هل مازالت المادة ٧٥ ثالثاً من الدستور العراقي تنص على (يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو منصبه لأي سبب كان وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ الخلو)؟!
وهل مازال السيد جلال طالباني رئيس جمهورية العراق الأتحادي الفيدرالي يتعالج في المانيا حتى الآن؟!
وهل مازال السيد النايب خضير الخزاعي يحلّ محل رئيس الجمهورية ولم يخرج من العدّة بعد؟!
ثم هل مازال السيد اسامة النجيفي رئيساً لمجلس نواب العراق حتى اللحظة؟!
فلماذا لا يدعو اذن السادة النواب الى اجتماع طارئ يتم فيه انتخاب رئيس جديد للبلاد.
علماً بأن هذا ما كان يجب فعله بعد ثلاثين يوماً فقط قضاها السيد طالباني خارج منصبه بحسب الدستور.
اما الآن وقد مضى على خلو منصب رئيس الجمهورية مائتان وخمسة عشر يوماً، فالأمر صار عطلاً دستورياً يجب اصلاحه.. أليس كذلك؟
هنا بالطبع لا أراني مضطراً للجواب على دعوى ان منصب رئيس الجمهورية منصب شرفي لا يؤثر عند خلوه، فنظرة سريعة للمادة ٧٣ من الدستور العراقي كفيلة بتعريفك بمهام رئيس الجمهورية الذي يعرّف على انه رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، هذا بالأضافة الى ان حال العملية السياسية كما ترَون صارت تمشي \”عكرف لوي\” بعد غياب مام جلال مما يدل على ان الريّس كان له موضع القطب من الرحى، سيما حين يشتد الوطيس بين الفرقاء وتبدأ الشتائم والتهائم تتطاير دون رادع.
ولا أراني مضطراً ايضا لتفنيد رأيٍ عاطفي يقول بأن السيد طالباني له تاريخه السياسي الطويل وهو شخصية محبوبة لدى الجميع ولا يجرؤ احد على ابداله بغيره، فرئيس الجمهورية رغم ما يتمتع به من مقبولية سياسية وشعبية يبقى موظفاً في الدولة ينطبق عليه قانون الخدمة الوطنية، وهنالك آليات ديمقراطية كفلها الدستور لأبداله.
اما التحجج بخصوصية المشهد العراقي ووجوب مراعاتها فهذا ما لا يستخق الوقوف عنده والجواب عليه.
بل ان هذه القوانة المشروخة هي ما دلفتنا في آخر الركب وجعلتنا نجلس في \”خانة الشواذي\” بحسب لغة سوّاق الكيّا.
ما الذي يجري؟ كلما طالبتهم بتطبيق الدستور الذي سطروه بأيديهم \”البيضاء\” قالوا خصوصية المشهد السياسي العراقي تمنع، وكلما سألتهم الى متى المحاصصة والتراضي وجبر الخواطر؟ اجابوا لخصوصية المشهد! ماذا تعني خصوصية المشهد، ولماذا نحن مختلفون لهذا الحد عن باقي خلق الله؟!
لماذا نتعاطى مع مشاكل البلد كما لو اننا عشائر متخاصمة تجلس عند \”الفِريضة\” للبت بالخصومة والذي غالباً ما يكون بالتراضي؟ لماذا لا تكونون رجال دولة تحتكم للدستور تحت قبة البرلمان؟!
لماذا كلما فشلتم في حلٍ دستوري قلتم لخصوصيةٍ المشهد العراقي؟!
الغوا الديمقراطية اذن ولا تصدعوا رؤوسنا بها بعد اليوم، ورتبوا وضع البلد حسب خصوصيته.
الى الآن لا ادري كيف يتسنى لبلدٍ بحجم العراق ان يبات كل هذه المدة بلا رئيس؟
بالله عليكم نوّروا بصائرنا فقد تهنا وغلب علينا حتى أمسينا لا نميّز بين الباء والتاء!
فهل يعقل أن نقيم الدنيا ولا نقعدها من اجل ان يبقى مام جلال ابن التسعة والسبعين عاماً رئيساً لجمهورية العراق بلا منافس ويترك منصبه شاغراً سبعة اشهر ويزيد؟!
نعم نتمى صادقين عودة العم جلال مشافىً معافىً الى العراق، ولكن هذا لا يعني ان نضطر لأرتكاب فداحة دستورية بهذا الحجم.
ما يجري لَعمري خطأ فادح لا يُسكَت عنه، وعطب في اسلاك العملية السياسية يجب تفاديه.
بل خطأ بهذا الحجم يدل على اننا في وادٍ والديمقراطية في وادٍ، ويدل على حجم الخلاف داخل الكتلة السياسية الكفيلة بتقديم بديل عن الرئيس، ويعطي انعكاساً لحالة العقم التي تعيشها القيادة السياسية التي شوّهت ديمقراطيتنا بالعرف الدستوري.
فماذا لو لم يمرض السيد طالباني وانتهى عمر ولايته، هل سيبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً لأن الدستور حدده بولايتين؟! ام نعدّل الدستور من اجل ولاية ثالثة كما يجري في اربيل هذه الأيام وسط صمت اعلامي رهيب؟!
ثم ماذا لو غاب السيد اسامة النجيفي مثلاً كل هذه المدة؟ هل سيبقى منصبه شاغراً؟! ام ان التحالف الكوردستاني سيقيم الدنيا ولا يقعدها؟!
كيف سيلعلع علينا النائب خالد شواني وكيف ستصرخ بنا السيدة آلا طالباني بنت اخت السيد جلال طالباني؟!
بالتأكيد سيرفعون الدستور فوق رؤوسهم في مجلس النواب مطالبين بتطبيقه حرفياً، وإلا سيقاطعون جلسات البرلمان حتى يكون لهم ما يريدون بعدما يزيدون عليه مطلبين او ثلاثة كالعادة.
انا لا ألوم الكورد وأنّى لي ذلك فالدستور عندهم مقدّس \”في المكاسب\” يجب تطبيقه، وتحالفهم متماسك لا يطعن بعضهم بعضاً، وهم بيضة القبان التي يشتري ودها الجميع و \”يهابها\” الجميع. لكني اعجب لموقف الصم البكم في الطرف المقابل أعني الأخوان \”بالذم\” يا ترى ما الذي أخرس ألسنتهم الطويلة مائتين وخمسة عشر يوماً، يوماً ينطح يوماً؟!