أقيمت يوم أمس السبت، الأصبوحة النقدية الثانية ضمن فعاليات مهرجان دهوك السينمائي الدولي التاسع، في اليوم الثالث من ديسمبر، الثالث من فعاليات المهرجان، بالتزامن مع ثلاثة عروضٍ لثلاثة أفلامٍ طويلة في صالات السينما، تولى تقديم الجلسة الروائي الكردي صبري سليفاني، واستضاف فيها كلا من الشاعر والكاتب الكردي مؤيد طيب صاحب مؤسسة سبيريز للطباعة والنشر، وله العديد من المؤلفات الأدبية والدواوين الشعرية، والسيناريست بروش آكريي وهو قاص وكاتب سيناريو سينمائي كردي له مؤلفات وترجمات متعددة بالفارسية والكردية، أيضا عبدالله كسكين، صاحب مطبوعات أفيستا في إسطنبول، وعباس غزالي كاتب كردي ومهتم بالسينما.
بدأ سليفاني الجلسة بمداخلة مفادها “إننا إن أردنا تحقيق الفائدة لصناع السينما الكردية لابد أن ننحي المجاملات ونبدأ بالنقد، وثانياً لابد من الحديث عن الرواية والسينما، فالرابط بين الاثنين دائمٌ وقوي، والمنتجان هما إنتاج العقلية المدنية، التي تتميز بالتعددية والحرية والثقافة والصناعة، وهذا ما تنطوي عليه السينما والرواية، وبالحديث عنهما لابد أن نتكلم عن الانثروبولوجيا الثقافية، بالاعتماد على اختلاف الثقافة، فضلا عن العلاقات الاجتماعية، فعندما يلتقيان مع بعضهما، ماذا يتحقق؟ وهل له تأثيرات سلبية؟ فلابد أن يتماشيان مع بعض فيعالجانها مع بعض ويتطوران معاً”
وبدأ الشاعر مؤيد طيب حديثه بالقول: “نحن بلا قصة، لا شيء” فنحن شخصياً وجمعياً مجموعة من القصص، وإن نظرنا إلى اللغات الأخرى نجد أن ما يعبر عن القصة والتاريخ متقارب History – Story مرتبطتان وكذلك في اللغة الكردية جيروك و ديروك، فالأفلام استطاعت فنياً احتضان جميع الفنون التي سبقتها والاستفادة منها، فضلاً عن الاستفادة في الأدب من التقنيات السينمائية، وعندما نتحدث عن السينما والأدب نرى أن كل قصة تود وتطمح أن تتحول إلى الفيلم، فالفيلم خطوة متقدمة للقصص، لكن بعض الأحيان يكون التأثير معاكساً مثلما تسيء الأغاني للقصيدة التي تغنى، كذلك الفيلم قد يسيء إلى القصة، كنت قد قرأت رواية زوربا، لكن عندما رأيت الفيلم رأيت أن الفيلم أساء إليها، وما رفع من مستوى الفيلم كان رقصة انطوني كوين وتمثيله فضلاً عن الموسيقى، أيضا النسخ الهوليودية والروسية من الإخوة كرامازوف، كانت اقل من الفيلم، على العكس من هذا فنرى في فيلم الدون الهادئ المأخوذ عن الرواية لكنه قدم لها روحاً جديدة، وأختم بما قاله يوما لي الروائي الكوردي بابي نازي: “أمي قالت لي أدرس حتى تصبح طبيباً فتعالجني، فقلت لها سأصبح كاتباً وأحكي قصتك”
ثم طرح رئيس الجلسة سؤالاً مفاده لماذا لا يوجد علاقة بين الاثنين في الوسط الثقافي الكردي ولماذا التباعد بين الاثنين؟ هل قلة الانتاجات هي السبب؟ أو أن نوعية الأدب هي السبب بأنه لم يكن الأرضية المناسبة لهذا؟ وأجاب باختصار عباس غزالي انه “ليكون الفيلم جيدا لابد من أن يكون النص له جيدا، وأيضا الموسيقى التي في مثابة الروح للفيلم، وعندما سألنا عن مميزات الفيلم الجيد في هوليوود كانت الإجابة أولا القصة ثانيا القصة ثالثا القصة” أما السيناريست بروش آكريي ففصل القول في مشاكل السينما الكردية وابتعادها عن الأدب قائلاً “السينما تُكمِّل جميع الفنون التي سبقتها وتضمها، وهنا أقول الفنان الحقيقي لابد أن يعرف كل شيء عن هذه الفنون التي بتجمعها تقدم فيلماً جيداً، الفن يتعلق بكيفية قول الشي ليس بماذا تقول، عندما نبدأ القصة نبدأ بكان يا ما كان، أيضا الكاميرا، عندما تبدأ الكاميرا بالتصوير تبدأ بالحديث كأنها تقول كان يا ما كان، فتحويل القصة إلى فيلم هي تغيير الكلمات إلى صورة، ولابد من تحقق العلاقات بين الأطراف جميعا لتقديم الفيلم وتحقيق السينما، العقبة الأكبر التي أراها بوصفي كاتبا أن الكاتب يبقى أسيرا للغته، وهذا الرأي لرولان بارت الذي يرى اللغة دكتاتورا، فاللغة صنعت قبلنا والقاعدة اللغوية كذلك وضعت قبلنا، وهذا ما جعلنا أسرى لها، يأتي الأدب يتحايل على فاشية اللغة، برأيي لا يصح أن نقول سينما كردية انما كردستانية، مثلما لا نقول سينما إنكليزية بل امريكية، وبغض النظر عن المصطلح لكنها أي السينما الكردية تستعمل 90% اللغة الكردية بطريقة خاطئة، وهذا يعود إلى أن السينما الكردية هي ليست للكرد وإنما هي عن الكرد تقدم لغيرهم، وأنا دائما أقول لا تلُمِ الناس على عدم حضور الناس فهم لا يرون أنفسهم، ونلمس هذا في الأفلام من خلال اختلاف اللهجات بين أفراد العائلة الواحدة في الفلم هذا يميزه الكردي لكن الأوربي لا يميزه، صحيح أن الأدب والسينما خيال لكن خيال يمكن تصديقه، وأشدد على العلاقة بين الكاتب والسينمائي وتفعيلها، وهنا أشير إلى كسل الكرد، إذ لازال المثقف الكردي يبحث عن ماذا يقول ليس عن كيفية القول، فالممثل لابد أن يعمل على نفسه ويطور من أدواته، فالتمثيل لا يعتمد على الشكل فقط وإنما على الأدوات الأخرى، وأرى ان السينما الكردية لابد لها من أن تعمل على نفسها وتطور من نفسها، اعتقد ان السينما الكردية حاليا تشبه الحصان في فيلم يول ليلماز كوناي، إن يقيت في الثلج لابد لها من يحفزها على المسير، وأنا أقول ما أقول لأحفزها على المسير قدماً”
وأضاف مؤيد طيب أنه يمكن لكل قصة فلكلورية كردية أن تكون فيلما، لكن هل الإمكانات متوفرة؟ فضلا عن أن المعالجة هي التي تحكم بجودتها من عدمها، فعندما نذهب تجاه القصص الكلاسيكية لابد أن نرى ان كنا نستطيع أن نوفر متطلبات الزمان والقصة التي تدور فيها أيضا أرى ان الفنان لابد أن يكون مطلعا وذو علاقة فعالة مع الفنون الأخرى”.