الاتفاقات السياسية والحزبية والانقلاب عليها، هي العنوان الأبرز لمحافظة بغداد ومجلسها منذ إجراء انتخابات مجالس المحافظات وعودتها إلى العمل عام 2023، وخلال الأسبوع الماضي أطاح مجلس المحافظة بمحافظ بغداد عبد المطلب علي يوسف بدعوى تجاوزه السن القانونية، إلا أن هذا القرار تسبب بالإطاحة برئيس المجلس عمار القيسي بعد أيام فقط.
وتقول عضو مجلس محافظة بغداد يسرى المسعودي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “لا دوافع سياسية وراء إقالة المحافظ أو رئيس المجلس، بل هي إجراءات رقابية جاءت بع عمل ومتابعة حثيثة للأعضاء، وهكذا قرارات لا يجب أن تواجه بالتعطيل، بل يجب أن تحسم كي يتم تستمر الأعمال بعيدا عن التحزبات والتكتلات”.
وحول توصل المجلس لاسم بديل عن المحافظ، تضيف المسعودي، أن “الخلافات ما زالت قائمة، ولن يحدث شيء، لأن الأمر الولائي للمحكمة الإدارية أوقف جميع الخطوات الرامية لإحالة المحافظ للتقاعد”.
وتتابع أن “المجلس لا يستطيع المضي بالتصويت على محافظ جديد، لأن الحالي عبد المطلب العلوي، ما يزال بمنصبه بعد إيقاف المحكمة الإدارية لقرار مجلس المحافظة بعد الطعن به أمامها من قبل المحافظ”، مبينة أن “أمر الإحالة على التقاعد يعتبر الآن غير مأخوذ به وغير قانوني وما زال النظر به قائما أمام القضاء”.
وتردف بالقول: “صحيح أن المجلس صوت على إقالة المحافظ وأحاله للتقاعد، ولكن ذهاب الأخير للطعن، أجل الأمر لمدة 15 يوما على أقل تقدير”، موضحة أن “المرشح الجديد للمنصب لا يخص جميع الكتل، بل إن كتلة دولة القانون هي المسؤولة عن ترشيح البديل”.
وأصدر مجلس محافظة بغداد، يوم الأحد الماضي، أمرا إداريا يقضي بإحالة المحافظ عبد المطلب علي يوسف، إلى التقاعد، بعد بلوغه السن القانونية، وأعلن المجلس، في الوقت نفسه، فتح باب الترشح لمنصب المحافظ.
وعقب القرار، علّق محافظ بغداد يوسف، على قرار إحالته إلى التقاعد، قائلا إن “قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم المعدل لم يحدد سنا معينا لإحالة المحافظ إلى التقاعد”.
لكن محكمة القضاء الإداري، أصدرت الأربعاء الماضي، أمرا ولائيا بإيقاف تنفيذ إجراءات إقالة المحافظ، من منصبه، وبحسب وثيقة صادرة عن القضاء، فإنهم قرروا إيقاف تنفيذ الأمر الإداري رقم (11 لسنة 2025) بالعدد (11) بتاريخ 2/2/2025 والصادر من رئيس مجلس محافظة بغداد.
من جهته، يعتبر مستشار ائتلاف دولة القانون عباس الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قرار مجلس بغداد بإحالة المحافظ للتقاعد يثير علامات استفهام كثيرة، وهو قرار يتحمله رئيس مجلس محافظة بغداد، الذي أقيل من منصبه أيضا، لأنه خالف القوانين والاتفاقات السياسية، فما حصل يمثل انقلابا داخل المجلس على الاتفاقات”.
ويضيف الموسوي، أن “قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم لم يضع أي حد أعلى لعمر المحافظ”، موضحا أن “قيام المجلس بإحالة عبد المطلب العلوي للتقاعد غير صحيح ولهذا قد تم الطعن بالقرار”.
ويبين أن “القانون حدد السن الأدنى 30 عاما للمحافظ ولم يحدد السن الأعلى”، معتبرا أن “قضية الطعن هي من تحسم الموضوع وسيكون للقضاء قرار فصل بهذا الصدد يحسم الجدل والجميع سيلتزم به”.
وكان مجلس محافظة بغداد، صوت أمس الأول الخميس، بالأغلبية على إقالة رئيسه عمار القيسي، وذلك بعد أسبوع من استجوابه، على خلفية “سوء الإدارة والاستغلال الوظيفي”، حسب ما ذكر المجلس.
وفي اليوم نفسه، أعلن القيسي، توجهه للطعن بقرار إقالته من منصب رئيس مجلس المحافظة، معتبرا وراء قرار إقالته “دوافع سياسية معروفة تسعى لإقصاء الأصوات الوطنية والإصلاحية، في محاولة واضحة لإعادة إنتاج أساليب الهيمنة والتأثير على مسار العمل المهني في المحافظة، بعيدا عن مصلحة أبناء بغداد”.
إلى ذلك، يؤكد القيادي في حزب تقدم، أنور العلواني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما حصل في مجلس محافظ بغداد وإقالة رئيسه عمار القيسي، بمثابة إعادة الحق لحزب تقدم واستحقاقه للمنصب منذ بداية تشكيله”.
ويضيف العلواني، إن “منصب رئيس المجلس من استحقاق حزب تقدم حصرا ولكن اتفاقات حصلت حينها سلبت المنصب منه”، مبينا أن “القيسي هو مرشح تحالف العزم واخذ المنصب عنوة منذ البداية، ولذلك فالإقالة طبيعية لوجود خروقات في عمله غير الجدي والمترهل، إضافة لوجود عراقيل كثيرة في عمل المجلس”.
ويشير إلى أن “استجواب رئيس المجلس كان قانونيا، وينطوي على الكثير من الوثائق التي تثبت وجود مخالفات قانونية وفنية وردت في سبعة أسئلة ضمن الاستجواب، وسيتم ترشيح أسماء جديدة للمنصب من أجل التصويت عليهم قريبا لعدم جعل المنصب شاغرا لفترة طويلة”.
وفي أعقاب ذلك، ذكرت مصادر لوسائل إعلام محلية أن القوى السياسية اتفقت داخل مجلس محافظة بغداد على انتخاب عمار الحمداني، عن كتلة تقدم رئيسا للمجلس خلفا للمقال عمار القيسي.
وبخصوص إجراءات إحالة محافظ بغداد للتقاعد، يعلق من جهته الخبير القانوني، علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مجلس المحافظة له اختصاصات محددة وفق قانون المحافظات، والمحافظ يعد موظفا وفق المادة 23 لقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم، وأن قانون المحافظات يشمل احالة الموظف مهما كان منصبه للتقاعد عند بلوغه الـ60 عاما”.
ويرى التميمي، أن “على مجلس المحافظة التصويت على إحالة المحافظ للتقاعد وإرسال القرار لرئاسة الجمهورية”، فيما أكد أن “محكمة القضاء الإداري هي من تحسم قرار إحالة المحافظ للتقاعد خلال طعن بـ15 يوما”.
ويوضح أن “محافظ بغداد سيبقى في منصبه كتصريف للأعمال خلال 45 يوما بعد قرار مجلس المحافظة”، مضيفا أن “القانون يسري على تطبيق الشروط السارية على عضو المجلس والمحافظ”.