لأول مرة يصوّت العراقيون في فنلندا دون الحاجة للسفر إلى الجارة الاسكندنافية السويد التي تضم جالية عراقية كبيرة. المركز الانتخابي الذي افتتح في هلسنكي ضم محطتين فقط، ويتبع إداريا إلى مكتب انتخابات السويد، كما هو الحال مع مكتب النرويج الذي يتبع السويد أيضا.
وما أثار الجدل حول هذا المركز ليس ما حصل يومي الاقتراع بالدرجة الأولى، بل ما رافق عملية افتتاحه التي بعد مجموعة طلبات تقدمت بها الهيئة التنسيقية للأحزاب العراقية، وشخصيات مستقلة، عبر قنوات رسمية ووسائل إعلام، لكن جميع تلك الطلبات رفضتها المفوضية العليا للانتخابات بحجة عدم وجود جالية عراقية كبيرة في فنلندا، وكان هذا الموقف ساريا حتى أسبوع الانتخابات الأخير.
السفارة العراقية في هلسنكي (العالم الجديد)
ومع استمرار المحاولات وقبل أسبوع من بدء الاقتراع وردت الموافقة بافتتاح مركز انتخابي في هلسنكي، حدث ذلك بعد أن حجز معظم العراقيين تذاكر سفر إلى العاصمة السويدية عبر البحر أو الجو، فضلا عن تفريغ أنفسهم لتلك المهمة لاسيما وأن كثيرا منهم يرتبطون بعمل.
الموافقة المتأخرة دفعت بعضهم إلى إلغاء الحجوزات مع تحملهم تكاليف الإلغاء، غير أن التطورات الدراماتيكية لم تقف عن هذا الحد، فما زاد الطين بلة هو قرار آخر من المفوضية صدر بعد يوم من الموافقة يؤكد إلغاء مركز اقتراع هلسنكي لعدم قدرة مكتب السويد على تغطية المواد اللازمة في عملية الاقتراع. وهنا ثارت ثائرة الجالية العراقية التي صبت جام غضبها على المؤسسات الرسمية ذات العلاقة.
وبعد إثارة الموضوع بقوة في وسائل الإعلام وتوالي ردود الأفعال، ومحاولة بعض الأطراف لملمة الموقف، أصدرت المفوضية قبل 3 أيام فقط من إجراء انتخابات الخارج قرارا جديدا بالموافقة على افتتاح مركز انتخابي!
تم تجهيز المركز بالمواد اللازمة من مكتب الدانمارك مع قدوم منسق المركز من بغداد، ومسؤول التدريب من ستوكهولم. هذه المعطيات فرضت جهودا استثنائية ومستعجلة جدا على الجميع من اجل إنجاح التجربة الانتخابية الأولى للعراقيين في فنلندا.
في يومين فقط هيأت جميع الظروف اللازمة لإنجاح العملية الانتخابية واستثمر مبنى السفارة العراقية الجميل في هلسنكي لتلك العملية، وبجهود استثنائية من مختلف الأطراف تمت العملية بنجاح رغم ذلك الإرباك ورغم حصول بعض الأخطاء البسيطة.
عملية العد والفرز التي أجريت بعد أيام من انتهاء الاقتراع (العالم الجديد)
ولأن مركز الاقتراع افتتح في مبنى السفارة العراقية، كما أن برقيات الموافقة والإلغاء كانت تصل من المفوضية عبر السفارة سألت \”العالم الجديد\” سعد جواد قنديل، سفير العراق في هلسنكي، عن ملابسات الموضوع فأجاب \”كانت تردنا كتب من المفوضية مرة بالموافقة وأخرى بالرفض، كلما وصلنا شيء نعلم الجالية به، ولكن لم نكتفِ بإعلان المفوضية إلغاء الموافقة بل حاولنا وعبر جهات مختلفة من خلال وزارة الخارجية، كذلك مفوضية الانتخابات بل حتى من خلال استثمار العلاقات الشخصية للسفير مع مكتب مفوضية السويد، وأثمرت الجهود عن افتتاح المركز، وحينما وصلت الموافقة الثانية من المفوضية حرصنا أيضا على التأكد من أن القرار نهائي قبل إعلانه للجالية وهذا ما حصل\”.
وعلق حازم البيرماني، عن دولة القانون، على ملابسات افتتاح المركز \”بعد الرفض، الموافقة والرفض تحركنا من خلال قنوات عديدة من اجل افتتاح المركز في فنلندا وقد نجحنا في تلك المساعي وبحمد الله افتتح المركز\”.
ردود أفعال العراقيين يومي الاقتراع كانت ايجابية من سير العملية لكنها ممتعضة جدا من الملابسات التي صاحبت افتتاح المركز وما حصل من إرباك، ما أجبر الكثير من عراقيي فنلندا إلى السفر للسويد خوفا من حصول أي مفاجآت تؤدي إلى إلغاء المركز، ومنهم الكاتب عباس العزاوي الذي عبر عن سروره بافتتاح المركز الانتخابي في فنلندا ولكن \”التردد الذي حصل قبل الافتتاح من موافقات ورفض أجبرني على السفر والانتخاب في السويد من أجل عدم المجازفة\” قال لـ\”العالم الجديد\”.
صباح عباس، عن حركة التغيير، قال لـ\”العالم الجديد\”.. \”تغمرنا الفرحة لأنها المرة الأولى التي يفتح فيها مركز انتخابي في فنلندا، رغم بعض الملاحظات هنا وهناك، وخصوصا ما سبق افتتاح المركز من لغط، على المفوضية أن تقرر ذلك مبكرا لكي تكون الأمور واضحة عند الجميع ونتلافى الخسائر التي ترتبت نتيجة حجوزات السفر\”.
نتائج المركز
ووقف العراقيون يومي 27 نيسان الماضي بطابور طويل أجبرهم على الانتظار لساعتين أو ثلاث قبل الإدلاء بأصواتهم. واقتصرت مشكلات يومي الاقتراع على إشكالات في الأوراق الرسمية، أو التعارض بين محل صدور الأوراق الرسمية ورغبة الناخب بالتصويت في مدن أخرى.
وذكر يوسف أبو الفوز، ممثل الحزب الشيوعي العراقي في فنلندا، أنه \”بالرغم من أن هناك من اعتبر فتح المركز الانتخابي بهذا الشكل المستعجل والمتضارب بالقرارات شكلا من تآمر لإحراج السفارة بسبب ضيق الوقت، إلا أن الجهود أثمرت بفتح المركز، وقد بذل الأخوة موظفو المفوضية جهودا مشكورة لإتمام عمليات التدريب والتحضير بأسرع ما يمكن\”.
وتابع \”يمكن القول انه لا يمكن لأي جهة ما أن تنسب فتح المركز لنفسها ولجهودها المنفردة فقد تعاون الجميع من أحزاب وسفارة عراقية وشخصيات مستقلة وحتى أحزاب عراقية في السويد والدانمارك لأجل المساهمة في فتح المركز، وإذا كان لابد من توجيه شكر فهو لأبناء الجالية العراقية الذين حضروا من مختلف المدن والمناطق للمساهمة في الانتخابات وإنجاحها بغض النظر عن نتائجها، حتى وان كانت مشاركتهم بنسب متدنية\”.
ويظهر جدول تنشره \”العالم الجديد\” تفضيل الناخبين في فنلندا لائتلاف دولة القانون على بقية الكيانات.