صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

«اخفاء المعلومات» يعود للبيانات الرسمية مجددا.. ما قصة «النفوذ الخبيث»؟

تستمر الدوائر الحكومية في العراق بإخفاء بعض المعلومات وعدم إفصاحها في بياناتها الرسمية، لاسيما تلك التي تتعلق بالضغوط الأمريكية، مما يعكس حالة انعدام الشفافية في العمل الحكومي.

عدم الشفافية في نقل المعلومات ظهر واضحا بين تدوينة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وبيان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وتحديدا فيما يتعلق بموضوعة العراق المستقر والخالي من “النفوذ الخبيث”.

وكتب روبيو، اليوم السبت، في منشور على منصة “إكس”، عقب لقائه نظيره العراقي فؤاد حسين: “وجود عراق قوي ومستقر وذو سيادة، خالٍ من النفوذ الخبيث، أمرٌ حيوي لاستقرار المنطقة والحفاظ على مصالح الولايات المتحدة وفرصها فيها”.

وأضاف أنه أجرى “حوارًا قيّمًا مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وأُشيد بجهوده في تهدئة التوترات وتعزيز الحوار البنّاء في المنطقة”.

لكن البيان الصادر عن وزارة الخارجية لم يذكر تلك التفاصيل التي أوردها وزير الخارجية الأمريكية وجاء في بيان، أن “وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، دعا الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في التحذيرات الأمنية بشأن السفر إلى العراق”.

وقال خلال اجتماعه بنظيره الامريكي ماركو روبيو، في واشنطن، إن “الأوضاع الأمنية التي يشهدها العراق جيدة، وبمثابة عامل جذب إضافي للاستثمار الأجنبي وأن بعض الدول الأوروبية أعادت النظر في التقييم الأمني في العراق”، حسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.

وشدد حسين، على أهمية “تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب”، مشيدًا بدور واشنطن في قيادة التحالف الدولي ضد داعش”.

وبشأن تطورات الأوضاع في سوريا، دعا وزير الخارجيَّة العراقي إلى “إطلاق عملية سياسية شاملة تراعي حقوق جميع المكونات السورية وتُسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي لأن استقرار سوريا ينعكس إيجاباً على الأمن في العراق وضرورة معالجة مصادر القلق في سوريا”.

كما دعا إلى ضرورة “التعامل بحذر مع السجون الموجودة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية(قسد) حيث يوجد نحو عشرة آلاف من أخطر عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي”.

اقتصاديًا، أكد الوزير أن “العراق بدأ تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز المستورد، ويهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغاز خلال السنوات المقبلة”، داعيًا الشركات الأمريكية إلى تعزيز استثماراتها في البلاد”.

وتابع البيان: “كما أعرب الطرفان عن تفاؤلهما بمستقبل العلاقات، وأشاد فؤاد حسين بـ”دور الولايات المتحدة وقيادتها للتحالف الدولي في محاربة الإرهاب”.

من جانبه، أكد الوزير روبيو “التزام بلاده بدعم استقرار العراق، مشيداً بالجهود المشتركة المبذولة في مكافحة تنظيم داعش”.

وفي سياق متصل، ناقش الجانبان، وفق البيان، “سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية، مع الإشارة إلى زيارة وفد من الشركات الأمريكية والقطاع الخاص إلى العراق مؤخراً، وما تمثله من فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين في القطاعين العام والخاص”.

ودائما ما تشهد البيانات الحكومية الرسمية تناقضا كبيرا إزاء بعض الملفات، ففيما تقوم الحكومة بنفي أخبار ومعلومات، تسارع من جهة أخرى إلى تطبيقها على أنها قرارات حكومية، وليست استجابة للضغوط الأمريكية، لاسيما في ما يتعلق بالنفوذ الإيراني.

وكان الأكاديمي والخبير القانوني، محمد السامرائي، برر قيام الحكومة بإخفاء معلومات تتعلق بملفات مهمة عن الرأي العام، بالصلاحيات الممنوحة لرئيس مجلس الوزراء، إذ أشار في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، إلى أن “ثمة معلومات وموضوعات على درجة من الأهمية لتعلقها بالأمن القومي للدولة وبمصالحها العليا مما يحتم عدم نشرها للرأي العام والاكتفاء بتداولها بين أروقة صنع القرار السياسي، لأن نشرها في وسائل الإعلام لا يحقق المصلحة بل أن الأمر يقتضي حجبها ولو مؤقتا”.

وأكد أن “لا نص قانوني أو دستوري يجبر الحكومة على نشر كل تفاصيل قراراتها وتعاملاتها اليومية على المستويين الداخلي والخارجي وهي تمتلك صلاحيات واسعة وحصرية في هذا الاطار وفقا لأحكام الدستور الذي جعل من رسم وتنفيذ السياسة العامة للدولة من صلاحية رئيس مجلس الوزراء”.

وتابع: “لكن بالمقابل هنالك التزام على الحكومة وجميع مؤسسات الدولة بالتعامل بمصداقية وشفافية في جميع القضايا التي تمس مصالح المواطنين مع مراعاة المصلحة العامة للدولة وهي تخضع بطبيعة الحال الى السلطة التقديرية للحكومة”، مؤكدا أن “الضابط هنا هو الاحتكام للدستور ورقابة مجلس النواب الذي يمتلك صلاحية مراقبة عمل الحكومة ومحاسبتها سياسيا باعتباره جهة منحها الثقة دستوريا”.

وغادر وزير الخارجية ، فؤاد حسين، أمس الأول الخميس، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية لم يعلن عنها سابق، وذلك لبحث عدد من الملفات المشتركة أمنية واقتصادية، مما أثار التساؤلات حول الأسباب وراء عدم الإفصاح عنها ومطالبات بالاستجواب داخل قبة البرلمان.

وكانت وسائل إعلام نقلت عن مصادر حكومية، في حينها أن “حسين سيبحث عدة ملفات مهمة مع الجانب الأمريكي، ويطغى الجانبان السياسي والأمني على هذه الملفات”، مبينة أن “المباحثات التي سيبدأها وزير الخارجية فؤاد حسين ووفد حكومي برفقته، ستشمل الوجود الأمريكي في العراق ومهمة التحالف الدولي، وتفاهمات التعاون الأمني حول محاربة تنظيم داعش، إلى جانب ملفات مالية واقتصادية أبرزها بحث إمكانية توقيع مذكرة تعاون مشتركة بين الجانبين بخصوص توريد الطاقة مع شركة جنرال الكتريك وإصلاح قطاع الغاز العراقي لأجل تحقيق الاكتفاء الذاتي”.

وأوضحت أن “الوزير سيبحث مع الجانب الأمريكي إمكانية تمديد استيراد الغاز الإيراني لفترة أخرى، لتلافي أزمة الطاقة التي قد يشهدها العراق في الصيف المقبل”.

ومنذ وصول دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية، يواصل البيت الأبيض ضغوطه على الحكومة العراقية، وكان آخرها مادار إجتماع السوداني والجنرال الأمريكي كيفن ليهي.

وكانت مصادر، أفادت لـ”العالم الجديد”، أمس الأول الخميس، بأن “رئيس الوزراء محمد السوداني وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي، لما يتطرقا خلال لقائهما لأي موضوع يخص انسحاب القوات الأمريكية من العراق”، مبينة أن “الجنرال أبلغ السوداني بعدم التصعيد بشأن سوريا والرئيس السوري أحمد الشرع”، ملمحا له، بأن “وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سينوب عن الشرع خلال القمة العربية في بغداد”.

وأضافت أن “الجنرال كيفن جدد موقف الولايات المتحدة من الفصائل العراقية المسلحة، في ظل الأوضاع المتشنجة في المنطقة”.

فيما ركز البيان الحكومي لمكتب السوداني، على “أهمية العلاقات الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة في ظلّ التحديات الراهنة، والاستمرار بمحاربة الإرهاب، وكذلك ضرورة العمل على دعم أمن سوريا واستقرارها وعدم التدخل بشؤونها، وتحقيق الأمن والسلام في عموم المنطقة”.

الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كان قد ألغى، في 8 آذار مارس الماضي، الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد كهرباء وغاز من إيران، وهو القرار الذي كان متوقعاً، لا سيما مع توجهات ترامب الجديدة التي تسعى إلى ما تسميه المزيد من الضغط على إيران.

إقرأ أيضا