صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

اقتصاد هش ورعاية غربية.. هل يصل العراق لـ”بريكس”؟

مسافات شاسعة تفصل العراق عن الدخول إلى مجموعة بريكس في ظل الرعاية الأمريكية التي تسيطر على قراراته الاقتصادية، إضافة إلى إنتاجه الريعي واقتصاده “الهش”، إذ يرى خبراء بالاقتصاد أن دول هذه المجموعة تنتقي أعضاءها بناءً على مواصفات لا يمتلكها العراق، فيما شبه محلل سياسي الدخول إلى هذا التكتل بمن “يحبس نفسه في صندوق”.

مسافات شاسعة تفصل العراق عن الدخول إلى مجموعة بريكس في ظل الرعاية الأمريكية التي تسيطر على قراراته الاقتصادية، إضافة إلى إنتاجه الريعي واقتصاده “الهش”، إذ يرى خبراء بالاقتصاد أن دول هذه المجموعة تنتقي أعضاءها بناءً على مواصفات لا يمتلكها العراق، فيما شبه محلل سياسي الدخول إلى هذا التكتل بمن “يحبس نفسه في صندوق”.

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “بريكس تجمع للدول الكبار، ضم الصين وروسيا والهند والبرازيل، ثم ضم جنوب إفريقيا على الرغم من أن الأخيرة لا تمتلك اقتصادا قويا، بل استخدمتها الصين بوابة للدخول إلى القارة الإفريقية ونجحت في ذلك”.

ويضيف المشهداني، أن “هذه المجموعة ليست متاحة للانضمام بشكل عشوائي، إذ أن نخبة من الدول قدمت طلبات للانضمام والتي قبلت طلباتها خمس دول فقط، وهي مصر والإمارات والسعودية وإيران وتركيا من بين 28 طلبا جرى رفضها، بينما تم قبول الدول الخمس، لأنها من الاقتصادات الكبيرة التي تدخل ضمن أفضل 20 اقتصادا في العالم كالسعودية وتركيا، أما إيران ومصر فقريبتان من ذلك”.

ويتابع، أن “بريكس لا تفضل الدول الضعيفة، والعراق حتى الآن اقتصاده هش ويعتمد على النفط فقط، علما أن أكثر الدول في هذه المجموعة نفطية، لذا فعملية دخول العراق مستبعدة لأنهم سيرفضون الطلب، والعراق من جانبه لم يقدم طلبا للانضمام حتى بصفة مراقب، فهذه المجموعة لا تشغل اهتمام الحكومة العراقية”.

ويعتقد الخبير الاقتصادي، أن “انضمام العراق سيكون غير ذي فائدة، فهو لا يملك شيئا للتبادل التجاري كتركيا وإيران والسعودية والدول التي ستخلق تكافؤا تجاريا، لكن العراق يملك النفط فقط، وهذا المنتج ليس له علاقة بالأسواق، لأن سعره محدد عالميا واتجاهات تصديره مبنية على اتفاقات مسبقة وعقود وشروط معينة”.

وحول ما إذا كانت هناك استقطابات سياسية في المجموعة، يجد المشهداني، أن “الموضوع اقتصادي بحت، فالمواقف السياسية بين دول بريكس ليست بالضرورة أن تكون موحدة إذ أن هناك مواقف مؤيدة لروسيا في حربها ضد أوكرانيا وأخرى مناوئة للحرب، لكن الهدف اقتصادي غايته إيجاد آلية مشتركة للتحرر من تبعية الدولار الأمريكي من خلال التبادل بينهم على أساس عملاتهم المحلية”.

وعن إمكانية طرحهم عملة موحدة، يستبعد المشهداني ذلك، وكما يقول إن “هذا الموضوع يحتاج إلى سنين طويلة، فالاتحاد الأوربي طور عملة اليورو على مراحل وتضررت الكثير من الدول كاليونان مثلا”، مشيرا إلى أن “التحرر من الدولار أمر صعب فالتعاملات الدولية أغلبها مقومة بالدولار”.

وبريكس هي منظمة عقدت أول مؤتمر قمة لها عام 2009، وكان أعضاؤها أربع دول ذات اقتصادات صاعدة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وكانت تحت اسم “بريك” ثم انضمت جنوب أفريقيا إلى المنظمة عام 2010 ليصبح اسمها “بريكس”، وخلال قمة المجموعة التي اختتمت أخيراً في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، تقرر دعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات لتصبح أعضاء في البريكس، على أن تبدأ العضوية في الأول من يناير المقبل.

لكن الباحث المختص بشؤون الطاقة كوفند شيرواني، يرى من جهته، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “بريكس كتلة منافسة لتكتل الدولار وهي لا تخلو من صبغة سياسية ونوع من الاستقطاب السياسي إلى جانب التكتل الاقتصادي”.

ويعتقد شيرواني، أن “العراق وبحكم الاتفاقات المبرمة مع الولايات المتحدة سيكون من المحرج أن ينضم إلى هذه المجموعة حتى لو كانت اقتصادية، فإنها لا تخلو من صبغة سياسية مناوئة للولايات المتحدة على الأقل اقتصاديا”.

ويضيف أن “الاقتصاد العراقي، ليس اقتصادا قويا مكتمل الأركان لأنه ريعي يعتمد على النفط، ومصالح الدول النفطية الآن غير منسجمة مع رغبات الدول الغربية المستهلكة، والعراق ملتزم بأوبك التي مع أن بعض قراراتها لا تنسجم مع المستهلكين، لكنها لا تصل الى حد الدخول في كتلة منافسة ومعادية”.

ويتابع أن “العراق لا يمتلك إمكانية الدخول بقضية استبدال الدولار بعملات أخرى والتقلبات التي تحصل معها، خصوصا أن أي عملة بديلة غير متوفرة حتى الآن، فالدول الكبيرة ممكن تتجه إلى الروبل أو اليوان أو الربية الهندية، لكن العراق لو أراد الانضمام سيكون هنا عضوا غير فاعل في هذا التجمع ويدخل في معادلة هو في غنى عنها”.

ويشير أيضاً إلى أن “مجموعة بريكس لا تقبل كل الطلبات بشكل مباشر، إنما تقيّم كل طلب وترفض بعضها حتى أن آخر طلب تم رفضه كان مقدما من الجزائر، وهذا يعني أن هناك توصيفات تعتمدها بريكس التي تطمح أن تصل إلى رقم كبير في الاقتصاد العالمي بموازاة ومنافسة الاقتصاد الغربي والأمريكي”.

ويتمثل هدف “بريكس”، في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول الأعضاء وتنسيق المواقف في القضايا العالمية والإقليمية وتعزيز التنمية المستدامة، فضلاً عن سعيها إلى إصلاح النظام المالي العالمي وتعزيز دورها في صنع القرار العالمي.

وتشكل المجموعة قبل التوسع نحو 40 بالمئة من سكان العالم و25.6 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي بواقع 26 تريليون دولار في 2022، وبعد التوسع إلى 11 دولة سيصبح حوالي 29 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 29 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، فيما أصبحت المجموعة تشكل 46 في المئة من سكان العالم بأكثر من ثلاث مليارات و670 مليون نسمة ما يقارب نصف سكان العالم.

بالمقابل، يصف المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، العراق إذا دخل بمجموعة بريكس “كمن يضع نفسه في صندوق، لأنه اقتصاديا ما زال تحت الرعاية الأمريكية، والخروج عن هذه الرعاية والدخول في أخرى يكلف العراق الكثير”.

ويضيف الدعمي، أن “الأموال العراقية الخارجية بحماية البنك الفيدرالي الأمريكي بمعنى أن الأموال العراقية ستكون عرضة للسيطرة من قبل شركات عالمية أخرى والعراق لا يجازف حتى لو كانت الحكومة العراقية ترغب في ذلك، ودول هذه المجموعة من جانبها تقدر وضع العراق”.

يشار إلى أن أكثر من 40 دولة في العالم أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، وفقًا لجنوب أفريقيا رئيسة قمة 2023.

إقرأ أيضا