يستمر القلق في العراق من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الكهرباء والغاز من إيران، ضمن حزمة عقوبات جديدة على الأخيرة، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة كهرباء مزمنة، ولا تملك بديلاً من الغاز الإيراني.
إلا أنه وفي تطور جديد، قللت شركة الغاز الوطنية الإيرانية، اليوم السبت، من المعلومات المتداولة حول إلغاء ترامب إعفاء العراق من استيراد الغاز الإيراني، مشيرة الى وجود عقد طويل الأمد مع العراق لتوريد الغاز، وأن العقوبات ربما تشمل أشكالا أخرى من استيراد الغاز، الأمر الذي يفتح بابا من التساؤل حول إذا كان العراق سيشهد سيناريو جديد من الأزمات.
ويعتمد العراق على الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية منذ عقد ونيف تقريباً، ولا سيما في ذروة الصيف، والتي عادة ما تشهد احتجاجات شعبية جراء نقص الغاز وانطفاء التيار الكهربائي لساعات طويلة أو حتى أيام. وخلال الأشهر الماضية، فقد العراق أكثر من 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، فيما لم تتمكن الحكومة من تعويض هذا النقص، ما أدّى إلى انخفاض ساعات التغذية في معظم مدن البلاد.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية سعيد توكلي، في تصريح اطلعت عليه “العالم الجديد”، إن صادرات الغاز إلى العراق جارية حاليا، نظرا لأننا مددنا مؤخرا عقدا جيدا لتصدير الغاز فمن المرجح أن إلغاء الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الكهرباء والغاز من إيران كان من أجل شكل آخر من استيراد الغاز”.
وتابع: “لحسن الحظ أن العقد الإيراني العراقي قائم، لكن حجم الصادرات يزيد وينقص حسب الشروط التعاقدية”، مشيرا إلى أن “ظروف الشبكة مستقرة، حاليا ويتم استهلاك 72 بالمائة من الغاز المنتج في القطاع المنزلي، وبفضل تعاون المواطنين، ستبقى شبكة إمدادات الغاز مستقرة في الأيام المقبلة”.
ولم يوضح توكلي مقصده من ان العقوبات ربما تشمل “اشكالا أخرى من استيراد الغاز”، وما اذا كان يقصد أن العقوبات ستستهدف عقد العراق مع تركمانستان عبر إيران.
ودعا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الجمعة، ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب بمواصلة اعفاء العراق في استيراد الغاز الإيراني بعد قرار إلغائه، مبينا أن الإدارة (الأمريكية) السابقة كانت تعطينا استثناءً من هذه العقوبات.
وأضاف أن “العراق لديه رؤية واضحة في سنة 2028 سينتهي استيراد الغاز، وسيكون هناك استقلال للطاقة بشكل واضح”، مؤكدا أنه “بالمحصلة نحتاج إلى استمرار هذا الاستثناء طيلة هذه الفترة”.
وأعلن ترامب، في 5 شباط فبراير الجاري، أثناء توقيعه مذكرة رئاسية لإعادة فرض سياسة العقوبات الصارمة ضد طهران، على غرار ما حدث خلال ولايته الأولى، أنه يعتزم استئناف سياسة “الضغوط القصوى” على إيران بسبب مزاعمها تطوير أسلحة نووية.
وتضمنت المذكرة، إلغاء ترامب، الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الكهرباء والغاز من إيران، كما شددت على “اتخاذ خطوات فورية بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات المعنية لضمان عدم استخدام النظام المالي العراقي من قبل إيران للتحايل على العقوبات”، وأكدت على “منع استخدام دول الخليج كنقاط شحن لتجاوز العقوبات”.
وأشارت المذكرة إلى “ضرورة مراجعة أي تراخيص أو إرشادات تمنح إيران أو وكلائها أي تخفيف اقتصادي أو مالي، بهدف تعديلها أو إلغائها، بما في ذلك الإعفاءات المتعلقة بمشروع ميناء تشابهار الإيراني”.
وأكد خبير النفط والطاقة كوفند شيرواني، في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “انقطاع الغاز من إيران إذا ما تم بشكل كامل سيخلق فجوة تصل من 7- 8 آلاف ميغاواط، وهذا بالتأكيد سيجعل صيف العراق المقبل ثقيلا وصعبا، لذا على العراق أن يبحث عن بدائل أو أن ينشط مشاريع استثمار الغاز الطبيعي المستمرة في حقول الجنوب”، مشيرا إلى أن “العقد العراقي مع تركمانستان لشراء الغاز مرورا بإيران يشبه المقايضة، فالعراق يشتري من تركمانستان، ويأخذ من إيران لكن التعامل المالي يكون مع الأولى، بالتالي هو نوع من التعامل غير المباشر ونتمنى ألا يحسب تجاوزا للعقوبات الأمريكية لأن تركمانستان هي من تكون بموقع المتجاوز لأنها تتعامل بشكل مباشر مع إيران”.
ووقعت وزارة الكهرباء، في 19 تشرين الأول أكتوبر 2024، اتفاقية مع تركمانستان لتوريد الغاز إلى العراق بكميات تصل إلى 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، لافتة إلى أن شركة لوكستون إنرجي السويسرية ستورد الغاز من تركمانستان للعراق عبر شبكة خطوط الأنابيب الإيرانية باستخدام آلية المبادلة لتيسير النقل.
لكن عقد استيراد الغاز من تركمانستان عبر الأنابيب الإيرانية، لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن بالرغم من مرور أشهر على توقيعه، لأسباب تتعلق بإجراءات المصرف العراقي للتجارة TBI.