ظلّت أم علي نحو ساعة ونصف الساعة تعيش محاولات فاشلة في إيجاد سيارة تاكسي تنقلها إلى منطقة حي العامل في كرخ بغداد.
ومرّت ثلاثة أيام وهي تسمع عن حوادث قتل على الهوية، وباتت تخاف على ولدها من الخروج من المنزل، وأثرت على بقائه فيه، وشعرت بأنها تورّطت حين زارت أقاربها في منطقة الطالبية شرق العاصمة، عندما لم تجد سيارة تاكسي تنقلها.
ويعيش بعض سكّان الكرخ في حالة خوف من القتل على الهوية بعد أن سرت أحاديث عن خطف وقتل أشخاص في منطقتي السيدية وحي العامل.
ويبدو هذا الخوف مبرراً بعد أن عثرت الشرطة على جثث 18 رجلاً خطفوا من منازلهم وأعدموا رميا بالرصاص في الرأس الجمعة الماضية، كما عثرت على جثث مقطوعة الرأس لسبع رجال قتلوا في هجوم منفصل بشمال العراق.
وعثر على الجثث الثماني عشرة في مكان واحد في حقل ببلدة \”المشاهدة\” نحو 30 كيلومترا شمالي بغداد.
ويخشى أهالي بغداد من عودة القتل على هوية، ويحاولون طرد شبح الحرب الأهلية التي شهدها العراق عامي 2006 و2007 بحملات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد تبنى تنظيم ما يعرف بـ\”دولة العراق والشام الاسلامية\”، المصغر بـ\”داعش\”، أمس السبت، تصفية الـ18 شخصا، واصفة إياهم بـ\”المرتدين\”.
وتناقلت مواقع مقربة من \”داعش\” بيانا قالت فيه أنه \”في إحدى مضايف شيوخ العشائر، اجتماع كبير يضم شيوخ عشائر مرتدة ضباط جيش بينهم شخص برتبة رائد من أجل اقامة فوج جديد للصحوات\”.
واضاف البيان \”قد علمت احدى وحدات استخبارات الدولة الاسلامية (بالاجتماع)، فحركت فرقة الى المضيف وقد ارتدوا ملابس قوات سوات في الجيش، ودخلوا عليهم وأسروا الجميع ثم تم تصفيتهم\”.
والأربعاء الماضي عثرت الشرطة على 13 جثة في أنحاء بغداد كانوا فيما يبدو ضحايا لعمليات إعدام بالرصاص.
ولاحظت أم علي عودة نشاط الميليشيات في المنطقة التي تسكنها في الأيام الأخيرة، فضلاً عن عودة الحديث بلغة طائفية بين سكان تلك المنطقة.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني، قوله إن \”رجالا يرتدون زيا عسكريا ويستقلون ست عربات رياضية تقريبا اقتادوا الضحايا من منازلهم في وقت مبكر يوم الجمعة\”.
ومن بين الضحايا ضابط شرطة ومسؤول بالجيش ومدير مدرسة وشيخ قبيلة سنية وابنه.
وغالباً ما تنفّذ المجموعات المسلحة عملياتها بزي وسيارات قوات الأمن، الأمر الذي دفع بعض سكّان بغداد إلى شك بأن هؤلاء المسلحين ينتمون بالفعل إلى قوات الأمن.
وخلال الأشهر الأربع الماضية من هذا العام قتل جراء أعمال العنف في العراق نحو 9 آلاف شخص، بحسب الأمم المتحدة.
وقد هدّد نوري المالكي، رئيس الوزراء، بالتعامل بشدة مع من يريد عودة الميليشيات تحت أي مسمى خارج القانون.
وقال المالكي في كلمة ألقاها خلال لقائه عشائر بني مالك في قضاء القرنة بمحافظة البصرة أمس \”أننا نخشى من عودة محافظة البصرة اسيرة مرة اخرى بيد الخارجين عن القانون ولن نسمح بذلك ابدا\”.
وأضاف أن \”ساحات الاعتصامات في بعض المحافظات بما يسمى المطالب المشروعة وغير المشروعة انتهت واصبحت هذه الساحات بيد تنظيم القاعدة وجبهة النصرة والقتلة الارهابيين\”، مؤكدا أن \”صيحات ابناء اهالي تلك المحافظات بدأت تتعالى بطلب النجدة من الحكومة للخشية من عودة القتلى\”.
وبعد أن حصلت أم علي على التاكسي الذي طال انتظاره، أكدت لـ\”العالم الجديد\”، أنها \”لن تبقى في منطقتها طالما أن الخوف بدأ يتسرّب إلى سائقي التاكسي\”.
وعلى الرغم من تصريحات وزارة الداخلية بأن الوضع الأمني مسيطر عليه، إلا أن الأوضاع الأمنية في بغداد تبدو أنها تسير إلى الأسوء.
ومساء أمس، اقتحم مسلحون مجهولون منزلاً سكنيا في شارع 60 بمنطقة الدورة جنوبي بغداد، وقتلوا بأسلحة رشاشة امرأتين إحداهما موظفة بمحكمة الكرخ، وطفلين، فضلاً عن مقتل شخصين وإصابة خمسة آخرين بانفجار سيارة مفخخة في كراج المحمودية جنوب العاصمة، كما تم اعتقال انتحاري حاول استهداف نقطة تفتيش أمنية في منطقة حافظ القاضي وسط العاصمة، فيما قتل جندي وأصيب ضابط وجندي بانفجار عبوة ناسفة في الرضوانية جنوب غربي بغداد.