القائد العام للقوات المسلحة العراقية والرجل الأول المسؤول عن الملف الأمني والقابض على وزارتي الدفاع والداخلية نوري كامل المالكي، وعبر فترتين رئاسيتين للوزراء في وجوده لا يبدو هناك أي أمل للخروج من نفق المشاكل التي لا تنتهي عند حدود الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة ودوائرها ومؤسساتها، كما يتعدى حدود توفير الخدمات الأساسية من كهرباء وماء صالح للشرب وبيئة نظيفة تليق بمواطني بلد يغفو على بحر من الثروة النفطية ومليارات من الدولارات تدخل خزينته سنويا، ولا يجني منها الشعب العراقي إلا الحسرة والتفجيرات والأحزمة الناسفة التي تأخذ الأمل بالانفراج مع أرواح الأبرياء.
نوري المالكي الذي اثبت فشله في إدارة الملف الأمني، يعد الرئيس المباشر لوزير التجارة السابق فلاح السوداني الذي اثبت هو الآخر فشله في إدارة وزارته، فضلا عما أثير حوله من شبهات فساد وسرقات. أيضا المالكي بعدما طلب أن يكون مسؤولا عن ملف الكهرباء في العراق عيّن نائبه حسين الشهرستاني وزيرا للنفط والطاقة ومسؤولا مباشرا ووحيدا عن ملف الكهرباء، التي لم تتحسن رغم وعود المالكي والشهرستاني بتحسينها. بل ان الرجلين قد ذهبا إلى ابعد من ذلك، ففي احد اللقاءات مع فضائية العراقية كان قد وعد الشهرستاني الشعب العراقي بحل مشكله الكهرباء في نهاية العام 2013، بل ووعد بتصدير الفائض منها!
إذا ما تم تجاوز الأزمات والاختناقات التي مرت بها العملية السياسية طوال فترة رئاسة المالكي للوزراء، والتي أكدت خلالها الكتل السياسية أن جوهر الخلاف هو السياسة التي يتبعها المالكي في إدارة البلد وطريقة تعاطيه مع الملفات المطروحة التي أدت في أكثر من موقع ومناسبة إلى تعميق هوة الخلاف بين الكتل السياسية، وبالتالي بين مكونات الشعب العراقي، إذا ما تم تجاوز هذه الأزمات والتأكيد على ملفات الخدمات باعتبار ان لها مساس مباشر في حياة المواطنين وأهمها ملفات الأمن والكهرباء والغذاء المتمثل بالبطاقة التموينية، فان المالكي قد اخفق بشكل كبير وملحوظ في إدارته لتلكم الملفات، إن لم يكن قد اضر بها إضرارا مباشرا لدرجة قد أعطى للبعض مبررا لاتهامه بالإضرار العمد والمتعمد.
كاتب السطور كما الكثير من المواطنين كان قد وقف بقوة ضد مطلب إقالة المالكي أو سحب الثقة عنه في وقت سابق، رغم اتفاق اغلب الكتل السياسية على ذلك، لسبب بسيط يتمحور حول الطريقة الاستفزازية التي اتبعتها تلك الكتل في مطلبها، فضلا عن الظرف الاستثنائي الذي كان يمر به البلد. إلا انه، أي هذا المطلب السياسي لم ير النور لأنه لم يكن مطلبا شعبيا وقتها، ولم يلق تجاوبا جماهيريا، فضلا عن مؤاخذات المرجعية الشيعية على هكذا خطوة، كانت ستسهم وقتها في إشاعة الفوضى وتعميق هوة الخلافات بين مكونات الشعب العراقي. اليوم وبعد أن اختفت مطالبات الكتل السياسية بإبعاد المالكي عن منصبه وإجباره على تقديم استقالته، لا يجد المواطن العادي أي ضرر إذا ما تقدم المالكي بإرادته ومعه كابينته الوزارية بتقديم استقالتهم إلى الشعب العراقي (مصدر السلطات)، بل على العكس سيرتفع رصيده الجماهيري وتفويضه الشعبي.
ترى ما الذي يمنع رئيس الوزراء نوري كامل المالكي من الإقدام على هكذا خطوة مسؤولة من رجل يعتبر المسؤول الأول في بلد تبددت ثرواته عبر عقود وهمية، وفساد مؤسساتي منظم وجريمة يومية منظمة، وامن غير متوفر، وقتل يومي وعشوائي؟! ما الذي يمنع الوزير حسين الشهرستاني من تقديم استقالته وقد اخفق في توفير الكهرباء، وهو الذي قطع وعدا على نفسه لتوفيرها؟! ليس ثمة سبب وجيه يعطي للمالكي أو الشهرستاني البقاء في منصبيهما بعد اليوم، لأن بقائهما بهذين المنصبين سيؤسس لحالة اعوجاج مستديمة مستقبلا، وسيكون أسوة سيئة يقتدي بها من سيأتي بعدهما. لذلك ومن باب منع المزيد من الإضرار بالصالح العام ننصح الوزير حسين الشهرستاني أن يعلن استقالته من وزارته، يرافقها استقالة طوعية لرئيس الوزراء نوري كامل المالكي والله من وراء القصد.
* كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل