استهداف مجالس العزاء يعيق (ملايات) ونساء في مدينة الصدر عن حضور (الفواتح)

بعد مقتل زوجها العام 2004 بنيران مسلحين مجهولين أمام باب منزله على خلفية عمله في الفرقة الحزبية بساحة الحمزة تحولت أم صباح إلى \”ملاية\” تقرأ في مجالس عزاء الجيران والأقارب لـ\”تبرد نار قلبها وتحصّل المقسوم\” على حد تعبيرها.

أم صباح مثل معظم نساء مدينة الصدر (شرقي بغداد) يتجمعن عند رحيل شخص أو أكثر ويذهبن إلى مجالس العزاء لمواساة من تربطهن به صلة من ذوي الراحل أو الراحلة، ولا تسمح لهن العادات بالتخلي عن المواساة.

لكن الأحداث الأخيرة ولاسيما تفجيرات مجالس العزاء في مدينة الصدر والدورة والصليخ والأعظمية وغيرها من المناطق أخذت تحول دون تواصل الكثير من نساء المدينة مع الأسر المفجوعة، لخوفهن على حياتهن مرة، ولأن أزواجهن أو أبنائهن وحتى بناتهن يعارضن ذهابهن إلى مجالس العزاء خشية تعرض تلك المجالس للاستهداف.

ومنذ السبت الماضي وحتى أمس الاثنين وقع مئات القتلى والجرحى بتفجيرات نوعية استهدفت مجالس عزاء في مناطق شيعية وسنية.

وقال القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي، أمس، في بيان، إن التفجيرات التي استهدفت مجالس العزاء في مدينة الصدر والدورة تندرج ضمن \”مخطط لإشعال الفتنة الطائفية\”.

وتقول أم صباح، التي تسكن قطاع 55 في مدينة الصدر بعد يومين من التفجير الذي ضرب مجلس عزاء في المدينة، تقول لـ\”العالم الجديد\” إن \”ابني منعني بيوم التشييع من أن أروح إلى شارع الفلاح، لكني رحت بدون علمه الصبح لأن عندي عادة وتقاليد تعيش بداخلي ومن المستحيل أن أمتنع عن اللطم و(القراية) أو أترك مجلس عزاء في المنطقة\”. وتستدرك \”أخاف أطلع هذه الأيام لأن برقبتي بنت عمرها 11 سنة\”.

ابنتها واسمها زهراء هي الأخرى تخشى أن \”تتفجر\” وهي تذهب مع أمها لـ\”الشغل\”. وتذكر لـ\”العالم الجديد\” أنها تساعد أمها في مجالس العزاء \”أحمل جهاز مكبر الصوت وأصفق حين تقرأ أمي حتى يشتد اللطم\”. وتعقب \”مستقبلي قادم أحب أكون ملاية مثل أمي\”.

في شارع الفلاح الذي شهد استهداف مجلس العزاء بتفجيرات مروعة دفعت \”حملة الإبادة الجماعية\” إلى المطالبة بإعلان مدينة الصدر \”منطقة منكوبة\” تسكن أم رائد، وهي (ملاية) أيضا \”ثاني يوم الصبح بدأت الجنائز فحضرت نفسي حتى أروح أقرا على الموتى لكن زوجي منعني لأنه يخاف أتفخخ\” تقول أم رائد لـ\”العالم الجديد\” فيما تبدي تذمرها وهي تؤكد \”أصابتني حالة خوف لأن شباب المنطقة يتحدثون عن أخبار تفجيرات بمجالس عزاء أخرى\”.

واضطرت إسراء، وهي شابة تبلغ من العمر 22 عاما، إلى إعطاء أمها المريضة علاجا منوما (الرمين)، حتى تعيقها عن الذهاب إلى (الفواتح).

ويمتاز أهالي مدينة الصدر بقطاعاتها ومناطقها بعلاقات متشعبة تدفعهم للتواصل مع بعضهم في مناسبات الفرح والحزن.

غير أن هلع الأهالي من هول التفجيرات الأخيرة أثار مشاعر متباينة حتى داخل المنزل الواحد، فأم عادل التي تسكن جوار ضرتها أم مهدي لم تتمكن من حضور تشييع ضحايا شارع الفلاح لأن حفيد زوجها الذي تربيه منعها هو الآخر من الذهاب للتشيع فاكتفت بالبكاء والحسرة \”لأني أحس نفسي مقصرة\” تقول لـ\”العالم الجديد\”، وتردف \”أتمنى أموت ويأخذ الله عمري بمكان الشباب\”.

بخلاف ضرتها التي اعتادت أن تجمع نساء المنطقة حتى \”تلاكَي\” من فجعت بعزيز من الجيران، فقد توجهت إلى شارع الفلاح وجالت بين مجلس فاتحة وآخر متحدية وهي تعلق لـ\”العالم الجديد\” بأن \”الإرهابيين يريدون ياكلون كلشي بينه حتى عاداتنا الحزينة\”.

إقرأ أيضا