في خضم التحديات التي تخوضها البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي، قررت المحكمة الاتحادية العليا، اليوم الثلاثاء، إصدار أمر ولائي بإيقاف تنفيذ تعديل قانون جوازات السفر لسنة 2015، والذي بموجبه يمنح جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة لأعضاء وعوائل المسؤولين في السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فيما أرجأت البت في دعوى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، بشأن اتفاقية خور عبدالله.
وذكر مصدر قضائي لـ”العالم الجديد”، إن “المحكمة الاتحادية العليا اصدرت أمراً ولائياً بإيقاف تنفيذ تعديل قانون جوازات السفر بناء على شكوى مقدمة من قبل وزير الخارجية فؤاد حسين على قانون التعديل الاول لقانون جوازات السفر رقم (32) لسنة 2015 “.
وأضاف أن “المحكمة الاتحادية العليا أجلت البت في دعوتي رئاستي الوزراء والجمهورية بخصوص مطالبة المحكمة بالعدول عن قرارها السابق بعدم دستورية المصادقة على اتفاقية خور عبدالله، إلى يوم 30 نيسان أبريل الجاري”.
وفي 14 نيسان أبريل الجاري، قدم كل من رئيس جمهورية العراق عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، طعنين منفصلين أمام المحكمة الاتحادية العليا في العراق على قرارها الذي أبطل القانون رقم 42 لسنة 2013 بشأن تصديق الاتفاقية بين حكومتي العراق والكويت الذي يقتضي تنظيم الملاحة في خور عبدالله مطالبين إياها بالعدول عنه وإعادة الاعتبار للاتفاقية المبرمة بين البلدين، مما أثار الجدل حول الأسباب وراء ذلك.
وتعد النقطة “162” التي توقف عندها ترسيم الحدود الدولية الصادر من مجلس الأمن في عام 1993 برقم 833، والذي اعتبر خور عبد الله خطاً حدوديّاً بين الدولتين، ويقع خور عبد الله شمال الخليج العربي بين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين، وشبه جزيرة الفاو العراقية.
وقال القاضي والوزير السابق وائل عبد اللطيف، في 20 نيسان أبريل الجاري، إن “اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت تشوبها مخالفات قانونية ودستورية جسيمة”، مشدداً على أن “قرار المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية سليم بنسبة 100% ولا يمكن الطعن فيه، باعتباره قراراً باتاً وملزماً للجميع”.
وأوضح ان “خور عبد الله عراقي صرف ولا علاقة للكويت به مطلقاً”، مشيراً إلى أن “جلسة البرلمان التي شهدت التصويت على الاتفاقية لم تكن قانونية، إذ لم يكن هناك نصاب قانوني كافٍ، حيث بلغ عدد النواب الحاضرين ما بين 75 إلى 80 نائباً فقط”.
وقال وزير خارجية الكويت، عبد الله اليحيا، في حينها إن قيام الدولة العراقية بالطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا ببغداد، على قرار الدولة السابق الذي أدى إلى أبطال تصديق اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت، هو “شأن عراقي داخلي”.
واتهم عدد من أعضاء البرلمان ، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بالتدخل لعرقلة تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله المبرمة مع الجانب الكويتي، وذلك استناداً إلى ما قالوا إنها وثيقة بحوزتهم.
وأعلن النواب عزمهم تقديم شكوى رسمية ضد رئيس الوزراء إلى الادعاء العام، على خلفية ما وصفوه بمخالفة قانونية لقرار صادر عن أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وتعتبر مسائل ترسيم الحدود بين الكويت والعراق من مسائل مصيرية عبر التاريخ بالنسبة لكلا الطرفين، نظراً لما اكتنفها من تطورات تاريخية نالت طابع الشد والجذب، وساهمت فيها التجاذبات التي سادت علاقات البلدين الجارين، ووصلت هذه التجاذبات لذروتها في أغسطس (آب) 1990 بالغزو العراقي للكويت، واستمرار آثاره من القضايا الثنائية العالقة حتى اليوم.
وإبان نظام الرئيس صدام حسين، اجتاح الجيش العراقي الكويت في الثاني من أغسطس 1990، وضم الدولة الصغيرة الغنية بالنفط إلى العراق، قبل أن يطرده تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بعد نحو 7 أشهر.
وإثر غزو الكويت، خضع العراق لحصار اقتصادي استمر 13 عاما، واضطر إلى دفع تعويضات حرب كبيرة للدولة الخليجية عبر الأمم المتحدة.
وأنهت بغداد بحلول العام 2021 دفع كامل التعويضات المترتبة عليها، أي أكثر من 52 مليار دولار، وذلك بعد أكثر من 30 عاما على غزو الكويت.
وحول قانون جوازات السفر، فقد صوت مجلس النواب، في كانون الثاني يناير، على مقترح قانون التعديل الاول لقانون جوازات السفر رقم (32) لسنة 2015 المقدم من لجنة الامن والدفاع بعد اضافته على جدول اعمال الجلسة، والذي جاء التزاما بما قضت به المحكمة الاتحادية العليا بموجب قرارها الصادر بالعدد (3/اتحادية/2023) في 21 /2/2023 وبغية تنظيم آلية منح جوازات السفر الدبلوماسية لأعضاء السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وغيرهم، ومن أجل تسهيل انجاز المهام والالتزامات الملقاة على عاتق المشمولين بأحكامه على أتم وجه.
ووفقا للقانون انه تمنح جوازات سفر دبلوماسية الى كل من (رئيس مجلس النواب، رئيس مجلس الاتحاد، رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيس المحكمة الاتحادية، رئيس برلمان الإقليم، رئيس الإقليم، رئيس مجلس وزراء الإقليم، رئيس محكمة التمييز، رئيس مجلس الدولة، رئيس جهاز الادعاء العام، رئيس هيئة الاشراف القضائي إضافة الى نوابهم وباقي المسؤولين وفق القانون.
الا ان المستغرب بهذا التعديل وفق مراقبون هو احتفاظ المتقاعدين من المناصب أعلاه بعد 9/4/2003 وازواجهم واولادهم الذين يعيلونهم قانونا من المقيمين معهم بجوازات سفرهم الدبلوماسية، ويمنح الجواز الدبلوماسي لمن لم يمنح له سابقاً.