يواصل العشرات من الكوادر التربوية في محافظة السليمانية، اليوم الثلاثاء، اعتصامهم لليوم الخامس عشر على التوالي أمام مقر الأمم المتحدة، من أجل المطالبة بتوطين الرواتب على المصارف الحكومية الاتحادية، لمنع تأخير صرف رواتبهم لأشهر عدة، وسط تسجيل تدهوركبير في الحالة الصحية للمعتصمين بسبب الإضراب عن الطعام، ومطالبات للحكومة الاتحادية في بغداد بالتدخل الفوري.
وقال مراسل “العالم الجديد”، إن “العشرات من المحتجين من الكوادر التربوية يواصلون اعتصامهم وإضرابهم عن الدوام والطعام في خيمة الكرامة مقابل مقر الأمم المتحدة في مدينة السليمانية”.
وأضاف أن “الحالة الصحية للمعتصمين في تدهور بسبب الإضراب عن الطعام لمدة 15 يوما، وتم نقل مجموعة منهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج والإسعافات”، مشيرا إلى أنه “من المقرر أن تخرج اليوم تظاهرات مساندة ظهر اليوم، في شارع 60 بإتجاه خيمة الاعتصام”.
ورفض المعلمون المضربون عن الطعام في محافظة السليمانية، تعليق إضرابهم لتأخر صرف الرواتب، معلنين مواصلتهم للإضراب حتى تحقيق مطالبهم، ومن جملة المطالب التي نادى بها المحتجون، هي صرف رواتبهم المتأخرة وإعادة العمل بترفيعاتهم، وتوطين رواتبهم في البنوك الاتحادية حصراً.
إلى ذلك، دعا عضو مجلس المعلمين المحتجين عادل حسن، اليوم الثلاثاء، الحكومة المركزية في بغداد بالتدخل بقضية صرف رواتب موظفي الإقليم من خلال توطينها.
وقال حسن في حديث لعدد من وسائل الإعلام من بينها “العالم الجديد”، إن” جذور أزمة الرواتب في إقليم كردستان تعود إلى العام 2014 رغم الدعاوى المقاومة ضد حكومة إقليم كردستان”.
وأضاف أن” حكومة الاقليم ترفض الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية بتوطين رواتب الموظفين والمعلمين في المصارف الحكومية الاتحادية”.
وأشار إلى أن “حكومة الاقليم عمدت على رفع الترفيعات للموظفين في عام 2016 ,فضلا عن الادخار الإجباري”، مشدد على “ضرورة تدخل بغداد بشكل فوري لإيقاف سرقة الرواتب من قبل حكومة الإقليم “.
ولليوم الخامس عشر، تشهد السليمانية تظاهرات واعتصامات أمام مقر الأمم المتحدة فيها، من قبل المعلمين المضربين عن الطعام، للمطالبة بصرف الرواتب وتوطينها في المصارف الاتحادية.
ومنذ يوم السبت الماضي 8 شباط فبراير الجاري، المعلمين المضربين عن الطعام، التوقف عن تلقي الرعاية الطبية، في خطوة تصعيدية، ليتوجه ممثلين عنهم أمس الأول الأحد، إلى أربيل، وسط تشديدات أمنية وظروف جوية صعبة، لغرض الاعتصام أمام مقر الأمم المتحدة، لحل أزمة الرواتب بشكل جذري.
لكن المتظاهرين جوبهوا بحملة من الإجراءات الأمنية المشددة، حيث أغلقت قوات الآسايش الكردية التابعة للحزب الديمقراطي سيطرة ديكله، مدخل مدينة أربيل، لمنع المتظاهرين من دخول المدينة، فيما تم استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، الذين استطاعوا عبور الحواجز الأمنية، لكن الإجراءات المشددة والإنذار الذي دخلته قوات الأمن في أربيل، حال دون دخولهم إلى المدينة، ليعود القسم الأكبر منهم إلى السليمانية.
وأعلن عضو لجنة اعتصامات معلمي محافظة السليمانية، سامان علي، في حينها، إصابة أكثر من 150 متظاهرا أثناء منعهم الدخول الى محافظة اربيل، لغرض الاعتصام أمام مقر الأمم المتحدة.
يذكر أن محافظ أربيل، أوميد خوشناو، أكد أن الاحتجاجات التي تشهدها مدينة السليمانية يتم استغلالها من قبل بعض الجهات السياسية لتحقيق مكاسب انتخابية، مبينا أن الإضراب يجب أن يكون موجها ضد الحكومة الاتحادية في بغداد، كونها مسؤولة عن تأخير صرف رواتب الموظفين بإقليم كردستان.
وأطلقت حكومة كردستان رواتب شهر كانون الثاني 2025 قبل أيام، ولكن تمويل الرواتب على مايبدو سيكون فقط “الكترونيًا”، حيث تم اطلاق الرواتب عبر نظام “حسابي” بالرغم من ان هناك فقط حوالي 250 الف شخص يمتلكون بطاقات، من اصل مليون موظف، فيما تقول حكومة كردستان ان حوالي 800 الف موظف تم توطين رواتبهم، أي 80% منهم.
وزار وفد من مجلس النواب الذي وصل مدينة السليمانية، 8 شباط فبراير الجاري ، والمكون من أغلب الكتل النيابية، خيمة المعلمين المعتصمين والاطلاع على مطالبهم.
وأعلن الوفد النيابي خلال مؤتمر صحفي تابعته “العالم الجديد”، من داخل خيم الاعتصام عن “تسلمه اليوم مطاليب المعتصمين وأنه سيأخذها معهم الى بغداد إلى مجلس النواب، وعزم تشكيل لجنة نيابية لمتابعة موضوع الخلافات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية والاعلان للرأي العام من هو السبب في تعطيل صرف رواتب الموظفين، كي لا يصبح المواطنين ضحية للصراعات السياسية من الآن وصاعداً” حسب قولهم.
وتعهد الوفد البرلماني بأنه “سيعود قريباً الى المعتصمين بالحلول، حول مواضيع التوطين وتوفير الرواتب، مشيداً بما وصفه نضال وصمود أبناء السليمانية خلال السنوات الماضية للمطالبة بحقوق الموظفين وتوفير رواتبهم”.
جاء ذلك بالتزامن مع تأكيدات منظمات حقوقية ونواب أن العديد من المعتصمين يعانون من سوء الحالة الصحية بسبب الإضراب عن الطعام والمستمر منذ أيام، إذ قرر البعض منهم رفض تلقي الرعاية الصحية، في خطوة تصعيدية باعتصامهم، بعد أن كانوا يتلقون الرعاية الصحية طيلة فترة إضرابهم.
وأعلنت وزارة المالية في حكومة إقليم كردستان، في 3 شباط فبراير الجاري، عن التوصل إلى اتفاق نهائي مع الحكومة الاتحادية لحسم ملف رواتب موظفي الإقليم.
يذكر أن مجلس النواب صوت، في 2 شباط فبراير الجاري، على مشروع قانون التعديل الأول لقانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية 2023، 2024، 2025، والذي يسمح باستئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر شركة سومو الاتحادية.
وكانت وزيرة المالية الاتحادية طيف سامي طلبت، في 1 شباط فبراير الجاري، من وفد الإقليم تزويد المالية بالحسابات البنكية لكل موظف، سواء تم توطين الرواتب في المصارف الاتحادية، أو بنوك الإقليم، كما طلبت أيضا ترك الحرية والخيار للموظف في أن يوطن راتبه في أي مصرف يشاء، وأن لا يتم جبره على التوطين في مشروع حسابي، بحسب مصادر مطلعة.
ويرى مراقبون في الشأن السياسي، أن الأزمة المالية بين بغداد وأربيل ليست مسألة موازنات فقط، بل ترتبط بتوازن القوى في العراق، إذ إن أي اتفاق مالي يحمل في طياته بُعداً سياسياً، سواء تعلق بمصالح الأحزاب أو بالتأثيرات الإقليمية والدولية، وبالرغم من التصريحات الإيجابية من الطرفين، تبقى المخاوف قائمة بشأن تنفيذ الاتفاقات على أرض الواقع، خصوصاً في ظل تجارب سابقة لم تكتمل، مشيرين إلى أن الهجوم على حقل خور مور قد يكون رسالة واضحة بأن أي تفاهم بين بغداد وأربيل لن يكون سهلاً، وأن هناك جهات غير مستفيدة تسعى لعرقلته.
وأصبحت الحياة في مدينة السليمانية شبه معطلة، نتيجة اتساع الإضراب العام عن الدوام في الدوائر الحكومية، والمدارس والجامعات ودوائر المرور فضلا عن المؤسسات الأخرى.
ولم يقتصر الإضراب على المدارس، بل أن الجامعات أغلبها أضربت عن الدوام، في حين انضمت المستشفيات، والمراكز الصحية، ومنها مستشفى الولادة للإضراب عن الدوام، بسبب عدم استلامهم الرواتب لثلاثة أشهر.
ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائيا في أكتوبر تشرين الأول 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.