صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

استثمار الغاز في العراق.. تعرّف على «خفايا» بناء المنصة البحرية

يبدو أن السباق المتسارع الذي تخوضه حكومة رئيس الوزراء، لتعويض غياب الغاز الإيراني إثر العقوبات الأمريكية على طهران، قد اصطدم بجدار غياب المعايير اللازمة للشركات المتعاقد معها، مما ينذر بديمومة الأزمة، في ظل العقود الضخمة التي وقعها العراق على مدى الحكومات المتعاقبة، والخسائر التي تقدر بمليارات دولارات سنويا.

وفي هذا الإطار، كشف المستشار السابق برئاسة الوزراء، عبدالحسين الهنين، اليوم الخميس، عدة “ثغرات” باتفاق أقره مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، مع شركة لتجهيز الغاز، عن طريق منصة بحرية متحركة، مبينا أن الشركة حصلت على العديد من الاستثناءات، رغم أنها تأسست قبل 3 سنوات، وحصلت على مليوني برميل نفط، ضمن الاتفاق.

وقال الهنين، في بيان تلقته “العالم الجديد”، إنه “في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول (الثلاثاء الماضي)، تم الاتفاق على عقد مع شركة لتجهيز الغاز عن طريقة منصة بحرية متحركة”، مؤكدا أنه “من غير الجيد أن الشركة التي تم التعاقد معها شركة مؤسسة قبل ثلاث سنوات، وأن عدد الاستثناءات التي حصلت عليها كان بعدد عشرة استثناءات، لأن وضعها القانون والفني والإداري لا يتطابق مع المعايير التي وضعتها وزارة النفط”.

وأوضح أنه “من غير المقبول أن سعر التجهيز بفارق 400 مليون دولار، أعلى سنويا من أقل العطاءات لشركات أفضل منها بكثير ومنها شركات عالمية معروفة مثل (Excelerate Energy)”.

وبين أن “العقد لمدة خمس سنوات، يعني الفرق بالسعر ملياري دولار أمريكي”، مشيرا إلى أن “الشركة لا تمتلك أموالا لبناء المنصة، لذلك تم تزويدها بمليوني برميل نفط قبل أن تبدأ العمل”.

ولفت الهنين، إلى أن “مليوني برميل تساوي 125 مليون دولار بسعر السوق الحالي، وكل هذا حدث والأخ وزير النفط في لندن ولم يصوت على القرار”.

وأكدت وزارة النفط، أمس الأربعاء، أن العراق حقق تقدما ملموسا في تقليص نسبة حرق الغاز وتحويله إلى استثمار فعّال، مما أسهم في توفير نحو 17 مليار دولار للبلد وتحسين البيئة وتوفير فرص العمل.
وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، أنه بحلول عام 2027 ستكون نسبة حرق الغاز المصاحب صفرا في العراق.

وكان مجلس الوزراء، قد قرر في جلسته الاعتيادية الثلاثاء الماضي، التعاقد المباشر مع تحالف “كاربور”، لإضافة سعة مقدارها 650 ميغاواط عن طريق نشر بواخر توليدية لسد النقص الحاصل بإنتاج الطاقة الكهربائية خلال فترة حمل الذروة في الصيف.

وأقرّ المجلس كذلك، المضي بإنشاء مشروع المنصة العائمة “FSRU”، لاستيراد الغاز، الذي سيعمل على تجهيز محطة بسماية الغازية بالغاز المسال بطاقة تصميمية مقدارها 750 مليون قدم مكعب قياسي يومياً.

وجرى كذلك إقرار التوصية الخاصة بإدراج مكون (تجهيز مضخات كهربائية في محافظات متعددة) لشراء 70 مضخة عائمة، من تخصيصات الخطة الاستثمارية، مع زيادة الكلفة الكلية للمشروع.

ويُشكل التوقف عن حرق الغاز في العراق واستثماره، أحد الحلول الرئيسة في خطط بغداد لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة الاستيراد، بالإضافة إلى الوفاء بتعهداته المناخية.

وتخطط حكومة بغداد لخفض كمية الغاز التي تحرقها بشكل غير منتج إلى نحو 20% خلال العام الجاري (2025)، في محاولة لتلبية الطلب المتزايد والحدّ من الواردات.

ويحتل العراق المرتبة 12 عالميا في احتياطي الغاز بكمية تقارب 127 تريليون قدم مكعب، ومع هذا الاحتياطي الضخم يفترض أن يكون العراق مكتفيا بل ومصدرا للغاز الطبيعي، لكنه يستورده من إيران بـ3 مليارات دولار سنوياً، ويحرق كميات هائلة منه يومياً، بحسب مختصين في مجال الطاقة.
ومنذ نحو شهرين، والعراق مستمر بتدارك الانعكاسات السلبية، لسريان قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الخاص بإنهاء الإعفاءات التي منحتها واشنطن لبغداد، المتعلقة باستيراد الغاز والطاقة الكهربائية من إيران، من خلال عدد من الخطوات، من بينها إنشاء منصة عائمة في البحر.

ويعتمد الاقتصاد العراقي، بشكل كبير على النفط، كمصدر رئيسي للدخل القومي، حيث تشكل عائدات النفط أكثر من 90 بالمئة من إيرادات الدولة، ما يجعله عرضة للتأثر بالتقلبات في أسعار النفط العالمية.

وشهدت أسعار النفط، تراجعا حادا هذا الشهر، لامست خلاله أدنى مستوياتها في أربع سنوات، وسط مخاوف المستثمرين من أن يؤدي التصعيد المتبادل في الرسوم الجمركية بين أميركا وشركائها التجاريين إلى تراجع الطلب على الخام.

يأتي ذلك في الوقت الذي يسابق فيه العراق الزمن لتدارك أزمة انتهاء الإعفاء الأمريكي لاستيراد الغاز الإيراني، في ظل فقدان 8 آلاف ميغاواط من إنتاج الطاقة.

وفي 8 آذار مارس الماضي، انتهت مدة الاستثناء الذي أعطته الولايات المتحدة للعراق من العقوبات المفروضة على إيران، كجزء من حملة “الضغط الأقصى” التي يشنها ترامب ضد طهران، وبالتالي فإن حكومة بغداد لن تتمكن من استيراد الغاز الإيراني اللازم لتشغيل محطات الكهرباء في عموم البلاد.

وخلال الأشهر الماضية، فقد العراق أكثر من 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، فيما لم تتمكن الحكومة من تعويض هذا النقص، ما أدّى إلى انخفاض ساعات التغذية في معظم مدن البلاد.

ودعا رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، مؤخرا، ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب بمواصلة إعفاء العراق في استيراد الغاز الإيراني بعد قرار إلغائه، مبينا أن الإدارة (الأمريكية) السابقة كانت تعطينا استثناء من هذه العقوبات.

وأضاف أن “العراق لديه رؤية واضحة في سنة 2028 سينتهي استيراد الغاز، وسيكون هناك استقلال للطاقة بشكل واضح”، مؤكدا أنه “بالمحصلة نحتاج إلى استمرار هذا الاستثناء طيلة هذه الفترة”.

ويُعد العراق ثاني دولة بعد روسيا في حرق الغاز المصاحب، وذلك وفق تصنيف عالمي، وقد قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.

إقرأ أيضا