أطاح الجيش المصري، مساء أمس الأربعاء، بالرئيس محمد مرسي، وذلك عقب اسبوع شهد تظاهرات كبيرة مناوئة للرئيس وأخرى مؤيدة له راح ضحيتها نحو 50 شخصاً تقريباً.
وعطل الجيش، في بيان تلاه وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، العمل بالدستور مؤقتاً.
وكلف رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور برئاسة البلاد مؤقتاً تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وفي معرض إعلانه عما وصفه بخريطة مستقبل لحل الأزمة في مصر، قال الفريق أول عبد الفتاح السياسي إنه سيتم تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية.
وتتضمن الخريطة الاهتمام بالشباب.
ولم يتطرق السيسي إلى مصير محمد مرسي، الذي تعني \”خطة المستقبل\”، أنه لم يعد رئيساً لمصر.
وعقب إعلان الخطة، عمت الفرحة ميدان التحرير الذي يحتشد فيه آلاف المعارضين لمرسي وجماعة الأخوان المسلمين.
واحتفلت حشود في انحاء القاهرة وهتفت بشعارات مؤيدة للجيش وأطلقت الالعاب النارية.
ولوح رجال ونساء وأطفال بالعلم المصري ونثرت الحلوى فوق المحتفلين الذين حمل بعضهم بعضاً على الأكتاف كما التقطت الأسر صوراً لها في ميدان التحرير مركز الاحتجاجات التي اجتذبت الملايين ضد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها.
وهتف الحشد قائلاً \”الجيش والشعب إيد واحدة\”.
وقبل نحو عامين شهد الميدان احتفالات مشابهة بعد الثورة التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك والتي مهدت الطريق أمام مرسي ليصبح أول رئيس منتخب بشكل حر في البلاد.
غير أن شعبية مرسي تراجعت خلال العام الذي تولى فيه السلطة واتهمه معارضوه الليبراليون واليساريون برفض التوصل إلى حلول وسط وبالفشل في التعامل مع مشكلات البلاد الاقتصادية والسياسية الملحة.
وقال عادل البنداري (45 عاما) وهو موظف علاقات عامة كان جالساً في مقهى قرب التحرير \”أطحنا بدكتاتور واليوم أطحنا بدكتاتور آخر. سنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر.. أصبحنا خبراء في ذلك الآن.\”
واضاف في حديث لوكالة فرانس برس \”سيكون هذا في ذهن الجيش أو أي سياسي في المستقبل.. لن يرغبوا في أن يلقوا نفس مصير مرسي أو مبارك.\”
ووصف هشام حجاج الذي يعمل مهندسا سقوط مرسي بأنه \”انتصار للشعب\”.
وقال \”هذا ليس انقلابا. انظروا إلى الناس في الشوارع. الناس قالت هذه ثورة.\”
وبسط المتظاهرون أعلاما كبيرة ورقصوا في حلقات وأطلقوا أبواقا عندما استمع الحشد إلى بيان الجيش.
وقال حسن عمار (22 عاما) وهو يحمل طفلته على كتفيه \”المصريون يقولون للعالم.. لا نخشى من أحد. هزمنا مرسي والحمد لله.\”
في غضون ذلك، قال بيان صادر عن صفحة الرئاسة التابعة للرئيس السابق محمد مرسي على فيسبوك إن \”الدكتور محمد مرسي يؤكد أن الإجراءات التي أعلنتها القيادة العامة للقوات المسلحة تمثل انقلاباً عسكرياً مكتمل الأركان وهو مرفوض جملة وتفصيلاً من كل أحرار الوطن الذي ناضلوا، لكي تتحول مصر إلى مجتمع مدني ديمقراطي\”.
وأضاف البيان أن \”الدكتور مرسي بصفته رئيساً للجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة يطالب جميع المواطنين، مدنيين وعسكريين قادة وجنوداً، الالتزام بالدستور والقانون وعدم الاستجابة لهذا الانقلاب، الذي يعيد مصر إلى الوراء والحفاظ على سلمية الأداء وتجنب التورط في دماء أبناء الوطن، وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ\”.
وقد أوقفت السلطات في وقت سابق بث عدد من القنوات التليفزيونية الموالية للرئيس محمد مرسي من بينها قناتي مصر 25.
ووصف موقع إخوان أون لاين، الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين، خطاب الجيش الذي ألقاه الفريق عبد الفتاح السيسي، بالمؤامرة على الشرعية، قائلا إنه \”انقلاب عسكري يهدر الإرادة الشعبية ويعيد مصر إلى الاستبداد\”.
وأضاف الموقع أن \”الملايين ترد بالاعتصام في ميادين مصر تأييدًا للشرعية\”، مُشيرا إلى أن \”علماء الدين يستنكرون الانقلاب ويؤكدون وجوب نصرة الرئيس المنتخب\”.
وفي خضم الأحداث المستارعة، كشف مصدر أمني مسؤول إن \”أجهزة الأمن بالجيزة قامت، بالقبض على الدكتور سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب السابق، رئيس حزب الحرية والعدالة، والدكتور رشاد بيومي، النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان المسلمين\”. ولم يكشف المصدر عن أسباب ضبط \”الكتاتني\” و\”بيومي\”.
إلى ذلك، بعث الملك عبد الله بن عبد العزيز برقية تهنئة للمستشار عدلي منصور بتولي رئاسة مصر مؤقتاً خلال المرحلة الانتقالية.
وقال خادم الحرمين الشريفين في برقية، مساء أمس الأربعاء، إن السعودية تشيد بدور رجال القوات المسلحة المصرية \”الذين أخرجوا مصر في هذه المرحلة من نفق، الله يعلم أبعاده وتداعياته، لكنها الحكمة والتعقل التي حفظت لكل الأطراف حقها في العملية السياسية، حسبما ورد في البرقية.
وأكد وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد على ثقة بلاده بأن شعب مصر قادر على تجاوز اللحظات الصعبة، وأشار إلى تطلع الإمارات إلى المزيد من التعاون مع مصر حكومة وشعباً، فيما رحب وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بإرادة الشعب المصري في التغيير.