهق الدولة حتى وان خفضت الإنفاق”، مبينا أن “80 بالمئة من الموازنة هي تشغيلية”.

ودخل إضراب الكوادر التربوية في العراق يومه الثالث على التوالي، وسط إصرار واضح على مواصلة الاعتصام وعدم التراجع ما لم تتحقق العدالة في الرواتب والمساواة بين موظفي الوزارات المختلفة في العراق، فيما يعتزم مجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء، إصدار أربعة قرارات مهمة لإنصاف هذه الشريحة من المجتمع.

وهددت نقابة المعلمين العراقيين، أمس الأول الأحد، بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة، مؤكدة أنها لن تتوانى عن الدفاع عن حقوقكم المشروعة ومواقفكم الوطنية النبيلة، فيما قدم عدد من النواب، طلبًا رسميًا إلى رئاسة مجلس النواب لعقد جلسة استثنائية لمناقشة مطالب الهيئات التعليمية في مختلف محافظات العراق.

وجاء ذلك مع توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، أمرا تنفيذيا فرض بموجبه الرسوم الجمركية المتبادلة على دول “في العالم أجمع”، تنفيذاً لما توعد به باستمرار منذ حملته الانتخابية بهدف بدء “عصر ذهبي” للولايات المتحدة، حيث وتراوحت الرسوم بين 10% و49%.

وجاء العراق بالمرتبة الثانية ضمن قائمة الدول العربية التي فُرض عليها الرسوم الجمركية، حيث بلغت نسبة الرسوم 39%، وهو ما طرح الكثير من التساؤلات حول الجوانب التي ستضرر من هذه النسبة العالية.

ويطالب نحو 70% من الموظفين العراقيين الذين تُقدر أعدادهم بنحو خمسة ملايين موظف بتعديل سلم الرواتب لما فيه من “ظلم وإجحاف” مقارنة مع أقرانهم من موظفين في وزارات تمنح مخصصات أعلى بكثير من غيرها، ملوحين بالاستمرار في التظاهرات في حال كان هناك تسويف ومماطلة لحقوقهم المسلوبة منذ العام 2008.

وطلبت لجنة النزاهة النيابية، في 25 كانون الثاني يناير الماضي، استضافة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمناقشة تعديل سلم الرواتب وهو ضمن قانون الخدمة الاتحادي، وذلك لانصاف شريحة الموظفين.

وكان رئيس الوزراء محمد السوداني، أقر في 29 حزيران يونيو 2024، بصعوبة إقرار سلم الرواتب، مبينا أنه يحتاج إلى مراجعة أكثر من 34 قانونا وقرارا.

وأكد عضو المالية النيابية مصطفى الكرعاوي في 14 آيار مايو 2024، أن “جداول موازنة سنة 2024 المرسلة من قبل الحكومة لا تتضمن سلم الرواتب الجديد”، مبينا ان “السلم يفترض أن يرسل كقانون منعزل عن الموازنة وهو ضمن صلاحيات الحكومة حصرا وليس للبرلمان أي صلاحيات في زيادة الرواتب الموظفين”.

يشار إلى أن إنتاجية الموظف في العراق لا تتجاوز الـ17 دقيقة يوميا، في ظل حاجة العراق إلى قانون لتنظيم العطل الرسمية التي تتسبب بهدر الوقت وتحول دون الإنتاج والتطور.

وتعاني وزارات الدولة العراقية من ترهل وظيفي يعرقل عمليات الإنتاج في الغالب، ويسبب إرهاقا لخزينتها، من دون تحقيق مردودات مالية تكفي على أقل تقدير لتأمين رواتب العاملين فيها، في بلد ما زال لغاية الآن يعتمد على العائدات النفطية بنسبة لا تقل عن 90 بالمئة لرفد موازناته السنوية بالأموال، في حين لا تحقق مؤسساته الحكومية الصناعية والتجارية والمالية عائدات مالية بإمكانها منافسة النفط.

وكان مجلس الوزراء، أقر في تشرين الأول أكتوبر 2023، زيادة مقطوعة قدرها 100 ألف دينار عراقي على رواتب المتقاعدين، فضلا عن منح مخصصات مقطوعة بنسبة 50 بالمئة لرواتب الدرجات (الثامنة – التاسعة – العاشرة) من سلم الرواتب، لكن اللجنة المالية في البرلمان العراقي، قالت بعد أيام إن هذا القرار يجب دراسته مع وزارة المالية، لأن هذه الخطوات يسبب خللا وفرقا بين موظفي الدرجتين السابعة والثامنة.

وأقر مجلس النواب في حزيران يونيو 2023، مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية 2023، 2024، 2025، التي وصفت بأنها أضخم موازنة بتاريخ العراق والأولى من نوعها كونها لثلاث سنوات، وجاء إقرارها بعد مخاض عسير بسبب الخلافات السياسية على القانون لاسيما المواد الخاصة بحصة إقليم كردستان التي عطلت التصويت مرات عدة.

ومنذ العام 2008، أجرى العراق تعديلاً على سلم رواتب الموظفين، وبعد سنوات تصاعدت الدعوات بشأن إجراء تعديل آخر على السلم، بما يواكب التضخم الحاصل في السوق العراقية، وهو مسار دخل في “قيل وقال” وكثرة سؤال، وسط تباين في الآراء بشأنه.

إقرأ أيضا