إعلان أسامة النجيفي رئيس قائمة متحدون انسحابه عن الترشيح لمنصب رئاسة البرلمان في دورته الحالية وتداول اسم سليم الجبوري من ذات الكتلة بديلا عنه، وترشيح نجم الدين كريم محافظ كركوك أو برهم صالح لمنصب رئاسة الجمهورية بدلا عن جلال طالباني وكلاهما من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إضافة إلى التنافس الشديد على منصب رئيس مجلس الوزراء بين نوري المالكي وطارق نجم وكلاهما من حزب الدعوة الإسلامية.. لا يعني سوى أمر واحد وهو أن الترشيح للرئاسات الثلاث قائم على مبدأين لم يتغيرا من عام 2005 والى اليوم، بل أصبحا عرفا سياسيا لا يجوز الخروج عنه:
1- تكرار ذات الوجوه في دائرة زمنية لا تنتهي إلا بوفاة الأشخاص المرشحين أنفسهم أو لأسباب صحية قاهرة، وهو ما حدث بالضبط للرئيس طالباني الذي لم يمنعه المرض من شغل المنصب لأكثر من عام ونصف، ولو قدرت له صحته لحاول لولاية ثالثة حتى لو كانت خارج أطر الدستور.. والله أعلم.
2- تبادل الأدوار بين ذات الكتل السياسية داخل المكون الواحد، فالرئاسة من حصة الاتحاد الوطني، والبرلمان من حصة التوافق والعراقية واليوم متحدون (وهي ذات الكتل وان اختلفت مسمياتها)، ورئاسة الوزراء من حصة حزب الدعوة الإسلامية، وليس من حصة التحالف الوطني مثلما يشاع، ولن تخرج هذه المرة أيضا من هذه الأحزاب حتى وان تبدلت الوجوه.
وإن كانت هذه الآلية قمة المحاصصة الطائفية والقومية في توزيع المناصب الرئيسة بين ذات الكتل التي أسست العملية السياسية، فان المرشحين للمناصب الرئاسية الثلاث مطالبين بـ:
* الخروج من دائرة التأثيرات الحزبية والطائفية لأنها السبب الرئيس فيما وصلنا إليه اليوم.
* الوقوف على الأخطاء التي وقع فيها السابقون في تلك المناصب، ومحاولة وضع الخطط اللازمة لمعالجتها.. وعلى عجل.
* جمع الكتل السياسية كافة إلى طاولة الحوار والتشاور البناء والمثمر على وفق الأطر القانونية والدستورية للخروج من عنق الأزمة.
* مساعدة رئيس مجلس الوزراء القادم في تكوين حكومة من التكنوقراط بعيدة عن المحاصصة وقادرة على النهوض بتحديات الإخفاقات السابقة.
* الإسراع بتطمين الشارع العراقي وتهدئته بعد الهزة الكبيرة التي تعرضت وما زالت تتعرض لها البلاد من قوى التكفير والإرهاب.
وإن كان في بعض المهام أعلاه ما يصل إلى درجة التمني أو انه صعب المنال لأن حبال الطائفية والمحاصصة متقاطعة بشكل يصعب العمل المنسجم معها، فان الكتل السياسية مدعوة إلى تقديم وجوه جديدة للرئاسات الثلاث من خارج العمل السياسي، على أن تتحلى تلك الشخصيات بالمقبولية من الجميع وبالوطنية والمهنية والكفاءة المطلوبة.
وان كان في ذلك خطوة صحية لوأد المحاصصة، إلا أننا لا نحتاج إلى استبدال الوجوه فقط بقدر حاجتنا إلى تغيير السياسات؛ تلك السياسات التي حملت الوهن والفساد إلى تجربتنا الديمقراطية، وحاجتنا إلى العمل على توحيد الجهود والابتعاد عن الخلافات واستغلال عامل الوقت في إشغال المناصب الثلاث وإضافة رئاسة السلطة القضائية إليها لأنها جديرة بالتغيير حتى تظهر كابينة الرئاسات القادمة منسجمة وقادرة على إنهاء أزمة البلاد السياسية والأمنية والحيلولة دون تفتيتها.
* جواد العطار: كاتب وسياسي عراقي