يحتفي ديوان (الأمر بالنار والنهي عن الوردة) للشاعر العراقي ماجد موجد بالحياة وبالشعر معا ويصفيهما من شوائب ضباب المشهد العراقي الحالي ومن كثير من تراث الشعر في بلاده والذي ظل يتكئ على أساطير أبرزها ملحمة كلكامش.
ففي القصيدة الأولى (كي يتضح العالم)، يخاطب الشعر \”أيها السيد الأول لدهشة السماء الثامنة- يا خيط الدمع السكران بين الأساطير والأسماء\”.
ولكن الشعر لديه ليس الكلام المنزه وإنما هو مجاز تتفاوت قدرات الشعراء في التقاط سحره كما في قصيدة (استجمام) التي يقول فيها:
\”ما الذي يفكر فيه شاعران -حينما يجدان مادة ثمينة مهملة على الطريق؟ لا شيء سوى تبادل الأدوار-أحدهما لا يفسر كيف اختفت البلاغة لحظتذاك-والآخر لا يعرف متى ازرقت الروح مثل إصبع مفروكة بين حجرين. هكذا نكتب الشعر ونعيش سواه\”.
والديوان الذي يقع في 93 صفحة متوسطة القطع أصدرته مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر في القاهرة ويضم أكثر من 20 قصيدة آخرها (سطوعك الأبدي) وهي مهداة إلى الشاعر العراقي أحمد آدم الذي \”كان ضحية العنف الطائفي الذي استفحل في العراق 2005، وقد وجدت جثته في بركة تحت أحد الجسور جنوب بغداد\”.
وموجد المقيم حاليا في القاهرة عضو في اتحاد الأدباء العراقيين، ومن مؤسسي بيت الشعر العراقي، وله دواوين شعرية منها (غرابيل) 1997 و(فوق القمر تحت الورد) 1999.
وتخلص قصائد ديوان (الأمر بالنار والنهي عن الوردة) للشعر كغاية تسمو فوق أدوار تجاوزها هذا الفن الذي ينفذ إلى جوهر الأشياء والظواهر، ولا يعنى كثيرا برصد يثقله بالمباشرة في ظل أجواء لا تتيح للشاعر العراقي الآن أن يبتعد عن المشهد المرتبك في بلاده.
ولكن الشاعر يقترب اقترابا شفيفا من هذا المشهد في قصائد منها (أحزان آسيا) حيث الرجال \”ينام أحدهم وهو ينسى-لماذا أيامه مررة-ولماذا يعذب عقيدته بنقيضها-حين يمس زوجته بنية أن يمس غيرها\”.
وفي قصيدة (أخي المنتفض الكريم) ما يشبه النصائح للمتمرد الذي عليه ألا يتذكر وهو يتقدم \”سوى الدم الذي أريق بامتنان-تحت عتبات السلام. دع أصحاب الكاميرات يترجون ملامحك-قل لهم: ليس الآن-وتنفس بنبل وعمق… غدا وأنت تتقدم-ضع النفايات والأسف والكراهية والفتاوى في كيس واحد-نبه المصلين أن الله والوطن للجميع\”.
وفي قصيدة أخرى يحلم بتفاصيل إنسانية عن الخبز والشجر والسينما والمسارح والرئيس-الإنسان الذي يمشي في الأسواق \”نريد مرشحين يرفعون وعودا موثقة-أنهم سيوزعون دواوين الشعر مع الكتاب المقدسة.