في الوقت الذي يحاول فيه العراق تثبيت استقراره الهش وإعادة تحريك عجلة التنمية شبه المتوقّفة، تعود الاصطفافات الطائفية مجددا، بحجة الدين، لتؤجج مسائل مثيرة للخلاف داخل المجتمع العراقي بعد سنوات من اختفائها.
فبعد أن شهد العراق يوم أمس جُمعة طائفية بامتياز اثر دعوات سنية لإقرار ذكرى يوم سقيفة بني ساعدة كعطلة رسمية مضادة لإقرار ذكرى يوم الغدير عطلة مماثلة، يسعى البرلمان، اليوم السبت، للتصويت على قانون إعلان “عيد الغدير” عطلة رسمية في عموم العراق.
إذ قالت النائبة عن الإطار التنسيقي، زهرة البجاري، في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن ” الإطار سيعمل خلال جلسة البرلمان، اليوم، على تمرير مشروع قانون إعلان عيد الغدير عطلة رسمية في عموم العراق، ولا نعتقد هناك معارضة برلمانية لهذا القانون”.
وأضافت البجاري، أن “مشروع قانون إعلان عيد الغدير عطلة رسمية، سوف يمرر بمشاركة كل الكتل السياسية”، مبينة أنه “من خلال الحديث مع جميع الأطراف السياسية فلا يوجد اعتراض على القانون”.
وأشارت البجاري، إلى “وجود اعتراض لدى بعض النواب وهم قليل جداً، وفي حال وجود أي اعتراض سياسي، فالاطار التنسيقي يملك الأغلبية البرلمانية وسوف يعمل على تمرير القانون خلال جلسة اليوم”.
ودعا حازم الأعرجي خطيب صلاة الجمعة الموحّدة في بغداد أتباع التيار الصدري صاحب الدعوة لتلك الصلاة إلى مساندة مطلب زعيمهم مقتدى الصدر بإقرار عطلة يوم الغدير عبر الهُتاف “لبيك يا علي”، بينما لوّح عبدالوهاب السامرائي إمام وخطيب جامع أبي حنيفة في بغداد بالمطالبة بعطلة السقيفة في مقابل عطلة يوم الغدير.
وجدد زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، أمس الجمعة، دعوته الى اعضاء مجلس النواب للتصويت على جعل يوم الغدير عطلة رسمية، قائلا: “اذا صوت اعضاء البرلمان على هذا فاقدم لهم الشكر، وإن لم يصوتوا فسيكون بسنتهم وشيعتهم النبي محمد والامام علي خصمهم”.
وكان مقترح إقرار هذه العطلة قد صدر عن زعيم التيار الصدري الذي كتب في أبريل الماضي في منصة إكس أنه “بأمر من الشعب والأغلبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها، يجب على مجلس النواب تشريع قانون يجعل من الثامن عشر من شهر ذي الحجة، عيد الغدير، عطلة رسمية عامة لكل العراقيين بغض النظر عن انتمائهم وعقيدتهم”.
وترافق الجدل حول إقرار هذه العطلة، مع تواتر المؤشرات على عودة الصدر عن قراره السابق بمقاطعة الحياة السياسية واستعدادات تياره للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وينطوي الجدل بشأن يوم الغدير ويوم السقيفة بالذات، على محاذير توتّر استثنائي إذ تحيل المناسبتان على أصل الخلاف السياسي التاريخي بين السنّة والشيعة بشأن من منهما أحق بالخلافة.
وتقول الرواية الشيعية إنّ يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من كل عام وفق التقويم الهجري هو اليوم الذي خطب فيه النبي محمد خطبة في السنة العاشرة للهجرة في مكان يُسمى “غدير خم” عيّن بموجبها الإمام علي بن أبي طالب مولى للمسلمين من بعدها.
أمّا ذكرى سقيفة بني ساعدة فتحمل رمزية خاصّة لدى السنّة باعتبار أنّ السقيفة الموجودة في يثرب كانت قد ضمت اجتماعا لأنصار النبي محمّد إثر وفاته في السنة الحادية عشرة للهجرة أفضى إلى التوافق على شخص الصحابي أبي بكر الصديق خليفة على المسلمين.
ويتضمن جدول أعمال جلسة البرلمان اليوم السبت، مناقشة مشروع قانون العطلات الرسمية ومن ضمنها عطلة عيد الغدير التي تعثّرت مناقشتها في جلسة سابقة بسبب وجود اعتراضات شديدة عليها من قبل العديد من نواب المجلس.