كشفت وفود إعلامية خليجية وصلت إلى محافظة البصرة لتغطية فعاليات “خليجي 25” عن توسع نطاق تغطيتها الإعلامية وعدم اقتصارها على فعاليات البطولة الرياضية، إذ شملت تغطيات الإعلاميين الخليجيين مختلف زوايا ومرافق البصرة وثقافتها وتنوع عاداتها وطوائفها لنقل الصورة بشكل دقيق إلى شعوب بلدانهم الخليجية والعربية التي لا تزال تحمل هاجساً وتردداً في القدوم إلى العراق، نتيجة الصورة النمطية التي نقلها الإعلام على مدى السنوات الـ40 الماضية، مؤكدين أن البصرة بعد البطولة لن تكون كما قبلها، إذ باتت فرصة لاحتضان المزيد من الفعاليات الرياضية، فضلاً عن جذب رؤوس الأموال والمشاريع الاستثمارية.
ويقول خليل ندوم من الوفد الإعلامي الرسمي لدولة الكويت، خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “البطولة جمعت كافة أبناء الخليج في العراق بعد أكثر من 40 سنة فراق، واعتقد أن أهل البصرة مشتاقون لهكذا أجواء، وقد يكون كرم أهل البصرة غريبا على الآخرين، لكن ليس بالنسبة لنا، لذا كانت لدى الإعلاميين رغبة بأن يدخلوا ويكشفوا حياة المدينة من العمق”.
ويواصل ندوم، وهو نائب رئيس الصحافة الرياضية الآسيوية، أن “هناك من أعد تقريرا عن الأبلام والأنهر، وآخرين عن الكنائس والمساجد والمتاحف، فضلا عن المدن والأقضية كالزبير، وعن الأسواق الشعبية”، لافتا إلى أن “الكرم لم يكن على نطاق الجمهور الرياضي والمسؤولين وإنما على المستوى الشعبي وحتى داخل الأسواق والمجمعات والفنادق والمنازل”.
ويتوقع أن “البطولة أدت أهدافها كتلاحم خليجي كأسرة واحدة، ومن الطبيعي أن يعود العراق لمكانته الطبيعية بين أشقائه الخليجيين وفي قلوبهم، والشعب البصري ساهم في أن تكون عجلة الألفة الخليجية أسرع قياسا بالمحاولات السياسية السابقة”.
ويضيف ندوم، “نحن نحاول أن لا نترك أي شيء دون تغطية إعلامية، فقد ركبنا البلم وتمشينا في الكورنيش ونزلنا في المضايف ومستمرون في كشف أغوار المدينة وتقديمها للإعلام”.
وبدت بطولة “خليجي البصرة” مادة دسمة لوسائل الإعلام، إذ غطى الصحفيون العرب جوانب مختلفة من المدينة وولجوا إلى عوالمها الحضرية والريفية، فيما جرى إعداد تقارير متنوعة تناولت الفن والثقافة والسياحة في المدينة. ويعد برنامج المجلس في قناة الكاس القطرية أهم البرامج التي غطت البطولة بعدما نقل أستوديو متكاملا إلى البصرة، وضيّف شخصيات ثقافية وفنية على مدار أيام البطولة متناولا الحياة الاجتماعية للمدينة وإرثها الحضاري.
بينما يذكر حسن الأحمد مراسل قناة الكأس القطرية خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المشاركة بأي بطولة خليجية وغيرها ككأس العالم توجب أن نتعايش مع الحدث، وألا تكون التغطيات للمباريات داخل الملعب فقط، بل نقوم بجولات في البلد، واليوم نغطي المنافسات والشعب العراقي وطيبته وكرمه والأشياء الأخرى”.
ويضيف الأحمد، “حينما نتكلم عن العراق، نتكلم عن إرث تاريخي عظيم، وجدنا ركنا لشارع المتنبي الشهير في بغداد موجود هنا في البصرة وهو شارع الفراهيدي، نحن نبحث عن هذه الجوانب لصناعة تقارير معينة حولها، كما نعرج على الأكلات العراقية الشعبية الجميلة، ونتابع جوانب أخرى كالمواهب وغيرها وأصحاب الإعاقة ممن عوضهم الله بمهارات إضافية تميزوا بها، وذهبنا لتغطية الفنون بمختلف أشكالها التشكيلية والمسرحية والموسيقية، وجميع ما ذكر آنفا صنعت حوله تقارير وعرضت على شاشة قناة الكاس ما يعطي زحما للبطولة ويدعم نجاحها”.
ويتابع المراسل الصحفي، “عن نفسي وقد بلغت الـ30 من العمر، كنت فقط أستمع وأقرأ عن العراق، أما اليوم فقد سنحت لنا الفرصة لزيارة هذا البلد العظيم لأول مرة، ومهما قرأنا لن نتعايش مع ما تعرفنا عليه، إلا عندما نكون على أرض الواقع والإحساس المباشر، وكثيرا ما كنا نسمع عن العراق وشعبه وعظمته.. لكن الإحساس اليوم، بات واضحا بعد أن عشنا في البلد، ورغم الظروف العصيبة التي مر بها العراق من حروب ودمار وخراب إلا انه ينبض بالحياة والحضارة”.
ويؤكد الإعلامي القطري، أن “تذاكر العودة لبلدنا هي يوم 20 من الشهر الحالي ونتساءل في جلساتنا الخاصة هل من المعقول إننا سنغادر البصرة؟ الأيام تمر بسرعة ونحتاج إلى المزيد”، مشيرا إلى “العمل يبتدئ من الساعة الثانية عشرة ظهرا وينتهي عند الـ3 والنصف فجرا مع نهاية برنامج المجلس، ولولا موعد صلاة الفجر لاستمرت تغطياتنا على مدار اليوم”.
وعن تكرار هذه الزيارات، يضيف “وعدنا العراقيين والبصريين على وجه التحديد بأن زيارتنا لن تكون الأخيرة بل ستكون البداية لزيارات متتالية، لاسيما وان تنظيم البطولة في البصرة سيكون شمسا وإشراقا جديدا للمجلس الرياضي والسياحي والاقتصادي والاجتماعي في العراق”.
وشهدت البطولة حضورا إعلاميا كبيرا، إذ سجلت إحصائية نشرتها “العالم الجديد”، اليوم، أن عدد الإعلاميين العراقيين والعرب ومراسلي القنوات بلغ 2475 إعلاميا وهو رقم كبير قياسا ببطولات الخليج السابقة.
من جانبها، تتحدث ريم تيتون وهي صحفية ضمن الاتحاد الكويتي الوطني لكرة القدم، لـ”العالم الجديد” بالقول “لم اشعر أني غريبة عن البصرة وأجوائها كوني كنت مدعوة من قبل الاتحاد العراقي قبل 5 سنوات لرفع الحظر عن الملاعب العراقية من ضمن الوفد الذي جاب مدن العراق للاطلاع على مستوى الملاعب فيها، كنا نمضي بخطوات ثابتة وقتها لرفع الحظر عن ملاعب العراق”.
وتضيف تيتون أن “رؤية البطولة اليوم على أرض البصرة أشبه بالحلم الذي تحقق واليوم نشارككم هذا الحلم، رغم أن الكثير كان يستبعد أن تقام البطولة على ارض البصرة إلا أن الأمل كان موجوداً، وبعد أن تم الإعلان بشكل رسمي عن إقامة البطولة على ارض البصرة قررت أن أكون حاضرة”.
وتتابع أن “الجميع كانوا يمنعوني من الدخول للبصرة من باب الحرص والخوف علي، لكني اعمل وفق قاعدة المضي عكس التيار وقررت أن آتي وأشاهد بعيني حتى احكم بنفسي، واليوم أنا في غاية السعادة كون هذه البطولة لن تتكرر كون الشعب العراقي بشكل عام شعب مضياف ومحبوب وقريب، ركزت في تغطيتي الإعلامية على الجولات العفوية بين المواطنين في الأماكن العامة والأسواق الشعبية”.
وتواصل الصحفية الكويتية: “أينما اذهب أرى الناس ترحب بي وتود أن تحملني وتضيفني، وهاتفي لم يهدأ من الدعوات على وجبات الغذاء، ولم أشاهد كرما كالكرم الي شاهدناه من البصريين”، مشيرة إلى أن “الكثير من الكويتيين والكويتيات يقولون لي كنا لا نريد زيارة العراق لكن بعد مشاهدة تقاريرك وجولاتك الميدانية اختلفت رؤيتنا وعزمنا على زيارة العراق”.
وتكشف تيتون انه “خلال دخولي وعند الحدود المشتركة بين العراق والكويت التقيت بعوائل فيها أفراد يبكون اشتياقا كونهم لم يلتقوا بأقاربهم في العراق منذ سنين، فبعض العوائل الكويتية قدمت لزيارة أقاربها وبالتالي البطولة كانت السبب في ذلك”.
وتنظم بطولة كأس الخليج مرة كل عامين، وأقيمت النسخة الأولى منها في البحرين عام 1970، بينما استضافت قطر النسخة الأخيرة عام 2019 وتُوجت فيها البحرين باللقب الأول في تاريخها.
من جانبه، يتحدث سالم الحبسي، رئيس الاتحاد الخليجي للإعلام الرياضي، لـ”العالم الجديد” عن مشاهداته في البصرة، قائلا إن “تهيئة الملاعب كان بنسق عالمي، والحشد الجماهيري والشعبي، والزخم الإعلامي العراقي والخليجي والعربي أعطى للبطولة حقها واستحقاقها وسينقل مجرياتها بشكل كبير جدا للعالم، وأهل البصرة اخجلوا الجميع بكرمهم وحسن الاستقبال وتعاملهم مع الضيوف كأنهم أصحاب الدار، وهذا الكرم ركزنا عليه في تغطياتنا الإعلامية عن المجتمع بالبصرة بالأهمية ذاتها أو ربما أكبر من الاهتمام بتفاصيل مجريات المنافسات الكروية”.
بدورها، تؤكد سندس محمد من القناة السعودية، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التنظيم جدا رائع رغم بعض الملاحظات التي تعتبر طبيعية جدا ترافق أي تنظيم، وطبيعة الشعب ورحابتهم وطيبتهم كانت العلامة الفارقة في البطولة، والعراق قادم وبقوة إلى الوسط الخليجي بعد هذه البطولة في كافة الصعد سواء الرياضية أو السياحية وغيرها”.
ولم تكن محمد، تتوقع أن “تكون البطولة بهذا الشكل الرائع، كان هناك تحذير قبل مجيئنا لكن الواقع مختلف تماما، ولا نود مغادرة البصرة نتيجة جمالها وجمال شعبها، نقلنا الواقع والحياة البصرية عبر الرياضية والقناة السعودية، أعددت تقريرا من خروجي من الفندق حتى دخولي أحد المطاعم وتناولي بعد ذلك القهوة بكل أمان وأريحية وكان المشاهد يعيش مستوى الأمان في المحافظة”.
وتعتبر البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، وثاني أكبر مدنه من حيث عدد المساحة والثالثة بعدد السكان، كما تعدّ بوابة العراق البحرية، والمصدر الرئيس للنفط الخام الذي يعتمد العراق على بيعه.
ويفيد الصحفي الرياضي علي حنون، خلال حديث لـ”العالم الجديد” بأن “البطولة التي بانت ملامح نجاحها منذ حفل افتتاحها ستكون نقطة الجذب لرؤوس الأموال العربية وتحديدا الخليجية بعد أن رأوا الأمان والاستقرار، والبصرة بعد خليجي 25 ستكون مختلفة عن السابق، فهناك جوانب أخرى دخلت وبقوة برفقة الجانب الرياضي كالسياحة والثقافة والفن والفلكلور الشعبي”.
ويضيف حنون، “استطعنا أن نحشد الرأي العام الخليجي الذي يرسم بريشة المحبة والتفاؤل لنقل صورة ايجابية شفافة عن البصرة، والنشطاء في مواقع التواصل كان لهم الدور المهم في نقل الصورة الإيجابية”، لافتا إلى أن “بطولات الخليج السابقة كانت تركز على الجوانب الفنية للمنتخبات المشاركة لكن خليجي 25 جعل الوضع مغايرا، فمع التركيز على الجانب الفني للمختصين بالشأن الرياضي، كان للجماهير والشعب البصري دور مهم، والكرم الذي شاع صيته في البصرة هو بطبيعة الحال سجية العراقيين”.
ويتابع أن “البعض استشكل على أن الضيافة قد تعرقل الجانب الاقتصادي واستثمار المال القادم من الخارج، لكن هذه بداية تتطلب أن نقدم الشيء الكثير من اجل أن نحظى بالشيء الكثير في المستقبل، علينا أن نساهم في ضخ الأامور الايجابية من اجل أن تكون البصرة في قادمها زاهرة، والعديد من رجال أعمال الخليجيين فاتحوا جهات حكومية وغير حكومية من اجل أن يكون لهم حضور تجاري بعد خليجي 25.
وللمرة الأولى تشهد البصرة امتلاء الفنادق الرسمية وفنادق الخمس نجوم والشعبية بشكل تام دون وجود أي شاغر، في موسم أشبه بموسم الزيارات المليونية التي تشهدها كربلاء سنويا حينما تحتضن الملايين من الزائرين الوافدين من داخل وخارج العراق، وهو أمر لم يحدث سابقا في البصرة.
ويقول علي الكناني عميد كلية الفنون الجميلة في البصرة، خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “مهرجانا أقمناه على كورنيش شط العرب لدعم البطولة بمشاركة أقسام الكلية التربية الفنية والتشكيلي والموسيقى والسمعية والمرئية”.
ويضيف الكناني، أن “وكالة الأنباء السعودية الرسمية زارتنا واعدت تقريرا عن الكلية، كذلك كانت هناك زيارة وتغطية لقناة الكأس التي أعدت تقريرا في القناة عن الكلية ومبدعيها، كما استضاف برنامج المجلس ومقدمه خالد جاسم وأشاد بتميز جامعة البصرة بالحصول على مراكز متقدمة في تصنيف التايمز الآسيوي بحصول الجامعة على ميداليتين ذهبية وفضية في أوسكار التعليم العالي الذي أقيم مؤخرا في اليابان من بين أكثر من 500 جامعة منافسة”
وعبر عن سعادته، بـ”أصداء خليجي 25 التي نقلت للعالم حقيقة الشعب العراقي والبصري وغنى النفس والكرم، ولاحظنا أن البطولة لم تقتصر على الجانب الرياضي فحسب، بل اتسعت وتجاوزت كل الحدود وانفتحت على الأفق الثقافية والشعبية، هذه البطولة أعادت الثقة بأن العراق قادم وبقوة نحو استضافة بطولات ومحافل دولية مهمة”.
يذكر أن المشجعين من دول الخليج، تجولوا في البلد، وقد شوهدت عجلاتهم وخاصة التي تحمل لوحات تسجيل دولة الكويت في العاصمة بغداد، حيث زاروا أبرز معالمها.