الأمم المتحدة: العراق أعدم 1200 شخص و1400 ينتظرون دورهم.. و60 ألف توقيع تناشد المالكي بتطبيق العقوبة

تعتقد السلطات في العراق، بأن شن موجة من الاعدامات بين فترة واخرى بحق \”مدانين\” في قضايا \”ارهابية\” يعد عنصرا رئيسا في استراتيجية مكافحة الإرهاب في ظل فورة العنف المستمرة، لكن منظمة العفو الدولية رفعت من مستوى استيائها نتيجة اصرار العراق على تنفيذ \”اعدامات بالجملة\”، ورأت ان \”معدلاتها باتت اعلى عما كان ينفذ ايام نظام صدام حسين\”، في خضم ذلك يرفض قطاع واسع من العراقيين دعوات الغاء العقوبة القاسية، الى درجة ان نشطاء جمعوا نحو 58 الف توقيع اليكتروني من اجل \”تنفيذ احكام الاعدام الصادرة من القضاء\”.

ويشعر غالبية العراقيين بالغضب لانهم لا يستطيعون \”الثأر\” من الجماعات المسلحة التي تشن هجمات انتحارية تودي باعداد كبيرة شهرياً، لذا يجدون في تنفيذ اعدامات \”شحيحة\” وباعداد اقل بعشرات المرات من عدد الضحاياً نوع من \”التأسي\” لكنه لا يلبي طموحهم، فيما ترفض وزارة العدل المشرفة على تنفيذ تلك الاحكام ان \”المطالبات بوقف تنفيذ الإعدامات تشكل تجاوزاً على حقوق الضحايا وخروجاً عن الدستور\”.

منظمة العفو الدولية افادت في تقرير جديد لها، بشأن حالات الاعدام المتكررة في العراق، بثته على موقعها الرسمي الجمعة الفائتة (8 تشرين الثاني الجاري) وباللغة الانكليزية واطلعت عليه \”العالم الجديد\” افادت بان \”حالات الاعدام سجلت اعلى معدل لها هذا العام منذ الاطاحة بنظام صدام حسين في 2003\”.

ورأى مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية فيليب لوثر ان عقوبة الاعدام \”محاولة غير مجدية لحل مشاكل الأمن والعدالة الخطيرة في البلاد\”، وطالب ان \”تفتح السلطات العراقية تحقيقات فعّالة في الانتهاكات، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة في نظام نزيه، من دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام لحماية المدنيين بصورة أفضل من هجمات الجماعات المسلحة\”.

وتعتقد مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، في بيان اطلعت عليه \”العالم الجديد\”، وصدر في 19 نيسان الماضي، ان 1400 شخصاً ينتظر الحكم بالإعدام او تنفيذه. ويقرّ القضاء العراقي عقوبة الإعدام في نحو 50 جريمة، منها الإرهاب، والاختطاف، والقتل، فضلا عن الاضرار بالمرافق والممتلكات العامة. وقالت الامم المتحدة ان 1200 شخصاً على صلة بـ\”قضايا ارهابية\” اعدموا منذ العام 2004 حتى الان.

منظمة العفو الدولية في تقريرها الجديد، والذي يُضعف من موقف العراق في مجال حقوق الانسان وفقاً للمعايير الدولية، تؤكد ان الاحصاءات التي قدمتها \”قد لا تكون دقيقة\” لجهة ان \”العدد الحقيقي يمكن أن يكون أعلى من ذلك بكثير لأن السلطات العراقية لم تنشر الأرقام الكاملة\”.

ونوهت بان العراق نفذ عقوبة الاعدام خلال الاشهر العشر الاولى من العام الحالي بـ\”132 شخصاً على الأقل\”، والذي اعتبرته \”اعلى معدّل من نوعه منذ أن أعادت البلاد العمل بعقوبة الإعدام العام 2004\”، مشيرة الى ان \”الاعدامات المعلن عنها رسمياً خلال العام 2009 بلغت 120 اعداماً، فيما بلغت و129 عملية إعدام على الأقل في العام الماضي\”.

وفي 18 ايلول الماضي، قال العضو المنتدب في منظمة العفو الدولية بمقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، وترجمته \”العالم الجديد\”ان \”العراق بات في المرتبة الثالثة بين البلدان التي تستخدم عقوبة الإعدام، لتأتي الولايات المتحدة خامسة\”.

وغالباً ما تحتج المنظمات الدولية على احكام اعدام صادرة بحق \”ارهابيين عرب\” متهمين بتجاوز الحدود وتنفيذ \”اعمال اجرامية\”، فيما باتت قضية عبد الله القحطاني (سعودي ويبلغ من العمر 22 عاماً) على رأس القضايا المثيرة للجدل. والقحطاني المحتجز الان في سجن الكاظمية. ووفقاً للعفو الدولية فان 60 الف رسالة وجهت من نشطاء عبر العالم الى رئيس الوزراء نوري المالكي لايقاف تنفيذ عقوبة الاعدام، واخضاعه لـ\”محاكمة عادلة\”.

ويجد عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، مظهر الجنابي (القائمة العراقية) في حديث مع \”العالم الجديد\” ان \”الاحكام التعسفية ربما ليست بسبب القضاء، فالقضاء العراقي يكاد يكون من افضل النماذج في المنطقة، لكنه يتحمل اخطاء المؤسسة الامنية (…)\”.

ويعتبر الجنابي الذي عبر عن رفضه لتنفيذ الاعدامات بـ\”المجمل\” في العراق، انها \”تكاد تكون غير شرعية وغير صحيحة، لذا علينا ان نعيد الحسابات ونقلب صفحة جديدة، ونبدأ من الصفر\”.

وتؤكد الحكومة بأنها تعدم فقط أفرادا ارتكبوا أعمالا إرهابية أو جرائم خطيرة ضد المدنيين وتمت إدانتهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لعام 2005.

ويعرب الجنابي عن اعتقاده بأن \”اغلب الاعترافات انتزعت بالاكراه، لاسيما تلك التي بثتها وسائل الاعلام، والقاضي يحكم على دليل وقرينة المؤسسة الامنية فقط، وعناصر الجيش والشرطة غير مهنيين بقضايا التحقيق (…) وجميع التحقيقات بعيدة عن الحقيقة ومزيفة، ووصمة عار على كل من انتزع تلك الاعترافات\”.

وابدى وزير العدل حسن الشمري في الثالث من نيسان الماضي، ما وصفه \”ادعاءات جهة سياسية\” في اشارة الى \”القائمة العراقية\”، ما وصفته بأن \”تنفيذ الوزارة لأحكام الإعدام بأنه يتم استناداً إلى بلاغات المخبرين السريين ليس لها أساس من الصحة\”، مبيناً إن \”أحكام الإعدام تصدر عن القضاء وفقاً لأدلة الشهود واعترافات المجرمين\”.

وجاء رد الشمري عقب مهاجمة مسلحين لمقر الوزارة وسط بغداد في 16 اذار الماضي، وتفجير انتحاري لنفسه وسط طابق يضم ملفات المعتقلين المحكومين بالاعدام. وشدد حينها على ان \”هذه المحاولات لن تثني الوزارة عن إتمام عملها في الاقتصاص للشهداء وعوائل الضحايا التي حرمت من أبنائها\”.

دعوات ايقاف تنفيذ احكام الاعدام، واجهت ردود افعال قوية من الشارع العراقي، واطلق نشطاء على الـ\”فيسبوك\” حملة \”لجمع مليون توقيع لتنفيذ الاعدامات\”، وحتى الان بلغ عدد الموقعين اليكترونياً 57,926 الف توقيع، فيما هناك اكثر من 20 الف اخرين ينوون التوقيع على العريضة المزمع تقديمها الى رئيس الوزراء ووزير العدل، بدعم من نواب.

وأعلن النائب المستقل حسين الاسدي في (الخامس من ايلول الماضي) في مؤتمر صحفي حضرته حينها \”العالم الجديد\”، عن تحريكه لدعوى قضائية ضد نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية نصير العاني لتأخيرهما المصادقة على تنفيذ احكام الاعدام بحق المئات من الارهابيين.

وبيّن ان \”تحريك الدعوى جاء اشارة للمادة 73 ثامناً من الدستور والخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية ونظراً لغياب الرئيس وحلول نائبه خضير الخزاعي محله فهو من تقع عليه واجبات الرئيس وخاصة مع التخويل الصادر من الرئيس له قبل غيابه\”.

وعلى الرغم ان هذه الدعوات الشعبية تجد صدى لدى الحكومة، الا ان بعثة الامم المتحدة في العراق ناشدت بغداد، لتبني قراراً بإيقاف تنفيذ جميع أحكام الإعدام عملاً بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة 62/149 لعام 2007 و63/168 لعام 2009 و65/205 لعام 2010 والنظر في المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بغية الغاء عقوبة الإعدام في العراق. 

لجنة حقوق الانسان النيابية، تلفت الى ان الاعدامات \”شرعية\” في ظل قانون نافذ، وتبين عضو اللجنة النائب اشواق الجاف (التحالف الكردستاني) ان \”المشكلة تكمن في القانون النافذ والساري، لذا لا نستطيع ان نقول ان تلك الاعدامات تمثل انتهاكا لحقول الانسان، لهذا السبب درسنا محاولة ايقاف الاعدامات\”.

ونوهت الى ان \”الاعدامات في العراق اصبحت مسألة مثيرة للجدل، هناك من يطالب بايقاف احكام تنفيذ الاعدام، وهناك من يطالب بضرورة تنفيذها، لكن المسألة معقدة لكون العراق يمر بحالة تدهور امني مستمر، وهناك ضحايا لتك الهجمات، بالتالي سقوط الابرياء هو ما يدفع الى عدم ايقافها او الغائها\”، مشيرة الى ان \”هناك من يشكك بالاجراءات القضائية ويقول ربما قد يكون هناك ظلم، بالتالي فان هذه المعادلة صعبة جدا\”.

وكشفت الجاف عن ان \”اللجنة النيابية، شكلت لجنة فرعية لدراسة جدوى ايقاف تنفيذ عقوبة الاعدام، من الناحية القانونية والشرعية والدولية، لكن اللجنة لم تنجز اعمالها لكونها واجهت انتقادات كثيرة من الشارع العراقي مجرد الاعلان عنها، فكيف لو شرعت بعملها بشكل فعلي وعملي\”.

وعلقت بشأن ارتفاع عدد الاعدامات في العراق، ان \”القانون نافذ، وعدد كبير من تلك الاحكام صدر في اوقات سابقة، ويصدف انها تنفذ الان في وقت واحد، ما اظهر ارقاماً كبيرة من الاعدامات\”.

إقرأ أيضا